صراحة نيوز – كتب ماجد القرعان
الأزمات والمحن تفرز دائما الغث من السمين وتكشف القدرات وتصنع المعجزات وهو بتقديري ما كشفت عنه معركتنا الوطنية مع جائحة كورونا التي اجتاحت دول العالم ووضعتنا على المحك فبالرغم من قدراتنا وامكانياتنا نجحت الدولة الاردنية في محاصرته وتخفيف بلاءه والأمل بالله ان ننتصر ونخرج من هذه المحنة .
لا احد يُنكر ما تحقق في عهد الحكومة الحالية من حسن تعامل ومن قرارات ناجعة وضعت الأردن في مقدمة دول العالم بحسن التدبير رغم قلة الأمكانات وهنا يبرز سؤال مهم للغاية أين كانت قدرات الدولة الأردنية ما قبل زمن كورونا لتتعامل مع العديد من القضايا والمشكلات العامة التي نصفها بأنها تراكمات لإدارة شؤون الدولة من قبل العديد من الحكومات السابقة وفشلت الحكومة الحالية في معالجتها لا بل أنها زادت على تلك التراكمات بنهجها واسلوب ادارتها والشواهد عديدة وكثيرة .
فالحكومة الحالية توسعت وبصورة غير مسبوقة في فرض الضرائب وتصفية الكفاءات وتوريث المناصب واطلاق المبادرات الرنانة وتنفيع المحاسيب وفشلت فشلا ذريعا بالتعامل مع العديد من القضايا الأساسية “البطالة ، التعليم ، الاستثمار وتنمية الأطراف ….” واعتقد جازما ان كورونا أطال في عمرها ومن هنا نقرأ في نهجها رغبتها في اطالة المعركة مع هذا الوباء .
ليس المقام مناسبا للتأشير على مواطن الفشل والقصور والتجاوز الذي بات حديث وتذمر المواطنين ما قبل زمن كورونا لكن الواقع يستوجب التأشير على عوامل نجاح الدولة الاردنية في معركتها مع هذه الجائحة .
البداية يُسجل لجلالة الملك قيادته شخصيا للمعركة ومتابعاته الحثيثه والى جانبه ولي العهد حيث لا يمر يوما دون توجيه ملكي ودون التأشير على خطوات مهمة تستهدف أولا سلامة رأس المال الحقيقي للدولة الاردنية ” الأنسان ” واستغلال كافة الأمكانات المتاحة وفي مقدمة ذلك الخبراء والمختصون في المجالات المختلفة الذين تزخر بهم أجهزة الدولة ومن ضمنها قواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية ليعملوا مع باقي المختصين في الأجهزة المدنية وبروح الفريق الواحد من خلال المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات في تمحيص كل ملاحظة وخطوة بعمل مؤسسي لم نشهده منذ سنوات فيقدموا توصياتهم لكل حالة والتي يقوم الوزراء المعنيون بترجمتها بفعل قانون الدفاع الى أوامر تستوجب العمل بها .
وحتى لا نظلم فان التعامل مع الجائحة كشف ايضا قدرة بعض الوزراء في هذه الحكومة واستجابتهم للتعامل مع متطلبات المعركة والذين في مقدمتهم وزيرا الصحة الدكتور سعد جابر ووزير الإعلام امجد العضايلة وكشف ايضا الوزراء الذين يبحثون عن الشو ممن أشبعونا فيما مضى بالتنظير وتناقض التصريحات .
تعامل الدولة الاردنية مع الجائحة اسفر عن العديد من الدروس والعبر والتي دعت العديد من الدول الى دراستها لكن اعتقد ان حكومتنا أولى بدراستها على أمل ان تستفيد منها لتعدل من نهجها ما بعد كورونا وكذلك الأمر بالنسبة لأية حكومة قادمة .
خلاصة الرأي ان زمن ما بعد كورونا يستوجب ان ننطلق في ادارة شؤون الدولة الاردنية بأداء مؤسسي يأخذ بعين الإعتبار الاستفادة من قيادات الصفوف الثاني والثالث والرابع ” الأبطال الحقيقيون ” وبالاعتماد كذلك على استراتيجات وطنية قصيرة الأمد ومتوسطة وطويلة في المجالات المختلفة على ان تكون محمية بتشريعات تحويل دون تجاهلها أو التجاوز عليها من قبل اية مرجعيات أو مسؤولين الى جانب وضع الشخص المناسب في المكان المناسب بناء على اسس علمية ومحاسبة كل من يستغل منصبه للتكسب والتنفيع … حينها فقط نكون قد وضعنا اقدامنا على أول السلم لتحقيق الاصلاح المنشود .
للحديث بقية وخاصة دور مجلس الأمة بشقيه الأعيان والنواب حيال دورهم في معركة كورونا وما قبل كورونا .