اردني يزرع الخضروات بلا تربة

22 نوفمبر 2018
اردني يزرع الخضروات بلا تربة

صراحة نيوز – عرار الشلول- وهو منهمك وفريقه في استطلاع احوال اشتال الخيار المزروعة بتقنية الزراعة المائية في بيتين بلاستيكيين قرب مدينة الرمثا، يوضح احمد مياس، أن طريقة الزراعة هذه تتجاوز معضلة شح مياه واستخدام التراب والحاجة لتنظيف محيط المزروعات من الأعشاب الطفيلية.

مياس الذي بدأ مشروعه الريادي هذا، عاد للتو من هولندا التي تنشر فيها الزراعة المائية، ليستقر في الرمثا نهائيا، بعد نجاح مشروعه الذي يدر دخلا ممتازا ويوفر فرص عمل وتلقى تقنيته رواجا منقطع النظير في المجتمع المحلي. 

الارقام الرسمية تظهر ان القطاع الزراعي اسهم بنسبة 3.2 % من الناتج المحلي الاجمالي للعام 2016 والبالغ 38.65 مليار دولار، فيما وصلت مساهمة قطاعات الزراعة والمواد الغذائية الزراعية والصناعات الغذائية الاجمالية في الناتج المحلي الاجمالي الى 6 % عام 2015 وفقا لمنظمة الأغذية والزراعة (FAO) .

مياس يكشف، أن الزراعة المائية تعد طريقة ناجعة لمواجهة معضلة شح المياه، خصوصا في الاردن بصفته ثاني أفقر دولة بالعالم في حصة الفرد من المياه، لافتا الى هذه التقنية توفر كمية المياه المستخدمة في ري المزروعات التقليدية بنسبة تصل إلى 60 في المائة، وتلغي دور التربة كحاضنة زراعية
مستغربا محدودية مشاريع الزراعة المائية، يقول مياس “يبدو أن هذه الفكرة(الزراعة المائية) لم تحضر في أذهان مزارعين كثر في محافظات الشمال، بينما هي الأكثر رواجا بين نظرائهم الهولنديين الذين يستخدمونها منذ سنوات كونها الأنجع بالنسبة لهم”، ويضيف “هذا ما دفعني لأكون أكثر إلحاحا في ترجمة الفكرة على أرض الواقع”.

ويضيف مياس، أن المبادرة بدأت بفكرة فخطة واضحة المعالم، وقدمت للجمعية العلمية الملكية، التي أدركت أهميتها، وقررت تنفيذها، ليستفيد منها اليوم 4 فتيات وشابان، ضمن مشروع تعزيز دور الشباب بالقضايا البيئية في الرمثا والمفرق، مشيرا إلى أنه قبيل تنفيذ المبادرة، أقنع الفريق بزراعة الخيار وفق الزراعة المائية ولاقى اقتراحه ترحابا منهم، واستكملوا تنفيذها، لترى مبادرة “الزراعة بدون تربة” النور في شهر أيلول المنصرم.

يعرض مياس، آلية ري المزروعات بالزراعة المائية “تأخذ المزروعات حاجتها من مياه الخزان التي تعبر إلى الجذور عبر وسيط صلب غير عضوي مكون من حجارة التوف البركانية، تحفظ الرطوبة ولا تمتص المياه، وتعد بديلا عن التراب، ومن ثم يعاد تكرارها أسفل المزروعات بواسطة أنانيب خاصة، وتعود أخيرا معظم المياه إلى الخزان من جديد، وهي دورة متكاملة تحقق وفرا من المياه”.

ويضيف “أن دورنا بات محصورا الآن بسلامة تفقد تدفق المياه إلى المزروعات بين الحين والآخر، فكل شيء يسير وفق نظام آلي، فلا شح مياه بعد اليوم، ولا حاجة للتراب أو التعشيب حول المزروعات”.

ويحتوي البيتان البلاستيكيان على 1300 شتلة خيار يتوقع أن يصل إنتاجها اليومي خلال بضعة أشهر إلى نحو 100 كغم، وفق مياس الذي يقول إنهم لمسوا نجاحا واضحا في زراعة الخيار مائيا ما دفعهم لوضع خطوط عريضة لتوسيع المبادرة قريبا، وتدشين مزارع مائية للفراولة والبندورة، ويشدد “نحن سنتطور، ونوسع مشروعنا، ولن نقف عند هذا الحد”.

وبدهشة يضيف مياس “لم أتخيل يوما أن تساؤلات أفراد المجتمع المحلي في الرمثا ستكون بهذا الحجم عن الزراعة المائية، فهم باتوا يسألونني يوميا باهتمام عن أدق تفاصيلها وجدواها”.

الشابة ديانا الذيابات احد اعضاء فريق مياس، تقول “إن الزراعة المائية تعد شكلا من أشكال الزراعة بدون تربة عبر تنمية الماء كوسيط أساسي لنمو المزروعات ممزوجا بأسمدة تعزز قدرتها على النمو بشكل طبيعي”.

تضيف الذيابات “أن تكنولوجيا الزراعة المائية على اختلاف طرقها توفر المياه والأسمدة، وتوجد فرص عمل، ومردودا ماديا، وبيئة ملائمة للتدريب والبحث والتطوير”.

وانطلق فريق المبادرة بمجموعة أنشطة رئيسية وفق الذيابات، تتمثل بالتوعية، والاتفاق مع صاحب الأرض، وبناء البيت البلاستيكي، ومد خطوط الري، وشراء الأشتال، والبدء بالإنتاج، والتشبيك مع المعنيين للتسويق، وبناء القدرات من خلال تدريب عدد من المزارعين. 

وبالزراعة المائية، يزيد انتاج المحاصيل داخل وحدة المساحة، حيث يمكن للمزارعين بحسب الذيابات، جني محصول بشكل أسرع ومضاعف عما هو موجود في أنواع الزراعة التقليدية، فبمبادرة “الزراعة بدون تربة” يتجدد محصول أشتال الخيار فيها كل 19 يوما على أبعد تقدير، بينما تحتاج الزراعة التقليدية لنحو 30 يوما، علاوة على التوفير في العمالة الزراعية، والتقليل من استخدام المبيدات.

ولأن الزراعة المائية تحتاج كوادر بشرية مؤهلة، يسعى أعضاء فريق المبادرة إلى تعريف المجتمع بفوائد الزراعة المائية وضرورة إتباعها للحد من شح المياه، من خلال عقد ورش تدريبية نظرية وعملية في هذا المجال، وفق الذيابات، التي تؤكد “نحن سنسخر مزروعاتنا كاملة لتدريب أفراد المجتمع المحلي عليها، ولن نجني الأرباح في البداية إلا بعد تعميم تجربتنا”.

تقول فدوى الشبول، بعدما انهت جولة للتاكد من سلامة المنتوج، وتعمل على جني المحصول بين الحين والآخر “إن المهمة شيقة وممتعة، فأنت تشعر خلالها بأنك تهتم بصغيرك لفترة ما، وما أن تراه يكبر حتى يغدو أكثر بهاء وحيوية، وهو الحال مع مزروعاتنا التي نشعر أنها أكثر جودة ونضارة عما كنا نراه سابقا في السوق”.

تضيف “أراقب باستمرار المزروعات والمحاصيل للحؤول دون ظهور أي أمراض فطرية أو سمية ناتجة عن زيادة تركيز بعض العناصر الغذائية”، فيما تشير إلى ضرورة إزالة أي شتلة تصاب بأعفان “حتى لا ينتقل إلى باقي الشتلات وبالتالي خسارة المحصول”، كما يمكن اللجوء لبعض المبيدات الفطرية عند الحاجة.

يعمل الفريق وفق الشبول، على تحقيق هدف رئيس إلى جانب الحد من شح المياه، ألا وهو تعريف المجتمع المحلي والمزارعين بأهمية استخدام التقنيات الحديثة لترشيد استهلاك المياه.

وحول الظروف المناخية للزراعة المائية في البيوت البلاستيكية، تبين الشبول أن الحصول على عملية تمثيل ضوئية مثلى عبر إدارة عملية التنفس المزروعات والتحكم بها، يعد ركيزة أساسية لتأمين الظروف المناخية الملائمة للزراعة المائية ما يمنح أكبر كمية من الإنتاج، مؤكدة في الوقت ذاته ضرورة دراسة الظروف البيئية للمحصول قبل زراعته.

وتضيف “لسلامة الإنتاج وضمان كثافته نتحكم عبر منافذ التهوية بدرجة الحرارة ونسبة الرطوبة داخل البيوت البلاستيكية مع مراعاة التوازن ما بين النمو الخضري والثمري للمزروعات”، مشيرة إلى وجود علاقة متينة بين المحصول ونموه، وبين معدل درجة حرارة البيوت البلاستيكية.

ومبادرة “الزراعة بدون تربة” اطلقها مشروع تعزيز دور الشباب بالقضايا البيئية في المفرق والرمثا، وتنفذه الجمعية العلمية الملكية بدعم من السفارة الأميركية، وفق ما تقول مديرة المشروع في الجمعية العلمية الملكية رنا عارضة.

عارضة توضح، أن فكرة المبادرة وخطتها جاءت بالكامل من فريق شبابي يضم 6 أشخاص متحمسين للعمل والريادة، لتترجم الفكرة إلى واقع يعد يحمل في طياته قصة متميزة من مشاريعنا، وتقول “إن الفريق يمثل أنموذجا حقيقيا في ريادة الأعمال والاعتماد على الذات”.

تقول عارضة إن فريق المبادرة كان مذهلا في تصميمه على إنجاحها، على الرغم من عدم وجود الخبرة الفنية اللازمة لديهم قبل تدشينها، إلا أن الجمعية وفرت لهم دعما فنيا إلى جانب الدعم المادي، كبناء قدراتهم، وتدريبهم على إدارة أنظمة الزراعة المائية، وإعداد المحاليل المغذية، وأوقات الري وطرقها.

وتتابع “الفريق أبدى قدرا عاليا من المسؤولية مواصلا الليل بالنهار” مشيرة إلى أنهم لم يدخروا جهدا ولا مالا في سبي إنجاز طموحهم ليكلل إنجازهم بالنجاح.

تؤكد عارضة على أن الجمعية العلمية الملكية مستمرة في سعيها نحو تعزيز دور المجتمع المدني في التصدي للتحديات البيئية عبر زيادى وتفعيل مشاركة الشباب، وتسخير طاقاتهم لخدمة مجتمعاتهم.

بترا 

الاخبار العاجلة