صراحة نيوز – استضاف منتدى الفكر العربي، مساء امس الأحد أستاذ العلوم السياسية والدراسات الدولية في الجامعة الأردنية أ.د. عبد الله النقرش في محاضرة بعنوان “أبعاد المشروع السياسي الأردني الوطني والقومي والدولي”، تناول فيه هذا المشروع بما هو دولة لها طبيعتها ومكوناتها ودورها؛ مشيراً إلى أن الدولة الأردنية وماهيتها ترتبط بالشأن القومي العربي تاريخاً وحضارة وواقعاً.
أدار اللقاء الأمين العام لمنتدى الفكر العربي والوزير الأسبق د. محمد أبوحمور، الذي أشار في كلمته إلى أن الأردن منذ نشأة الدولة الحديثة، ولا يزال، يعيش وسط محيط عاصف بالأحداث، بحكم موقعه الجيوسياسي، والتحديات التي فرضتها المشروعات الخارجية على المنطقة، فيما ظلت هذه الدولة ملتزمة بمبادىء مشروعها السياسي الوطني والقومي، وتعاملت القيادة الهاشمية منذ بدايات تكوين الدولة بحكمة وكفاءة بمستوىً عالٍ مع المعطيات في الواقع السياسي الإقليمي والدولي، وظل المشروع السياسي الأردني، عبر حقبة ستبلغ المئة عام بعد سنتين، محافظاً على المبادىء التي هي مبادىء النهضة العربية الكبرى كحاضنة فكرية يجمع عليها الأردنيون جميعاً.
كما أشار د. أبوحمور إلى أهمية التحليل السياسي التاريخي لماهية الدولة الأردنية ومكوناتها، وقال إنه من المهم عند النظر إلى الظروف السياسية الإقليمية والدولية بكل ما فيها من تحولات ومؤشرات حالية ومستقبلية، النظر إلى الذات واستنباط عناصر القوة والاستمرار والنجاح في مواجهة التحديات من التجربة التاريخية أيضاً.
وأوضح أ.د. عبد الله النقرش أن التفاعل التاريخي والسياسي بين مجموعة المشاريع الاستراتيجية التي ساهمت في تشكيل وتبلور حقائق الواقع السياسي الإقليمي في منطقة المشرق العربي خلال الربع الأول من القرن العشرين، أبرزت أن التاريخ السياسي محكوم بالفعل الموضوعي، والسيرورة التاريخية تدفع بكل مشروع باتجاه ما هو متاح من فرص وما تسمح به حقائق الواقع من إنجازات. من هنا انحسر المشروع البريطاني للدولة المنتدبة بعد الحرب العالمية الأولى حتى أصبح حالة تاريخية فيما هي عليه اليوم، وانحسر المشروع الإمبريالي الصهيوني ليصبح مأزوماً في فلسطين، وتماهى المشروع الوطني والسياسي الأردني بتحالفه مع المشروع السياسي الهاشمي المنبثق من فكر النهضة العربية.
وأضاف د. النقرش أنه في حالات التحديات الكبرى التي تواجه الدولة الأردنية، يحتضن المشروع الوطني للقوى السياسية والاجتماعية المشروع السياسي ويصلّب عوده في مقاومة التحديات ويمكنه من تجاوزها، وقد حدث ذلك أكثر من مرة منذ عام 1948 وحتى أحداث الربيع العربي وتداعياتها في الفترة الأخيرة؛ مشيراً إلى أن التوافق التاريخي بين المشروع الوطني والمشروع السياسي، أدى إلى أن تكون الإيجابية هي سمة التفكير السياسي للدولة، والتي هي إيجابية غالبة على السلوك العام لها. كما قام الفكر السياسي للنظام والمجتمع في سياقه التاريخي الاجتماعي على تبني رؤى وسياسات إيجابية إزاء الإقليم وقضاياه وإزاء العالم الآخر، ولا سيما القضايا الإنسانية الكبرى.
وبيّن د. النقرش أن الحل التوفيقي دستورياً كان هو الأنجح في تكوين وإدارة مؤسسات الدولة، وأن البنية السكانية الأردنية كمعطى ثابت وأساس لتوزيع الأدوار والمكاسب أدت إلى تأمين حد معقول من الاستقرار، فيما لم تؤثر مظاهر التحديث واتساع نطاق التعليم في الأردن وانفتاحه على العالم الخارجي وغير ذلك من العوامل، على المكونات الرئيسية للثقافة السياسية للمجتمع الأردني. وأن ماهية الدولة الأردنية تأتي أساساً من كونها مشروعاً توافقياً وطنياً بالدرجة الأولى.
وفي تحليله للمسألة الديمقراطية في الأردن، قال د. النقرش: إنها من جهة ديمقراطية منضبطة وموجهة وتوفيقية، ومن جهة أخرى مؤسسية مُدارة بانفتاح محسوب، وتوفر الفرص والوسائل للجميع لكي يتمكن الجميع من المشاركة في العملية السياسية، وهي الإطار العام الذي يضبط هذه العملية ويتيح الشرعية لأكثر القرارات إثارة للنقاش.