صراحة نيوز – صرح المحامي إسلام الحرحشي مدير مركز إحقاق للدراسات القانونية أن السلطة التشريعية قد أنشأت قانوناً خاصاً بالتقاعد وهو (قانون التقاعد المدني رقم 34 لعام 1959 وتعديلاته)، وفي هذه الأيام يتم الحديث عن أحكام تقاعد الوزراء وتعديل هذه الأحكام والبحث في مدى ملائمة هذه الأحكام وتعديلاتها مع الواقع، ولكن تم تجاهل متطلب سابق لمتطلب البحث في ملائمة هذا القانون ألا وهو متطلب البحث في مشروعية هذا القانون فيما إذا كان يتوافق مع أحكام الدستور أم يخالف أحكامه.
وقال المحامي الحرحشي أنه سبق لمركز إحقاق للدراسات القانونية أن بين في دراسة أعدها ونشرها سابقاً أن (قانون التقاعد المدني رقم 34 لعام 1959) وجميع القوانين المعدلة له بما فيها مشروع القانون الذي أرسلته حكومة د. عمر الرزاز لمجلس النواب، جميعها قوانين مخالف للمادة (120) من الدستور بحسب ما أكدته المحكمة الدستورية في (القرار التفسيري رقم 2 لسنة 2014) الذي جاء فيه أن المادة (120) من الدستور قد بينت كيفية تعيين الموظفين وعزلهم أو الإشراف عليهم وحدود صلاحياتهم واختصاصهم يجب أن تعين بموجب أنظمة يصدرها مجلس الوزراء بموافقة الملك، وما ذلك إلا تكريس لاستقلال السلطة التنفيذية وحفاظ على ارتباط الموظف بها، فهي التي تُصدر الأنظمة التي تحدد المركز القانوني للموظف بدءاً من القواعد التي تحكم تعيينه بالوظيفة العامة وانتهاء بالكيفية التي تنتهي فيها وظيفته بالعزل أو التقاعد أو الوفاة أو بغير ذلك).
وقد بين قرار المحكمة الدستورية التفسيري أن المادة (76) من الدستور قد أوضحت أن ما يقصد بالوظائف العامة كل وظيفة يتناول صاحبها مرتبه من الأموال العامة، ويشمل ذلك دوائر البلديات، كما أوضحت المادة (22) من الدستور أن لكل أردني حقاً في تولي المناصب العامة بالشروط المعينة في القانون أو الأنظمة وأن التعيين في الوظائف العامة من دائمة ومؤقتة يكون على أساس الكفايات المؤهلات.
وأضاف القرار التفسيري أن هناك ربط دائم بين الراتب والموظف، بحيث لا يعرَّف الراتب إلا مقترنا بالموظف، فإذا ما انقضت علاقة الموظف بالوظيفة وانقضى راتبه الوظيفي، فإن المشرع وفق شروط محددة لا يجوز تجاوزها أو مخالفتها، وفي مقابل تفرغه الطويل للوظيفة دون أي عمل آخر خلالها، ولكونه يصبح عاجزاً عن العمل بعد انتهاء خدمته، فقد خصّه المشرع براتب تقاعدي لسدّ حاجته وحاجة أسرته.
وقد أكد القرار التفسيري أنه بات مستقراً بأن علاقة الموظف بالدولة هي علاقة تنظيمية تحكمها القوانين والأنظمة والتعليمات الصادرة بهذا الخصوص، وأن تعديل أحكام هذه العلاقة والتقّيد بها هو إجراء تنظيمي عام، ومركز الموظف من هذه الجهة ما هو إلا مركز قانوني عاما يجوز تعديله في أي وقت، فالموظف العام وفق ما يعرفه الفقه والقضاء هو الشخص الذي يعهد إليه بعمل دائم في خدمة مرفق عام تديره الدولة أو أحد أشخاص القانون العام، مما يعني أن الشروط والعناصر التي يجب توفرها في الموظف العام هي أن يتم تعيينه من السلطة المختصة بوظيفة دائمة في خدمة مرفق عام تديره الدولة بشكل مباشر أو غير مباشر من أحد أشخاص القانون العام، متفرغا للوظيفة التي تم تعيينه فيها.
إلى ذلك قال المحامي الحرحشي مدير مركز إحقاق للدراسات القانونية أن خلاصة القول هي أن أحكام تقاعد الموظفين المدنيين ومنهم الوزراء يجب أن تنظم بموجب أنظمة يصدرها مجلس الوزراء بموافقة الملك، وأن تنظيمها بموجب قانون يكون مخالفاً لأحكام المادة (120) من الدستور، وعليه يكون (قانون التقاعد المدني وتعديلاته رقم 34 لعام 1959) قانوناً مخالفاً لأحكام الدستور، وباطلاً بطلاناً مطلقاً لا ترد عليه إجازة في دولة القانون الملتزمة بمبدأ التدرج التشريعي وبمبدأ سمو الدستور.