* د.الدويري: المدرسة السلوكية في الاقتصاد من أكثر المدارس تأثيراً في مجال صنع السياسات العامة
* د.أبو حمّور: الاقتصاد السلوكي ينبثق من سلوك المستهلك والمنتج والمجتمع خاصة في ظل الثورة الصناعية الرابعة
* د.عبادة: استخدام الوكز السلوكي يساهم في التنمية وتحقيق الأهداف المجتمعية
* د.النوباني: تأثير وسائل التواصل الإجتماعي أثر على الرشد والعقلانية في التعامل مع الجائحة
* د.صقر: الاقتصاد السلوكي يركز عملياً على توفير سياسات تحفيزية وبدائل فعالة لإعادة توجيه السلوك الإنساني
صراحة نيوز – عقد منتدى الفكر العربي، يوم الأحد 12/12/2021، لقاءً حوارياً عبر تقنية الاتصال المرئي، حاضر فيه الإعلامي في إذاعة القرآن الكريم وعضو رابطة علماء الأردن د. زايد الدويري حول “تطبيقات الاقتصاد السلوكي في الأردن في ظل جائحة كورونا”، وشارك بالمداخلات، في هذا اللقاء الذي أدراه الوزير الأسبق وأمين عام المنتدى د. محمد أبو حمّور، كل من: أستاذ الاقتصاد والمصارف الإسلامية في جامعة عجلون الوطنية د.إبراهيم عبادة معقباً، وخبيرة الاقتصاد الإسلامي د. خولة النوباني، ومستشار التخطيط الاستراتيجي والتميز في جامعة الكويت د.عماد صقر.
أوضَح المُحاضر د.زايد الدويري أن المدرسة السلوكية في الاقتصاد من أكثر المدارس تأثيراً في مجال صنع السياسات العامة، وتقوم هذه المدرسة على المزج بين علم الاقتصاد وعلم النفس من أجل فهم سلوك الأفراد عندما يتم اتخاذ القرارات، وتعتمد هذه المدرسة على نظرية الوكز أو التنبيه.
وأشار د.الدويري إلى أن جائحة كورونا ألقت بظلالها على دول العالم كافة، مما فرض حاجة ماسة لاستخدام الاقتصاد السلوكي في التعامل مع تداعيات الجائحة، مبيناً أن المدخل لذلك هو الإجماع على نشر الوعي وإقناع الناس بالإجراءات المتخذة لتلافي الآثار السلبية لكورونا، مما يتطلب أن يكون الخطاب النفسي للحكومات سواءً بطريقة مباشرة أو غير مباشرة متوازياً مع الإجراءات الاقتصادية والصحية وغيرها، وهذا هو مضمون الاقتصاد السلوكي (الوكز) والذي يهدف إلى تغيير سلوك الناس.
ناقش المتداخلون أهمية تطبيق الاقتصاد السلوكي في قطاعات التنمية كافة، مشيرين إلى التجربة الأردنية في استخدامها للاقتصاد السلوكي للتعامل مع جائحة كورونا وآثارها على الاقتصاد والصحة الجسدية والنفسية للأفراد، كما أوضحوا آليات عمل وتفعيل وحدة التوجيه السلوكي للتعامل مع التغيرات التي تحدث في القطاعات كافة.
وأكد المتداخلون ضرورة إنشاء وحدة توجيه سلوكي في الأردن، والعمل على تطوير أبحاث ودراسات علمية متعلقة بالاقتصاد السلوكي لدراسة سلوكيات الأفراد في مختلف القطاعات، وإشراك هذه الوحدة في صنع القرار وتقييم السياسات العامة للوصول إلى التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
التفاصيل:
أوضح الإعلامي في إذاعة القرآن الكريم وعضو رابطة علماء الأردن د.زايد الدويري أن التجربة الأردنية في استخدام تطبيقات الاقتصاد السلوكي في القطاع الصحي في ظل جائحة كورونا بدأت بإقناع المواطنين بوجود فيروس كورونا، وضرورة الإلتزام بالإجراءات والتقييدات أولاً، ثم العمل على ترويج اللقاحات والمطاعيم لأكبر عدد ممكن بنسبة 60% من العدد الكلي للسكان، وبحسب إحصاءات وزارة الصحة فقد وصل عدد المسجلين على المنصة لتلقي اللقاح (4.554.399)، بينما وصل عدد المطعمين بجرعة أولى إلى (4.214.160)، ووصل عدد المطعمين جرعة ثانية (3.808.336)، مما يعني نجاح الجهود الحكومية في عملية توجيه وأخذ اللقاح للفئة المستهدفة ولو بشكل متأخر نسبياً، مبيناً أن الأبعاد السلوكية والنفسية هي المؤثر الأول على عملية اتخاذ القرار عند الأفراد.
وبين د.الدويري أن التغير السلوكي للأفراد يستند إلى مجموعة من التحيزات التي تتحكم في فهم السلوك البشري وتغييره وهي تحيزات منظمة وعديدة ومنها الإنحراف عن العقلانية في الحكم على الأمور مما يؤثر على عملية اتخاذ القرار. وفي الأردن بدأت هذه التحيزات بالظهور منذ وصول الجائحة وانتهاءً بعملية التطعيم وإعطاء الجرعة المعززة، ومن هذه التحيزات انحياز الانتماء إلى المجموعة، وانحياز الثقة المفرطة، والانحياز التأكيدي، وانحياز التوافر الإرشادي، وانحياز الإدراك المتأخر، وانحياز التفاؤل.
وقال د.الدويري: إن الحكومة الأردنية قامت باتباع العديد من الأدوات والمسارات لتغيير سلوكيات وتصرفات المواطنين في التعامل مع جائحة كورونا واللقاحات من خلال تغيير الأعراف المجتمعية، وتغيير الوعي المجتمعي، وتغيير البيئة المجتمعية، وتغيير بعض التشريعات والقوانين، إضافة إلى إصدار أوامر دفاع وإجراء إصلاحات واسعة، والعمل على إجراءات تحفيزية تتوافق مع مضمون الاقتصاد السلوكي من أجل تلقي اللقاحات، مثل إعلان المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي تحفيز الأردنيين لتلقي اللقاح، وتسهيل إجراءات التطعيم من خلال خدمة التطعيم بالسيارة، وفرض عقوبات لمخالفي ارتداء الكمامات، إلا أن مسار الحكومة في استخدام الاقتصاد السلوكي يحتاج إلى مزيد من التعزيز والتطوير.
وأشار د.الدويري إلى أن التضليل المعرفي من قبل وسائل التواصل الإجتماعي، والبخل المعرفي في البحث عن المعلومة من قبل الأفراد من أهم أسباب تراخي الناس وعدم الالتزام بالإجراءات الصحية، وزيادة عدد الإصابات خاصة في ظل ظهور المتحورات دلتا وإيمكرون، ومن هنا ينبغي إنشاء وحدة توجيه أو وكز سلوكي تضم خبراء في علم الاقتصاد وعلم النفس وكوادر متخصصة في السياسات العامة بهدف التحفيز السلوكي للتأثير في القرار العام الخاص على مستوى الأفراد والمؤسسات، أو إنشاء مركز وطني للمكافآت السلوكية.
وبدوره قال د.محمد أبو حمَور: إن علم الاقتصاد السلوكي من العلوم الحديثة، وأن جميع النظريات الحديثة تتحدث عن أهمية استخدامه لكونه ينبثق من سلوك المستهلك، وسلوك المنتج، وسلوك المجتمع ككل في ظل التغيرات التي طرأت على العالم نتيجة الثورة الصناعية الرابعة، والذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى التغيرات التي فرضتها جائحة كورونا، وأن هناك ما لا يقل عن 202 جهة حكومية على مستوى العالم تستفيد من الاقتصاد السلوكي في صياغة السياسات العامة بحسب منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، مضيفاً أن هناك دولاً عربية تتجه نحو تبني السياسات السلوكية وجعلها جزءاً من عملية تصميم السياسات العامة، وتعمل على إنشاء وحدات ومراكز للتنبيه والحث السلوكي، مؤكداً أهمية القيام بذلك كون العديد من الدول العربية استهلاكها أكبر من ناتجها القومي الإجمالي.
وأضاف د.أبو حمّور أن صندوق النقد العربي أصدر في مطلع هذا العام 2021 العدد التاسع عشر من سلسلة موجزة حول سياسات استخدام الاقتصاد السلوكي في دعم عملية صنع السياسات الاقتصادية، وهذا لأنه يعمل على تحسين استجابة الأفراد للسياسات العامة وزيادة مستويات كفاءتها، ومعالجة التحديات الاقتصادية، وزيادة الادخار القومي، والامتثال الضريبي، والالتزام بسداد القروض المصرفية، وترشيد الإنفاق، ومن هنا ينبغي العودة إلى الرشد الاقتصادي واستغلال الموارد بشكل أمثل والاستفادة القصوى من الاقتصاد السلوكي للوصول إلى تنمية اقتصادية.
وفي تعقيبه أشار د.إبراهيم عبادة إلى أن علم الاقتصاد السلوكي يعنى بدراسة مدى تأثير علم النفس على عمليات صنع القرار الاقتصادي للأفراد والمؤسسات، حيث يسعى لتحليل وتفسير وفهم السلوك البشري الاقتصادي في ضوء دراسة العوامل النفسية والاجتماعية والفكرية والسلوكية التي تقف وراء صنع واتخاذ تلك القرارات الاقتصادية، وبين أن استخدام الوكز السلوكي بشكل كبير يساهم في عملية التنمية المجتمعية من خلال صياغة برامج تنموية تخاطب الفرد بناءً على احتياجاته وثقافته المجتمعية والاعتبارات النفسية التي تؤثر على قيامه بسلوك معين، كما يمكن استخدامه كمنهج في السياسات العامة وصياغة القرارات التي تحقق التنمية والأهداف المجتمعية من خلال دراسة سلوكيات الأفراد.
وأوضح د.عبادة أن الاقتصاد السلوكي يقوم على عدة مبادئ منها: تحديد مجموعات الجمهور والسلوك المستهدف، وتحديد النماذج السلوكية ذات الصلة بالموضوع المطلوب توجيه السلوك نحوه، وتحديد العوامل الرئيسة المؤثرة واستخدامها لتطوير أهداف الخطة واتباع استراتيجية أو سياسة واضحة للتدخل، وإشراك الجمهور المستهدف لفهم أفضل لسلوكهم والعوامل المؤثرة.
وبين د.عبادة أن معظم الدول العربية ومنها الأردن تخلو من أي وحدات وكز سلوكية على شكل مؤسسي وهيكلي وعلمي، على الرغم من أثرها البالغ في توجيه سلوكيات الناس، والتعرف على ردة فعل الأفراد والمجتمع تجاه تطبيق الدولة لسياسات جديدة متعلقة بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية، والمساعدة في التفكير لتطوير سياسات الدولة خاصة في الجانب الاقتصادي لاتخاذ القرارات الصحيحة وفق البدائل الممكنة التي تتماشى مع سلوكيات الأفراد في مختلف القطاعات، إضافة إلى ربط سلوكيات وممارسات الأفراد والمؤسسات في اتخاذ القرار بالاتجاهات المستقبلية لسياسات الدولة والتنمية الاقتصادية والاجتماعية ورفاهية الأفراد، والمساهمة في تعزيز الاستدامة وحسن توظيف الموارد عن طريق تعزيز سلوكيات الأفراد لقرارات معينة، وإيجاد خيارات متنوعة لاتخاذ القرارات المؤثرة على الاقتصاد والبيئة والموارد وبيئة الأعمال، وفق منظور سلوكي ونفسي واجتماعي على المستوى الفردي والمؤسسي وفى ضوء الاقتصاد الكلي والجزئي.
وبدورها قالت د.خولة النوباني: إن الحوافز التي وضعتها الحكومة للتعامل مع آثار جائحة كورونا في مقابل الضرر النفسي والمادي الذي لحق بالأفراد قليلة ولا ترتقي لتؤثر على الأفراد بشكل حقيقي، وأن تأثير وسائل التواصل الإجتماعي والمعلومات التي تنشر من خلالها أقوى من الخطاب الحكومي على الأفراد، مما أفقد الأفراد جزءً كبيراً من الرشد والعقلانية في التعامل مع الجائحة، كما أكدت ضرورة أن يكون التعامل مع تداعيات جائحة كورونا شاملاً ومنسجماً، وأن تكون التعليمات الصادرة عن الحكومة غير متضاربة، وأن تعمل الحكومة على ترتيب الأولويات، وتتعامل مع موضوع تغيير الأمر الواقع من خلال قياس معدلات الحساسية وتحيز الأفراد قبل جائحة كورونا وبعدها لمعرفة مدى استجابة الأفراد للتغيرات التي طرأت ومدى تقبلهم لها؛ مؤكدةً ضرورة إنشاء وحدة وكز سلوكي في الأردن، والعمل بناءاً على تشاركية دائمة بين الدولة والأفراد وربطها بالاقتصاد الإسلامي كونه نموذجاً ومن أهم مقاصده حفظ النفس والدين ورفع رفاه المجتمع.
وبين د.عماد صقر أن الاقتصاد السلوكي يركز عملياً على توفير سياسات تحفيزية أو بدائل فعالة، وإعادة توجيه السلوك الإنساني، ومن هنا يتم بناء آليات عمل في وحدة الوكز السلوكي تركز على التصرف الأمثل والأنسب والسعي إلى تحقيق أعلى منفعة في أقل وقت وجهد في وحدة الوكز السلوكي، وأشار إلى أن وحدة الوكز السلوكي يمكن أن توجد في العديد من قطاعات الاقتصاد وتعمل على مستويين؛ الأول القطاعات والمؤسسات والثاني الأفراد، لكنها بحاجة إلى هياكل تنظيمية ووظيفية مناسبة منها: الهياكل التنظيمية، والفنية، والاستراتيجية، بالإضافة إلى وحدة التجريب قبل التعميم، مشيراً إلى أن هذه الوحدة تستخدم استراتيجية “ماذا لو حدث”، ومن هنا ينبغي وجود عدد من الخطط والاستراتيجيات للتعامل مع الصعوبات والتحديات المتوقعة، مشيراً إلى أهمية تدريس مادة التربية الصحية والتربية الاقتصادية في مراحل مبكرة من التعليم ليكون الأفراد مدركين للتغيرات المحتملة مستقبلاً.
يمكن متابعة التسجيل الكامل لوقائع هذا اللقاء بالصوت والصورة من خلال الموقع الإلكتروني لمنتدى الفكر العربي www.atf.org.jo وقناة المنتدى على منصة YouTube.