صراحة نيوز – كتب حاتم الكسواني
منذ سنين وجدت الصهيونية العالمية ضالتها في تأكيد مقولتها العنصرية التطبيعية المناهضة لحقوق الشعب الفلسطيني والمدعية بحق بني إسرائيل بالأرض والتاريخ والثقافة الفلسطينية ، وقد سلكت كل الطرق الممكنة لتسويق مقولتها الشائهة إلى ان تمكنت من إستخدام أخطر الأسلحة لذلك وهو سلاح الدراما العربية.
وقد استهدفت الأعمال الدرامية التطبيعية العربية شهر رمضان المبارك الذي يشهد زخم مشاهدة كبير من الجماهير العربية لبث أعمالها بهدف الوصول بسمومها إلى أكبر شريحة منهم.
فبينما كانت صورة اليهودي في الدراما العربية تتمثل بالشخص المرابى المخادع الذي يعمل بأعمال الصرافة و التجارة و المراهنات، ويلجأ إلى ابتزاز الآخرين وإستغلالهم وهي مواصفات مستقاة من شخصية شايلوك الشكسبيرية التي صورها وليم شكسبير في روايته الشهيرة تاجر البندقية، ذلك التاجر الذي كان يقطع من لحم مدينيه مقابل عدم سدادهم لدينه ، لتتحول هذه الشخصية البشعة في العقد الأخير من الدراما العربية إلى شخصية طيبة عانت من الظلم والتهميش وسوء الفهم من الآخر حيث توالت الأعمال بفعل تدخل دعاة التطبيع ورعاته من رجال السياسة و المال والقائمين على الإنتاج الدرامي وحكومات التطبيع العرب الذين استبدلوا مناصرتهم للحق الفلسطيني إلى تسويق عمليات التطبيع السياسي والإقتصادي والإجتماعي مع دولة الكيان الصهيونى فبدانا نشاهد الوفود السياحية والرياضية والسياسية تقتحم دول الوطن العربي و تتجول في ربوعه وأسواقه وفنادقه وملاعبه في مصر وتونس والمغرب والأردن ودول الخليج العربي وغيرها من الدول العربية .
وفي الدراما العربية بدأ المنتجون العرب يستسهلون ظهور الشخصيات اليهودية في أعمالهم وإظهارها كشخصيات طيبة إيجابية وحيث لا يتوقع المواطن العربي كظهورها في مسلسل “حارة اليهود” للسيناريست مدحت العدل، والتي تناولت شخصية اليهودي بشكل مغاير وأظهرته بالمواطن الصالح والطيب بعيدا عن شخصيته النمطية البشعة في الدراما العربية في سني القرن الماضي.
كما ظهرت شخصية اليهودي وعلى غير المتوقع أيضا في الدراما السورية في مسلسل “باب الحارة” بشكل مسالم ومندمج في نسيج المجتمع السوري ، وهو ما أثار الجدل خاصة في ظل الصراع العربي الإسرائيلي الممتد منذ 60 عامًا.
والأمثلة كثيرة حول محاولة الكيان الصهيونى وأعوانه إختراق الأعمال الدرامية العربية وتوجيهها إلى مصلحة ترويج مقولتها في إطار تهيئة الذهنية العربية للتطبيع مع الكيان الغاصب والتنكر لعدالة القضية الفلسطينية
وقد كان للعدو الصهيوني اكثر من محاولة لتهيئة مجتمعنا الأردني للتطبيع من خلال أكثر من محاولة منها مانجح كفرض شخصية اليهودي شاليط في برنامج قناة رؤيا تشويش واضح ، ومنها ما باء بالفشل كمحاولة إنتاج العمل الدرامي جابر للمخرج محي الدين قندور الذي يدعي بالحق اليهودي في مدينة البتراء الأثرية حيث رفض فيه المخرج على عليان والممثلون الأردنيون ونقابة الفنانين الأردنيين المغالطات التي حملها نص الفيلم وعملوا على منع إنتاجه،.
وفي رمضان الحالي تطل علينا حياة الفهد بإنتاج درامي تقدم فيه الشخصية اليهودية
“ام هارون” بما تهدف إليه من تكريس للوجود الطبيعي لليهود في المجتمعات العربية حتى الخليجية منها وتسهيل لعملية التطبيع مع عدونا الصهيوني و تجميل لشخصية اليهودي في الذهنية العربية التي كانت تناصبها العداء على مر الزمان نتيجة خبرتها بقسوتها وتطرفها وعدوانيتها وفظاظتها وخداعها الذي مارسته معنا منذ فجر الإسلام حتى يومنا هذا وعلى وجه الخصوص في استهدافها للشعب الفلسطيني وتهجيره وتشتيته وصنع معاناته وقسوته المفرطة في التعامل معه .
ونحن نرى بأن عملية التطبيع تأتي بفعل الحملات الصهيوامبريالية التي تستهدف هدم منظومة القيم والثوابت العربية التي حافظت عليها الأمة منذ عقود طويلة، ونرى بأن المطبعين سياسيا واجتماعيا ورياضيا وفنيا مع عدونا الصهيوني هم فئة ضعيفة من أبناء الأمة ممن يحاولون تحقيق أوهامهم بالمال والشهرة والسلطة عن طريق التطبيع والرضوخ لضغوط جهات اكتشفت هشاشتها وضعفها فقامت بإستغلالها ، وهي فئة نتجت عن ضعف وتراجع البناء القومي والديني القويم للشخصية الوطنية العربية وثوابتها في مناصرة الحقوق والقضايا العربية وفي مقدمتها حق الشعب العربي الفلسطيني بالحرية وتحقيق أمانيه الوطنية ” الدولة المستقلة، حق العودة، حق التعويض”.
وعليه فنحن نرى بضرورة إيقاع العقاب الرسمي والشعبي على كل الخارجين عن ثوابت الأمة بالتطبيع الدرامي مع عدونا الصهيوني بمقاطعة أعمالهم الفنية السابقة واللاحقة ونبذهم بعدم التعامل معهم فنيا وتجاريا وفيزيائيا فلا نسند لهم أية أعمال درامية في المستقبل ولا نشتري أعمالهم ولا نعرضها على شاشتنا الوطنية وننهي عضويتهم في النقابات والجمعيات والتجمعات، وذات الأمر لابد أن ينسحب ما استطعنا على باقي الفئات المطبعة المناهضة لقضية القدس أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.
وبقي ان نقول بأن رسولنا الكريم محمدا صلى الله عليه وسلم قد حدد لنا منذ زمن بعيد شرط النصر ومعياره الأوحد عندما قال
” انت على ثغرة من ثغر الإسلام فلا يؤتين من قبلك”
فإذا لم يعتبر كلا منا قضية القدس والشعب الفلسطيني قضيته الخاصة والأولى التي لا يجوز التفريط بها بالتطبيع مع العدو الصهيوني وعدم مناصزة القضية الفلسطينية في كل محفل فنحن نفرط بثغرة من ثغر الإسلام.