اعتبر عميد كلية الإعلام السابق في جامعة البترا الدكتور تيسير أبو عرجة أن وسائل التواصل الاجتماعي بالرغم من سلبياتها تعد الوسيلة الأكثر تأثيراً في الرأي العام، بعدما فتحت الباب أمام مساحات تعبيرية غير محدودة، مضيفًا أن الصحافة الورقية تراجعت أمام صحافة الإنترنت، كما أنها أثرت على الفنون الصحفية وعلى مساقات تدريس الإعلام.
وأشار أبو عرجة خلال محاضرة له بعنوان “منصات التواصل الاجتماعي تحاصر الإعلام التقليدي” استضافها نادي جامعة البترا إلى أن الصحافة الورقية تعاني بسبب سطوة التواصل الاجتماعي والإعلام الرقمي، والتكلفة الباهظة للإصدار والطباعة والأوضاع الاقتصادية وضعف المداخيل الإعلانية، قائلا هناك “انخفض توزيع الجرائد اليومية الأردنية الرئيسية ودخلت في أزمات ماليّة وإعلانية، وهناك صحف عربية يومية مرموقة توقفّت نهائيّاً مكتفية بالنسخة الإلكترونية مثل السفير والنهار في لبنان”.
وقال أبو عرجة إن “الصحف الورقية تستطيع الاستمرار، لكنها بحاجة إلى من ينفق عليها ويدعمها إلى أن ترتبّ أوضاعها الداخلية وتبحث في سبل قدرتها على الاستمرار”.
وبين أبو عرجة أن قوة تأثير وسائل التواصل الاجتماعي تأتي من قدرتها على إثارة القضايا، وكذلك تأثيرها في صناعة القرار، وقدرتها الرقابيّة، قائلا “لم تعد هناك معلومة أو تصرف أو سياسة في إطار السرية”، وأحيانا تكون هناك قضايا رأي عام مؤثرة على التواصل الاجتماعي، ليس بمقدور الإعلام التقليدي الخوض فيها”.
وتناول أبو عرجة التغيرات التي طرأت على مفاهيم علوم الاتصال والإعلام بفعل ثورة الاتصالات قائلا “لحق التأثير بكل شيء، ببنية النص والعنوان والصورة والتأثير والتلقّي والصلة مع الجمهور”.
وأشار أبو عرجة إلى أن وسائل الإعلام “لم تعد مقتصرة على النطاق المحلي في إذاعة الوطن وجريدة العاصمة ومحطة تلفزيون البلاد”، قائلا “إنك تستلم رسائل الإنترنت من كل بقاع الأرض، وباللغة التي تعرفها”.
وأضاف أبو عرجة “كان لدينا الجمهور العام الذي يستقبل بث الراديو والتلفزيون، ولكنه لم يكن يملك، في الأغلب الأعّم، إمكانية رجع الصدى أو التغذية الراجعة، والآن أصبح هذا الجمهور الواسع، الذي يستخدم التواصل الاجتماعي، بالمساحات التعبيرية غير المحدودة”.
وأشار أبو عرجة إلى أن وسائل التواصل على الإنترنت أثرّت في تدريس مساقات الإعلام ومناهجه فأصبح التوجه حالياً نحو التطوير إلى عالم الإعلام الرقمي، قائلا “الفكر باقٍ، واللغة باقية، والرسالة الإعلامية لا غنى عنها، لكن الأداة تتغير”.
واستطردت أبو عرجة أثر وسائل التواصل الاجتماعي على الفنون الصحفية، قائلا “هناك خسارة لبعض لفنون، لأن الصحف الرقمية والتواصل الاجتماعي ليس بمقدورهما إجراء التحقيقات الصحفية ولا نجد فيها تلك الحرفية الإعلامية المعهودة. ونجدُ أحياناً صعوبةً لدى الكتاب في اختيار اللفظ المحتشم”.
وتناول أبو عرجة ما وصفه بالأداء السلبي لوسائل التواصل الاجتماعي قائلا “نجدُ أداءً سلبياً يتصل بالحديث المتكرر عن الجريمة وانتشار الجرائم بما يعمل على إشاعة مُناخ من عدم الاستقرار، وكذلك، نَشرُ فيديوهاتٍ قديمةٍ أو مفبركةٍ وربطها بحوادث آنيّةٍ في مجتمعنا، إضافة إلى الُجموح المنفلتِ في نشر المعلومة غير الموثقة، والسرعةِ في بث الأخبار قبل التيقّن من سلامتها ودقتّها، إضافة إلى بروزٍ واضحٍ لعقلية راغبة في النميمة والتشفّي”.
وأشار أبو عرجة إلى وجود “إشكالية جدليّة” في موضوع اللغة العربية، قائلا “هناك تهديد يطال الفصحى لتفشيّ العامية، وبالمقابل توجد فرصة للفصحى أن تنتعش بالممارسة اللحظيّة المتصلة والتصنيع اللغوي وسكّ المفردات”.