د. يونس: فهم الشباب يتحقق بفهم ثقافتهم وتفاعلاتهم في كل الأُطر الاجتماعية
د.البحارنة: علينا منح الشباب ثقتنا ومساعدتهم في الوصول للمراكز القيادية
د.غرايبة: يجب تحويل أفكار الشباب ورؤاهم المستقبلية إلى خطط قابلة للتطبيق
د.شريف: تفاعل الشباب مع المجتمع يكون أحياناً صدامياً بسبب بعض العادات
د. الخضرا: أهمية أن تتواءم مهارات الشباب وقيمهم مع متطلبات المجتمع المتجددة
د. إبراهيم: ضرورة وضع خطط تأهيل وتمكين الشباب علمياً ومعرفياً ومهاراتياً
صراحة نيوز – عقد منتدى الفكر العربي بالتعاون مع الشبكة الدولية المستقلة لدراسة المجتمعات العربية، يوم الأربعاء 17/02/2021، لقاءً حوارياً عبر تقنية الاتصال المرئي بعنوان: “الشباب العربي والفضاء الاجتماعي”، حاضرت فيه د.ماريز يونس المُنسّقة العامة للشبكة الدولية لدراسة المجتمعات العربية وأستاذة علم الاجتماع في الجامعة اللبنانية، وشارك بالمداخلات في اللقاء الذي أداره الوزير الأسبق وأمين عام المنتدى د.محمد أبوحمّور، كلٌّ من: د.وجيهة البحارنة رئيسة جمعية البحرين النسائية للتنمية الإنسانية، د.فيصل غرايبة استشاري اجتماعي من الأردن، د.سهام شريف أستاذة جامعية جزائرية في جامعة الجزائر2، د.وفاء الخضرا أستاذة وعميدة سابقة في كلية اللغات والاتصال في الجامعة الأميركية في الأردن وعضو مجلس أمناء المركز الوطني لحقوق الإنسان، و د.عبد الرزاق إبراهيم أستاذ علم الاجتماع في جامعة دهوك من العراق.
ناقشت المُحاضِرة د. ماريز يونس مفهوم الشباب باعتبارهم ظاهرة اجتماعية لها ثقافتها الخاصة بها عوضاً عن كونهم مجرد فئة عمرية أو مرحلة بيولوجية، فلا يمكن فهم الشباب إلا عن طريق فهم ثقافتهم الخاصة بهم وأساليب تفاعلهم مع الفضاءات الاجتماعية المختلفة. وتتباين التفاعلات الاجتماعية للشباب من بيئة وطبقة اجتماعية لأخرى، بينما تتجلّى هذه التفاعلات في الفئات المُهمَّشة في الامتثال لسُلطة الراشدين أو مقاومتها؛ سواء في الأسرة أو المدرسة أو العمل أو الفضاء العام.
وأشار المتداخلون من جهتهم إلى أنّ تفاعلات الشباب الاجتماعية ليست إلا أعراضاً للأزمات التي يمر بها، ومنها أزمة الهوية وأزمة الاغتراب الداخلي والأزمة الفكرية، كما أن تفاعلاتهم مع المجتمع صداميّة لرفضهم سُلطته عليهم وعاداته وتقاليده وضوابطه. وعلى الرغم من هذا الصدام، إلا أنّ العلاقة بين المجتمع والشباب علاقة تفاعلية تبادلية، يؤثر كلٌّ منهما على الآخر، ولذلك يجب وضع خطط تأهيل خاصة بالشباب لتمكينهم علمياً ومعرفياً ومهاراتياً بهدف ترجمة تصوّرهم المستقبلي عن مجتمعهم إلى خطط قابلة للتطبيق. وأشار بعض المتداخلين إلى أهمية تحويل المعرفة التي تقدّمها المؤسسات التعليمية للشباب إلى قيم وأخلاق وسلوكيات تتواءم مع متطلبات المجتمع المتجددة، خاصة تلك المستجدة بسبب جائحة كورونا وآثارها الكبيرة على الشباب في مجال التعليم والعمل والرعاية الصحية، والواجب علاجها، إضافة إلى علاج آثارها على المنظمات الشبابية والمؤسسات الداعمة للشباب.
بيّنت د.ماريز يونس، المُنسّقة العامة للشبكة الدولية لدراسة المجتمعات العربية، أنّ الشباب ليسوا عبارة عن فئة عمرية ومرحلة بيولوجية فقط كما يُشاع، بل إنهم ظاهرة اجتماعية لها ثقافتها الخاصة بها، والتي يمكن فهمهم من خلالها، إضافة إلى تفاعلاتهم مع مختلف الفضاءات الاجتماعية من حولهم؛ الأسرة، والمدرسة، والعمل، والفضاء العام، وطرق تعاملهم مع سُلطة الراشدين فيها.
وأشارت د. يونس إلى نوعين من أنواع تفاعل الشباب مع سُلطة الراشدين، وهما الامتثال والمقاومة؛ إذ تظهر المقاومة في المدرسة أحياناً في سلوكات على شكل فوضى وتمرّد وعنف، أما في مكان العمل فتتجلّى على شكل مشاحنات بسبب استغلال أرباب العمل، أو ترك العمل بسبب الإهانة والتحقير. بينما يظهر الامتثال بشكل واضح في علاقة الشباب بأسرهم، على الرغم من تقلّبهم بين الامتثال والمقاومة في بعض الأحيان، ويكون امتثال الشباب لأسرهم إما بسبب الاحترام أو الرضوخ أو الطاعة أو تجنباً للعنف، كما تكون الشابات أكثر امتثالاً لأسرهنّ بطرق مختلفة، بالتستّر منعاً للعقاب أو المسايرة أو محاولات الإقناع.
وأوضحت د. يونس أنه فيما يتعلق بالفضاء العام ما مِن تفاعل مِن قبل الشباب مع الأنشطة التطوعية أو الانتظام في المنظمات أو الجمعيات، بينما تلتزم الشابات البقاء في المنزل بسبب طبيعة أهلهن المُحافظة. ولكن كل طرق التفاعل هذه تختلف من بيئة وطبقة اجتماعية لأخرى؛ إذ ركّزت د. يونس على نطاق وإطار الفئات المجتمعية المهمّشة فحسب.
وقال أمين عام المنتدى د.محمد أبوحمّور في كلمته التقديمية: إن العالم مُطالب اليوم بمعالجة آثار جائحة كورونا على الشباب فيما يخصّ فرص التعليم، والرعاية الصحية، والحرمان من الدعم والموارد الاجتماعية، والتعرض للهشاشة الاقتصادية والعيش على حدود خط الفقر أو تحته، إضافة إلى معالجة آثارها على المنظمات الشبابية التي تقوم بالعمل التطوعي، في الوقت الذي لا تشارك فيه هذه المنظمات في صنع القرار الإنساني، ومواجهتها لتعقيدات في آليات التمويل.
وأشار د.أبو حمّور إلى أهمية بناء قواعد اجتماعية وتعليمية وتأهيلية لمشاركة الشباب، ورعاية المبدعين، وتدريب القوى العاملة والمُرشحة لسوق العمل، وتمكين الشباب العربي من خلال ثقافة التغيير الإيجابي في نمط التفكير والتعامل مع المستجدات العالمية، مع الحفاظ على الأصول الاجتماعية والثقافية ضماناً للهوية الجامعة وفاعليتها في ثقافة الإنتاج والمواطنة.
وأوضحت رئيسة جمعية البحرين النسائية للتنمية الإنسانية د. وجيهة البحارنة أن أساليب تفاعل الشباب مع محيطهم ليست إلا أعراضاً للأزمات التي يمرّون بها وأهمها أزمة الهوية؛ إذ لا يتمكّن الشباب من التواصل مع أنفسهم ومعرفة وتحديد هويّتهم فيعانون من الضياع. كما أنهم يمرّون بأزمة الاغتراب الداخلي، فيشعرون أنهم في حالة غُربة مع مجتمعهم ومع أنفسهم، إضافة إلى الأزمة الفكرية وصراع الأيديولوجيات التي تودي بالشباب إلى الإلحاد أو التطرف والتعصب الديني. وهنا تبرز أهمية مساعدة الشباب في التوافق مع ذاتهم وغرس القيم والمبادئ لديهم، وتوفير وسائل تفريغ طاقاتهم، والإنصات إليهم ولمشاكلهم وطموحاتهم، ومنحهم الثقة بإتاحة فرص الوصول إلى المراكز القيادية.
وبيّن الاستشاري الاجتماعي الأردني د.فيصل غرايبة أن العلاقة بين المجتمع والشباب علاقة تبادلية تفاعلية، منبعثة من إيمان أنّ كلاً منهما يؤدي استحقاقاً للآخر وفقاً لقاعدة نيل الحقوق مقابل أداء الواجبات. إذاً لا بد من تفعيل الدور الاجتماعي للشباب ومشاركتهم في طرح الآراء وصياغة الأفكار التي تعبّر عن تصورهم المستقبلي لمجتمعهم وبلادهم، ثم ترجمة هذا التصوّر إلى خطط وبرامج قابلة للتطبيق. فإذا تمّ تفعيل هذا الدور ستتحقق مشاركة الشباب في إنجاز التنمية الثقافية والسياسية والاقتصادية بعيداً عن النقد السلبي أو الانسحاب الاختياري أو الإقصاء الإجباري، إضافة إلى تحقيق تفاعل الشباب مع الأحداث على المستوى المحلي والوطني والعالمي.
وأشارت الأستاذة في جامعة الجزائر2 د. سهام شريف إلى أن الشباب يرفضون أحياناً سُلطة مجتمعهم ويتصادمون معه لعدم رضاهم عن تقاليده وأنظمته وضوابطه على أفكارهم وتصرفاتهم. ولهذا يقوم الشباب بالتكتّل فيما بينهم في جماعات يختارونها لأنفسهم عوضاً عن أن يختارها المجتمع لهم، ويفرض الشاب في هذه الجماعة نظامه الخاص وقوانينه الخاصة، فيكوّن مجتمعاً مُصغَّراً ملائماً له وينتمي إليه، ولكن هذا الصدام المجتمعي يقلّ في مراحل عمرية لاحقة، ويصبح كامناً في الفرد الراشد الذي يركّز على التعايش مع المجتمع وضوابطه عوضاً عن الصدام معها.
وأوضحت الأستاذة والعميدة السابقة في كلية اللغات والاتصال في الجامعة الأميركية في الأردن د. وفاء الخضرا دور المؤسسات التعليمية في تشكيل هويات الشباب وطُرق تفاعلهم في الفضاءات الاجتماعية عن طريق العلم والمعرفة التي تقدّمها المدارس والجامعات للطلبة، إضافة إلى طُرق طرحها واللغة المُستخدمة في ذلك؛ فإما أن تشكّل المدارس والجامعات هوية شباب يسعى لتحمّل مسؤولية دوره في المجتمع، وإما أن تُهمّشه حتى يُفرّغ هذا التهميش نحو مجتمعه بأشكال مختلفة من الثأر والانتقام. ولذلك يجب تحويل المعرفة التي تُقدّم في المؤسسات التعليمية إلى سلوكيات وقيم وأخلاق ومهارات تتواءم مع متطلبات المجتمع ومستجداته.
وبيّن أستاذ علم الاجتماع في جامعة دهوك في العراق د.عبد الرزاق إبراهيم أهمية وضع خطط استراتيجية شاملة بهدف التعامل مع الشباب كظاهرة اجتماعية تمتد على مراحل عمرية مختلفة، من أجل الخروج من الإطار النظري إلى الإطار التنفيذي وتأهيل الشباب تأهيلاً علمياً ومعرفياً ومهاراتياً حتى يتمكن من تحمّل المسؤولية والمشاركة في الإدارة وصنع القرار، إضافة إلى عقد المنتديات والندوات والمؤتمرات المخصصة للشباب وقضاياهم.
يذكر أن وقائع هذا اللقاء تبثّ بالصوت والصورة من خلال قناة منتدى الفكر العربي على منصة YouTube، وعلى الموقع الإلكتروني للمنتدى www.atf.org.jo .