صراحة نيوز – تحدثت السفيرة البريطانية لدى الأردن، بريدجيت بريند، عن التاريخ الغني الذي يربط المملكة المتحدة والمملكة الأردنية الهاشمية، وكل الجهود التي نبذلها لتطوير الشراكة الحديثة المزدهرة بين بلدينا.
كلمة السفيرة
أهلا وسهلا! مرحبا بكم، بالأصالة عن نفسي وبالنيابة عن عائلتي وفريق السفارة بأكمله، في هذا الاحتفال بعيد ميلاد جلالة الملكة إليزابيث الثانية. إنه لمن دواعي سروري البالغ، بعد عامين تأثرت فيهما حياتنا بكوفيد، أن أراكم جميعاً شخصياً، ولا يوجد سبب أفضل للاجتماع من الاحتفال بالإنجاز الرائع الذي حققته جلالة الملكة على العرش على مدى سبعين عاماً.
إنه عام مميز، حيث أصبحت جلالتها أول عاهل بريطاني يحتفل باليوبيل البلاتيني، إذ مر سبعون عاماً من خدمتها لشعب المملكة المتحدة وشعوب دول الكومنولث.
ومن خلال تجسيدها لقيَم أداء الواجب والخدمة العامة، ظلّت جلالة الملكة إليزابيث رمزاً للقيادة ومصدراً للإلهام والطمأنينة إبّان منعطفات التحول الاجتماعي الكبيرة.
وكما تفضّل جلالة الملك عبد الله قائلا في إشادته الجميلة بجلالة الملكة، كرّست جلالتها حياتها لخدمة المملكة والشعب، واضعةً بذلك أعلى معايير الخدمة العامة.
وأود أن أردد كلمات شخصية وطنية بريطانية أثيرة، ألا وهو “الدب بادينغتون”، عندما تناول الشاي مع صاحبة الجلالة في القصر الملكي الأسبوع الماضي. فلقد تحدث نيابة عنا جميعاً حين قال لها باختصار “شكراً لك سيدتي على كل شيء”.
وبصفتي دبلوماسيةً أخدم جلالة الملكة والمملكة المتحدة منذ أكثر من ربع قرن، فإنني أتطلع إلى الملكة باعتبارها الممثل الدولي الأول لبلدنا على مدار سبعة عقود. إذ لم يقم أحد بأكثر مما فعلت هي لتعزيز أواصر الصداقة والتفاهم والاحترام بين المملكة المتحدة وسائر أرجاء العالم. وإني لأشعر بالفخر لاختياري كأول ممثلة لجلالتها لدى المملكة الأردنية الهاشمية.
لقد حفلت فترة حكمها الاستثنائي بأكثر من 260 زيارة رسمية قامت بها إلى خارج المملكة، بما في ذلك ما يقرب من 100 زيارة دولة.
وغنيٌ عن القول إن إحدى زيارات الدولة تلك كانت زيارتها إلى الأردن في عام 1984. وأصبحت صور جلالة الملكة وهي تتجول بين أطلال مدينة البتراء، واستقبال جلالة الملك الحسين لها بالزي العسكري الرّسمي، رمزاً قوياً للروابط بين عائلتينا الملكيتيْن.
تولى جلالة الملك عبد الله زمام الأمور بالقيام بأول زيارة له إلى المملكة المتحدة بعد فترة وجيزة من جلوسه على العرش في عام 1999، وظلّ منذ ذلك الحين يعمل على تعزيز العلاقات بين بلدينا.
ولقد تجلّت هذه العلاقات بأوضح صورة لها خلال العام الماضي. حيث زار جلالة الملك عبد الله لندن في تشرين الأول الماضي للقاء رئيس وزرائنا ووزيرة خارجيتنا؛ كما ذهب صاحبا السمو الملكي أمير ويلز ودوقة كورنوول في زيارة إلى الأردن في شهر تشرين الثاني.
ولا تقتصر طبيعة تلك الزيارات على ما تزخر به من تاريخ غني مشترك بيننا وبين الأردن، بل إنها تحمل دلالات لكل الأعمال التي نقوم بها في كلا الجانبين لمواصلة بلورة شراكتنا المزدهرة والحديثة.
كان عام 2021 عام القيادة بالنسبة للمملكة المتحدة، إذ ترأسنا مجموعة الدول السبع الكبرى، واستضفنا قمة العمل المناخي 26. وخلال زيارته إلى الأردن، ركز صاحب السمو الملكي أمير ويلز على تحديات تغير المناخ التي تتطلب مساهمة مستمرة من جميع البلدان. وقد رحبنا بإعلان الأردن في قمة العمل المناخي 26 تلك في غلاسغو عن التزام وطني محسَّن إلى حد كبير بخفض الانبعاثات.
وفي العام الماضي أيضا عقدنا الجلسة الأولى لمجلس الشراكة للمضي قدماً في تنفيذ اتفاقية التجارة الجديدة في أعقاب خروجنا من الاتحاد الأوروبي. تهدف هذه الاتفاقية إلى تحفيز التجارة وإزالة العقبات من أمام الشركات لصالح بلدينا التجاريين المنفتحين على الخارج. والواقع أن هناك مجالاً ممتازاً لنا لدعم الرؤية الاقتصادية الجديدة للأردن، والتي حددها جلالة الملك عبد الله في وقت سابق من هذا الأسبوع.
كذلك تشارك الشركات البريطانية والتكنولوجيا البريطانية في بعضٍ من أكثر المشاريع تقدماً في الأردن، سواء في استخدام الطاقة الشمسية لتحلية المياه؛ أو دعم دفاعات الأمن الإلكتروني في الأردن؛ أو الشراكة بين المستشفيات الجامعية الرائدة.
وبهذه المناسبة، يسعدني أن أقول إن يونيفرسيتي كوليدج لندن هذا الأسبوع اتفاقية مع صندوق الاستثمار السعودي-الأردني لتصبح الشريك الأكاديمي في مشروع صحي جديد كبير، تكلفته 400 مليون دولار، وهو ما سيخلق 5,000 وظيفة جديدة ويوفر خبرة بريطانية عالمية المستوى بمجال الرعاية الصحية في الأردن.
لقد كان هذا الإعلان جزءاً من أول مهمة تجارية لنا في الأردن منذ أكثر من عامين. وإني على يقين بأنكم جميعاً تشاركونني ارتياحي تجاه البدء في طي صفحة جائحة كوفيد-19. فها هي الأبواب يُعاد فتحها أمام تعاوننا في جميع المجالات.
وفي هذا العام رحبنا بأكثر من 2000 طالب أردني جاءوا للدراسة بالحضور الشخصي في المملكة المتحدة، مستفيدين من عرضنا الأكاديمي الرائد عالمياً. وكان من بينهم نخبة استفادت من منح تشيفننغ الدراسية – ونتطلع إلى الترحيب مجدداً بهؤلاء الأردنيين الموهوبين الذين لا شكّ سيكونون قادة المستقبل في هذه العلاقة الثنائية بين بلدينا.
إن شباب الأردن هم مستقبل البلد وهذه العلاقة التي نتحدث عنها. وقد زار الرئيس التنفيذي لمعهدنا الثقافي، المجلس الثقافي البريطاني، الأردن هذا الأسبوع وشاهد كيف يقدم المجلس دروساً في اللغة الإنجليزية، وامتحانات المدارس البريطانية، وورشات عمل التطوير المهني، وتعريف ما يقرب من 50,000 من الشباب الأردني كل عام بالفنون والثقافات، الأمر الذي يساعدهم على تطوير المهارات والثقة التي يحتاجونها للازدهار في القرن الحادي والعشرين المترابط الذي نعيش فيه، وليعملوا على بناء اقتصاد أردني منتج فعال للمستقبل.
لا يزال تعاوننا مع المؤسسات العسكرية والأمنية الرائعة في الأردن هو العمود الفقري لعلاقتنا، وأنا ممتنة للغاية لجميع أولئك الذين يرتدون الزي العسكري ويقدمون خدمةً لبلدينا، ويعملون يومياً – وفي شراكة حقيقية – للحفاظ على سلامتنا جميعا. وإننا نشارككم الأسى لفقدان ثلاثة من أفراد الأمن مؤخرا، ونقدم تعازينا لأسرهم.
ومن الإيجابيات الكبيرة في تعاوننا العسكري هو أنه أصبح أكثر شمولاً. إذ أننا، إلى جانب آخرين في المجتمع الدولي، ندعم على نحو متزايد مشاركة المرأة في كل من الجيش والشرطة الأردنيين. فالضابطات اللواتي قابلتهن هنّ من بين بعض الأردنيين الأكثر تفانياً ومهنيّة.
ويبقى من الأهمية بمكان أن نواصل العمل معا لضمان تمثيل المرأة بشكل جيد في جميع المؤسسات السياسية والأمنية والاقتصادية والتجارية في الأردن. حيث نعلم من واقع التجربة والأدلة أن المشاركة الأكثر تنوعا وشمولية في صنع القرار والتنفيذ تؤدي إلى نتائج أفضل للمواطنين، بما في ذلك قدر أكبر من الأمن والازدهار.
في الختام، أود التأكيد على التزام المملكة المتحدة تجاه الأردن على المدى الطويل. ففي الوقت الذي نتصدى فيه للعواقب المأساوية والمزعزعة للاستقرار عالميا الناجمة عن غزو روسيا لأوكرانيا، فإن ذلك يُذكّرنا بأن الأمن والازدهار في المستقبل يعتمدان على قدرتنا على بناء شبكة من الشراكات القوية، ودعم بعضنا البعض عند الحاجة.
أنا فخورة بأن المملكة المتحدة تعمل بالشراكة مع الأردن للمساعدة في تلبية احتياجات السكان المحتاجين للمساعدة، وتنفيذ الإصلاح الاقتصادي الذي سيعزز استقراره، وتغطية تكاليف توفير ملاذ آمن للاجئين.
خلال جائحة كوفيد، قدمت المملكة المتحدة دعما طارئا للحماية المجتمعية إلى 293,000 أسرة محتاجة اقتصادياً ممن فقدت وظائفها وسبل عيشها في القطاع غير الرسمي. كما ضمن التمويل البريطاني هذا العام حصول 190,000 من اللاجئين السوريين وغيرهم من اللاجئين على تعليم جيد وشامل. وإذ ندرك وطأة تبعات استضافة عدد كبير من اللاجئين، فإننا نواصل تقديم التحويلات النقدية لما يصل إلى 71,000 لاجئ، والحماية للفئات الأكثر عَوَزاً.
شركاؤنا هم الأساس، وبهذه الروح أود أن أشكر بصدق جميع الجهات الراعية لنا، والتي استطعنا بفضل دعمها الكريم من تنظيم هذه الأمسية. ويمكنكم مشاهدة الجهات الراعية جميعها على الشاشة خلفي. كما أود توجيه الشكر للفرقة الموسيقية الرائعة التي أعارتها لنا القوات المسلحة الأردنية هذا المساء.
ولا يفوتني أن أشكر جميع أعضاء فريق العمل في السفارة وفي مقر سكني على عملهم لتسهيل ترتيب هذه الأمسية، وعلى كل ما قاموا به من عمل شاق طوال العام. كما أود أن أشكر عائلتي على دعمها لي.
وأخيراً، أود أن أشكركم جميعا على كل ما تفعلونه للمساهمة شخصياً في العلاقة بين المملكة المتحدة والأردن لصالح شعبينا. حيث إن قوة الروابط المؤسسية بين بلدينا لن تُجدي بدون المساهمات الفردية التي تقدمونها أنتم في مختلف المجالات.
شكراً لكم جميعاً لدعمكم ودوركم في نجاح الشراكة بين بريطانيا والأردن.
أرجو منكم أن ترفعوا كؤوسكم تحية للشراكة البريطانية-الأردنية الرائعة، ولجلالة الملك عبد الله الثاني، وأيضا، وبمناسبة اليوبيل البلاتيني، لجلالة الملكة إليزابيث. في صحة الملكة!