صراحة نيوز – بقلم جميل النمري
لم يعلن الديوان الملكي عن اللقاء، وكما قال د. فايز الطراونة فهم لا يريدون أي مردود دعائي من وراء اللقاء الذي جاء بتوجيه من جلالة الملك لتكثيف التواصل مع الفعاليات السياسية – الاجتماعية حول الهمّ الوطني وتحديات الساعة التي تواجه بلدنا. وقد ذهبتُ مفترضا ان نسمع إجابة عن تساؤلات ملحة وقلقة امتلأت بها الساحة المحلية في ضوء التطورات الإقليمية الساخنة.
وعلى سبيل المثال كان تقرير لصحفي غربي قد نقل على لسان مصدر في الديوان عتب الأردن وغضبه على تحرك سعودي بشأن التسوية على الجبهة الفلسطينية تتجاوز الأردن وتتجاهله خصوصا في موضوع اللاجئين، وهو أمر تم نفيه بوضوح كما تم نفي وصول أي مقترح محدد من الولايات المتحدة بشأن “صفقة القرن” التي يتحدث عنها ترامب.
كان اللقاء ثريا وربما الأول من نوعه بهذا الترتيب، فبعد مقدمة من رئيس الديوان قدّم كل من وزير الخارجية ووزير التخطيط، وحضور أمني، إيجازا شاملا سياسيا واقتصاديا وعسكريا وأمنيا، وقد كان العرض العسكري والأمني المعزز بالمعلومات والأرقام مشبعا ومقنعا وكان أيضا مطمئنا لجهة الموقف على الحدود الأردنية السورية والتعامل مع تهديدات الإرهاب، لكن العرض السياسي والاقتصادي رغم الأداء الجيد للوزيرين في استعراض المعطيات من جوانب مختلفة لم يشفِ غليل التساؤلات والملاحظات التي بقي القليل من الوقت لها ويحتاج كل منها إلى جلسات مناقشة أكثر تخصصا.
خذ مثلا الموقف من إيران؛ فقد كان وزير الخارجية عرض كما حصل مع بقية الملفات موقفا متماسكا لا غبار عليه، وكان قد لخصه أمام الإعلام بعد لقاء الجامعة العربية في القاهرة، أن رسالتنا الى طهران هي: نريد علاقات جوار طيبة وإيجابية مع إيران لكن لا نقبل تدخلاتها الفجّة وعليها كف يدها عن العبث داخل الدول العربية سياسيا وعسكريا وأمنيا واحترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للغير. لكن هذا الموقف المبدئي لا يجيب عن مشكلة التعامل مع التطورات القائمة على الارض، وهناك انطباع في اوساط النخب ان الأردن يهمّش نفسه في المواجهة مع إيران، وطلب أحد الحضور إعادة السفير الأردني وتنشيط الاتصال معهم.
واقع الحال شئنا أم أبينا أن إيران انتصرت وكرّست حضورا لا يمكن دحره عسكريا في سورية ولبنان والعراق واليمن ومن يستطيع القيام بعمل عسكري ضد إيران وحزب الله هو اسرائيل التي هي أصل كل الشرور وما تزال تتنكر بصلف لا يطاق للسلام ولحقوق الفلسطينيين وتستحق أن نستقوي عليها بإيران وليس العكس. وعليه فالاشتباك السياسي مع الإيرانيين والبحث عن مقاربة استراتيجية جديدة معهم هو ما يستحق أن نؤوب اليه اليوم ويمكن أن ننوب كأردن عن السعودية والخليج والعرب كدورية استطلاع متقدمة لهذا المشروع.
بالنسبة لسورية كنت سأقترح لو سمح الوقت بمراجعة الموقف من فتح المعابر الحدودية والكف عن هذه المراعاة الزائدة للحساسية السياسية مع النظام، فهناك عوائد اقتصادية هائلة لفتح المعابر للنقل والبضائع ولو مع الجنوب السوري وحده، مع أننا يمكن ان نرتب تفاهمات لمناطق اخرى شملها خفض التوتر يمكن أن تعبرها الشاحنات والبضائع ويمكن إنجاز تفاهم مع النظام على قاعدة المصالح المتبادلة، وقد قال وزير الخارجية إننا “حققنا نجاحا كبيرا في إنجاز خفض التوتر في الجنوب السوري يتوجب أن يتبعه العمل على الإنعاش الاقتصادي لتلك المناطق”. فأقول فتح المعابر اقتصاديا هو أفضل ما يمكن عمله لنا ولهم.