صراحة نيوز – بقلم عوض ضيف الله الملاحمه
ما الذي يحصل !؟ مالذي يحدث !؟ يا ناس ، يا بشر ، يا مواطنين ، يا أهلنا ، يا شعبنا ، شبعنا مآسي ، أُتخمنا نكبات ، ذبحتنا الويلات ، ما هذا العدد المخيف من الوفيات !؟ أشعر وكأننا قطيع من خِراف ، مربوطة في ( الرِبِقْ) كالضحايا المحجوزة للذبح ، والتضحية عليها في عيد الاضحى ، لكن العيد لم ياتِ وسبقه الموت .
أولاً :- أحدهم يشتكي من انه وصله رسالتين كنتيجة لفحص الكورونا ، نفس العينة ، بنفس الوقت ، ونفس المختبر ، ونفس الفني ، ويأتيه رسالتين نصيتين على نفس هاتفه الخلوي ، رسالة تؤكد بان النتيجة سلبية ، والرسالة الثانية على نفس الهاتف ، تؤكد له بان النتيجة إيجابية ، وانه مصاب بفايروس الكورونا ، كيف هذا !؟ وماذا يمكنه ان يفعل !؟ واثناء الحوار اخبرني بانه اتصل مع الطبيب الذي أخذ له العينة ، ليستفسر عن سبب التناقض ، رد عليه الطبيب وبالحرف : بانه لا يعلم وان النتيجة ارسلت من عمان . ولكونه ابن عمي ، إتصل بي حائراً ، متشككاً ، متخوفاً ، لا بل مرعوباً ، وقال لي ماذا افعل !؟ نصحته ان يذهب لمختبر من القطاع الخاص ، شريطة ان يتأكد من مستوى المختبر .
ثانياً :- وآخر ، إتصل به صديقه من السعودية ، يقول له ما الذي يحصل في الاردن !؟ رد عليه : كل خير والحمد لله . قال له يا رجل توفي لنا هذا اليوم اثنان رجل وإمرأة ، بعد دخولهما المستشفى باربعٍ وعشرين ساعة ، وبعد ان تم تشخيصهما بانهما مصابان في الكورونا . رد عليه قائلاً : الأعمار بيد الله ، والكورونا تحصد الارواح ، طالما لم نصل الى لقاح ، او علاج للوباء . قال له : ونِعمَ بالله ، ونرضى بكل اقداره ، لكن ماهي الإبرة التي تُعطى لمرضى الكورونا أول دخولهم المستشفى !؟ والتي فارقا الحياة بعدها ب ( ٢٤ ) ساعة !؟ …..الخ . (( الأمانة تقتضي ان أُشير الى انني اقتبست هذه الفقرة فقط ، من مقال للدكتور / ماجد الخواجا ، لتأثري بمشاعر المغترب عندما يُفجع بوفاة عزيز )).
ثالثاً :- ما الذي يحصل في وضعنا الصحي ، ما الذي يحصل في وزراة الصحة !؟ أحالوا الكثير من اطباء الاختصاص على التقاعد ، وانتدبوا اطباء جدد لاستكمال تخصصاتهم ، ولم يتبقَ على إستكمال تخصصاتهم الا بضعة شهور ، وتم استدعائهم ، والطلب منهم مباشرة العمل في المستشفيات الميدانية !؟ بداية تخصصاتهم ليس لها علاقة في مرض الكورونا ، ولا بطرق معالجته ، حيث انهم متخصصون في عدة تخصصات طبيه منها على سبيل المثال : طب قلب الاطفال . لماذا يتم استدعائهم للقيام بعمل ليس من تخصصهم !؟ وماذا يمكنهم ان يعملوا وبماذا يمكنهم ان يساعدوا !؟ ولماذا يخسر الوطن استكمالهم لتخصصاتهم !؟ خاصة وانهم سيلتحقون في وزارة الصحة التي هُم من كوادرها ليرفدوا الكادر بتخصصاتهم المهمة كتخصص طب قلب الاطفال !؟ والمعيب ان المسؤولين في وزارة الصحة ابلغوهم بان مدة خدمتهم في المستشفيات الميدانية ستحتسب من مدة تخصصاتهم !؟ والله انه شيء مُعيب ان يصدر هكذا قرار من أطباء مسؤولين ، لان ما اعتبروه تشجيعاً للاطباء المتدربين فيه ضرر كبير على تمكنهم من تخصصاتهم ، وعليهم ان يدركوا بانهم اطباء وليسوا جنوداً او موظفون مدنيون ليتم تشجيعهم باحتساب خدمتهم الميدانية . يا مسؤولين وزارة الصحة هؤلاء أطباء ، يخضعون لدورة تدريبية في تخصصات دقيقة ، والطبيب في مثل هذه الدورات يتمنى لو تطول فترة التدريب ليتمكن من تخصصه ، لا ان تَقصُر مدتها ، هذا طب ، وما تعرضونه لا يستقيم ولا يصح حتى مع من يتدرب على سياقة السيارات ، فكيف مع الطب !؟ أعتقد ، لا بل أكاد أحزم ان من اقترح عذا الاقتراح لا يمكن ان يكون طبيباً . هذا بمنتهى البساطة تخبط في ادارة وزراة الصحة سيؤدي الى تفريغ الوزراة من كوادرها . كما على وزارة الصحة ان تدرك ، لا بل يجب ان لا يغيب عن بالها لحظة بان هناك امراضاً غير فايروس كورونا ، وهناك مرضى غير مرضى الكورونا ، هل من المنطق ان نُهمل المرضى بالامراض الاخرى ، لتتراكم الويلات على الوطن والمواطنين !؟ وهل عدد الوفيات قليل ومحدود ، لدرجة يمكن للوطن ان يُضحي بالمرضى المصابون بالامراض الاخرى !؟ الرجوع عن الخطأ فضيلة ، وتصحيح القرار الاداري الجائر سلوك اداريٌ راقي . فلتصوب وزراة الصحة قراراتها الخاطئة ، ولتبتعد عن التخبط في ادارة الوطن ، ولتصحح مسار قراراتها الادارية العشوائية ، حتى لا تزيد الطين بِله .
رابعاً :- واشتكى لي طلبة آخرون ، درسوا تخصص ( الإسعاف الطبي المتخصص ) في كلية الأمير حسين للحماية المدنية ، التي اعتُبر انشاؤها علامة ايجابية فارقة في اعداد كوادر الاسعاف والطواريء على مستوى الوطن ، وهاهم خريجوها الذين يبلغ عددهم نحو ( ٥٠٠ ) عاطلون عن العمل منذ سنوات ، كيف يصح هذا يا وزارة الصحة ، ويا كل الهيئات الرسمية ذات العلاقة ، الى أين يذهب هؤلاء !؟ واذا لم يتم توظيفهم في ظرف الجائحة للاستفادة منهم ، متى يتم تعيينهم لسد النقص الشديد في الكوادر الطبية ، ولتعويض جزء من ال ( ٣,٢٠٠ ) من الكوادر الصحية الذين أصيبوا بالفايروس نتيجة عدم تزويدهم بالاحتياطات اللازمة . تصوروا معي : طلبة تخصصهم ( إسعاف طبي متخصص ) ولا يتم تعيينهم في هذا الظرف الصحي العصيب !!؟؟
وصلنا الدمار ، والوفيات يومياً بالعشرات ، وتكاد تطاول المئات ، ويبدو ان مصيبتنا اصبحت مصائب . وفيات الكورونا عددها مُرعب ، ويبدو ان تخبط القرارت في وزراة الصحة نتج عنه زيادة في الوفيات بالامراض الاخرى ، وها هي توقف اطباء عن استكمال تخصصاتهم ليرفدوا كوادر الوزارة وتحولهم للعمل الميداني في المستشفيات المخصصة لمعالجة الكورونا ، مع ان تخصصاتهم ليست ذات صلة بها . وعليه اصبح الناس يطرحون أسئلة متشككة : من الجَزّْار !؟ من اللحَّام !؟ من السَلّاخ !؟ من الذَبَّاح !؟ نحن لسنا بِخِرَاف ، ولا تجوز التضحية علينا وبِنا ، وحتى لو تم التَجبُّر علينا واقناعنا باننا خِراف ونصلح لان نكون ضحايا ، نتوسل ، ونرجو التنبه الى ان عيد الأضحى لم يأتِ بَعْدُ . الله المستعان على هكذا زمان ، وهكذا تخبط من المسؤولين ، ولتعلموا انه ليس هكذا تُدار الأوطان .