قصة حقيقية … هل تُحرك وجدان ومشاعر رئيس الحكومة

دولة الرزاز

15 يوليو 2020
قصة حقيقية … هل تُحرك وجدان ومشاعر رئيس الحكومة

صراحة نيوز – كتب  الدكتور محمد العكور على صفحته المقالة ادناه والتي نعيد  نشرها بدون تصرف لا زيادة ولا نقصان أملين ان تصل صاحب الولاية رئيس الحكومة الدكتور عمر الرزاز عسى ان تُحرك وجدانه ومشاعره 

أربعة دنانير…ألا لعنة الله على الظالمين
لقد خفتُ أن تطبق السماء علينا اليوم حينما وقفتُ عند الصراف الآلي للبنك الإسلامي في الحصن ، حيث جاء رجلٌ ستّينيّ وقور صبيح الوجه ، أضاء الشيبُ محيّاه ، وأثقل الخجلُ خطواته نحو الصراف الآلي…
سألني مُتلعثم اللسان متواريا بهدوء : راتبي لم يبق منه سوى أربعة دنانير والصراف يرفض السحب ، فهل يجوز أن أودع دينارا لأسحب خمسة دنانير لأنه لا يوجد في بيتي سوى هذا الدينار ، وتسابقت دموعه على خدّه تشكو ما يعانيه في تلك اللحظة الحرجة ،ويحاول منعها ، لكن القهر أقوى من إرادته ، والألم أعمق من رجولته ، فكيف به يعود إلى بيته خاويا ، وفي البيت بطون تقرقر، وأجساد فتك بها الهمّ ، حتى باتت تلك الدنانير أملا ومخرجا…
هنا شعرتُ بأنني جزء من منظومة القهر التي تسلّط سيوفها على رقاب هؤلاء الأخفياء الأنقياء…شعرت بأن الأرض تشمئز من وقوفي عليها ، وبحانبي رجل يرجو الله مخلصا أن تبتلعه تلك الأرض المقهورة…
من الذي أوصل هذا الأردني الذي سلخ عمره في خدمة البلاد ، حتى شارف على العجز محكوما براتب زهيد لا يكفيه طعامه وشرابه ….
من الذي سلبَ هذا الأردني الذي روى بعرق جبينه تراب الوطن ، وبنى بساعده المرتجفة سياج البلاد…..
من المسؤول عن هذا وغيره الكثير من المغمورين المقهورين ، وما زالوا يقبضون على جمر الوطنية صابرين….
وسريعا أجد الجواب القاتل …إنهم أصحاب الألقاب القميئة التي اوردتنا المهالك ، إنهم صلعان الديجيتال الغرباء ، وخفافيش هارفارد ، وفئران الهيئات المستقلة ، ونواب العطاءات الخونة ، وأعيان المكافآت المتخمون ، وتجار الأزمات ، وذيول التسحيج الذين لا يتركون فاسدا إلا وقدّموا بين يديه القرابين ، فبه تزهو المناصب ، وله تحلو المكاسب ، وليس لهم على أعتابه سوى بعض الطبيخ والفتات على مائدته التي جاء بها السحتُ والحرام البغيض….
أربعة دنانير في حسابه فقط ، لأنه أردني شريف ، لم يسرق ، ولم يغش، ولم ينافق ، ولم يرتشِ ، فعاش موظفا مخلصا شريفا ، وتقاعد فقيرا معدما ، وهذه حال أغلب هذا الشعب المسكين…..
أربعة دنانير فقط ، لأن اللصوص لم يتركوا عجرا ولا بجرا إلا خرقوه … ولم يتركوا بيت مدر ولا وبر إلا وأهدروا كرامته بالفقر والحرمان…تسلّلوا في خفية إلى كل جيب ، وفضحوا كل عيب ، لا يرقبون في هذا الشعب إلاّ ولا ذمّة ، يأكلون ولا يشبعون ، ويفسقون ولا يخجلون ….وكيف لا يكون ذلك والناس ما زالت ترقص لهم حتى أصغرِهم…فقد وصلنا إلى حضيض من الهوان إلى درجة مقايضة المبادئ والقيم بالمصالح واللقم….وبعدها سنكون جميعنا كصاحب الدنانير الأربعة ….حمى الله بلادنا من كل سوء…

 

الاخبار العاجلة