صراحة نيوز – بقلم عوض ضيف الله الملاحمه
تكرر في الآونة الأخيرة إستخدام كلمة (( إستهداف )) بشكل ممجوج ، ومرفوض ، ومبالغ فيه ، والهدف من إستحضارها ، وتكرارها بيِّن ، وواضح للجميع . في الواقع هناك إستهدافات ثلاثة مطروحة ، ومعروفه على ساحة الوطن : — أولها حقيقي ، وهو في العموم إستهداف خارجي ، صهيوني تحديداً . أما الإستهداف الثاني : فهو إستهداف زائف ، يفتعلونه ، ويتحججون به ، ويدَّعونه للهروب من سوء إدارة الدولة ، وتردي وضعنا الداخلي ، وإستشراء الفساد ، وبيع وسرقة كل مقدرات الوطن . يا عيب العيب ، لا تكتفون بنهبنا وتدمير وطننا ، فتخدعونا ، وتغررون بنا ايضاً !؟
وهناك استهداف ثالث ، خطير ، ومباشر ، ونجح نجاحاً باهراً ، في تحقيق مراميه واهدافه : ويتمثل في إستهداف الفاسدين للوطن ، الساقطين ، ضعاف النفوس ، غير المنتمين ، لا بل هم أعداء الوطن الحقيقيون . وما زال استهدافهم للوطن ومقدراته مستمراً ومتزايداً ، حيث لا يعبأون بشيء ، (( وتمسحوا )) من النقد والتشهير بهم ، لان همهم سرقة ما تطاله ايديهم القذرة ، والغاية عندهم تبرر الوسيلة لانهم ميكافليون .
الإستهداف الحقيقي ، هو صهيوني ، كما ذُكِر اعلاه . وهو إمتداد او تطبيق لمرحلة من مراحل وعد بلفور ، و إشتملت عليه صفقة القرن ، التي تبناها وحاول تطبيقها سيء الذِكر دونالد ترامب . وها هي صفقة القرن تُطبَّق على مراحل . وأعتقد انها ستعود للواجهة بقوة بعد الإنتخابات الأمريكية القادمة عام ٢٠٢٤ . سواء عاد ترامب للسلطة شخصياً ، او إبنه ، او زوج إبنته / كوشنر ، المستوطِن الصهيوني الفعلي ، الذي يمتلك بيتاً في القدس الشريف . وعليه أرى أن الذين فرِحوا بذهاب ترامب سيكتوون بنار غطرسته في قادم السنوات ، وسيدفعون أثماناً غالية ، وسيتم إستهدافهم بشراسة وعدائية غير معهودة ، لا بل أرى انه سيطيح بعروش ، وكيانات ، وقيادات .
أما الاستهداف الثاني ، فهو زائف ، وليس أكثر من إدعاء ،تلوِّح به الدولة الاردنية ، وتُخرِجه كما الساحر ، عندما يُخرِج حمامة من قطعة قماش بيضاء في الغالب ، لِيُبيِّض شناعة وزيف أفعاله . وتختار الدولة الأردنية أوقات التلويح به ، لصرف أنظار الشعب ، عن فعلٍ مُشينٍ هنا ، او فضيحة هناك . ويحمدون الله ، على ان دولتنا قوية ، ومتينة ، وتستعصي على الإستهداف ، ويصعب النيل من تماسكنا ، ووحدتنا الجامعة . ويُطبِّل المُطبِلون ، ويُسحِّج المُسحِجون ، ويُنافق المُنافِقون ، ويقولون كلاماً ممجوجاً ، ساذجاً ، مكرراً ، يحاولون إقناع الشعب به ، بتحذلقهم ، وفذلكتهم ، مُعتقدين ان ذلك يمكن تمريره على الناس . ولأنهم إنتهازيون ، ففي دواخلهم يقولون انهم قالوا ما قالوا ، ليؤدوا دورهم الرديء للمحافظة على مكتسباتهم ، وليذهب الشعب والوطن الى الجحيم . وفي الواقع ، لا يعرفون أن الشعب قد تجاوزهم ، وأن عوراتهم ظاهرة للعيان ، وأن رُخْصهم مكشوف .
أيها العُراة من القيم النبيلة ، والأخلاق الحميدة ، يا سارقي الوطن ، أيها الفاسدون الفَجَره ، الفَجّْرُ آتٍ ، مهما طال إنتظاره . والشعبُ واعٍ ومتنبه لكل فُسقِكم ، وفجورِكم ، وفسادِكم . تطبيلكم سيرتد شؤماً عليكم ، وستحاسبون حسابين شديدين ، عظيمين ، حساباً دنيوياً ، فالشعوب لا ترحم الفسقة وسارقي الأوطان ، وحساب أُخروي يوم تسود وجوهكم ، يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون ، ولا جاه ولا سُلطة .
لكن علينا أن نعي ونفهم ونتنبه للاستهداف الثالث ، علينا ان لا ننسى بأن هناك إستهدافاً داخلياً ، حقيقياً خطيراً ، آخر ، هدد وما زال يهدد الوطن بشكل جديّ ، وخطير لأنه يقوِّض الوطن من الداخل ، وهذا الإستهداف يتمثل في إنتشار الفساد ، والفقر والقهر والبطالة وغياب العدالة ، والشلليلة والمحسوبية ، وبيع مقدرات الوطن بأبخس الأثمان وذهاب أثمانها في غياهب النسيان .
نتجاهل المخاطر الحقيقية التي أضاعت الوطن ، وضيّعت المواطن ، حتى وصلنا حد الإنهيار ، ونتوهم مخاطر أخرى لغايات حَرف إنتباه الناس لعدم توافر النية للإصلاح الحقيقي ، ومحاسبة كل الفاسدين دون إستثناء ، وليس تلهية الناس بمحاكمة من يسرقون الألوف ، ونتكتم على من سرقوا المليارات ، ولا يهمهم حال الوطن والمواطن .
أما الولايات المتحدة الامريكية التي يخشاها العالم ، وتحسب أغلب دول العالم لها ألف حساب بسبب إحترافها التآمر على الشعوب والأنظمة ، تُعتبر بالنسبة لنا برداً وسلاماً ، وأماناً ، وإطمئناناً ، لأننا سلمّناها (( القيد والمسبحة )) فإستباحوا الوطن ، وأسقطوا إستقلاله بإتفاقية أطاحت بالإستقلال ، وحوّلته الى إستغلال ، وإحتلال ، فأتينا بهم ، وسيّدناهم علينا ، فاصبحنا مثل (( اللي بجيب النيص ل ذرته )) ، او مثل (( اللي بسلم مفتاح داره لعدوه )) .
أرى ان الإستهداف اصبح (( بُعبعاً )) يتم تخويفنا به ، ليتم إخراسنا ، واستسلامنا ، واستكانتنا ، لتمرير الفضائح علينا ، ونحن مثل الخِراف المربوطة للذبح ، نخشى الذئاب ، ويقتلنا الصِحاب .