صراحة نيوز – بقلم محمد حسن التل
من الطبيعي ألا يثق الأردنيون بالحكومات، لأنها ببساطة تكذب عليهم، وتحاربهم في أرزاقهم وحياتهم؛ انظر إلى الغلاء كيف أوصلهم إلى الفقر والبطالة التي سودت مستقبل أبنائهم وهم يرون بقهرهم كيف تتصرف مؤسسات الدولة بأموالهم وكأنها مؤسسات دولة نفطية… حدث ولا حرج عن الصرف، وعن التعيينات العشوائية المستندة إلى المحسوبات والواساطات واختزالها بمجموعة محددة من نفس الدائرة التي بات الأردنيون يعرفونها وتزيدهم قهرا ومعاناة.
كل خطط الحكومات ساقطة في نظرهم لأنها كاذبة وتكتب بحبر كاذب. أي حكومة في الدنيا تهدد مواطنيها برفع أسعار المحروقات بنسب تاريخية على أبواب الشتاء، وهي تعلم أن كثيرا من الأردنيين في مدنهم وقراهم ومخيماتهم وبواديهم اضطروا للعودة إلى تدفئة الحطب لأنهم لا يملكون ثمن الكاز والديزل، وستعود غدا مناظر الأردنيين وهم يقفون على محطات المحروقات وبأيديهم زجاجات ماء صغيرة ليشتروا بدينار أو نصف دينارهم كازا يشعلون به نارهم الحزينة.
هل تعلم الحكومة أن الأردني لم يعد يستطيع أن يشتري لأولاده كسوة الشتاء حتى من محلات البالة، ولا يستطيع أن يؤمن مؤونة الطعام؟ هل تعلم أن الفقر نهش الناس في كل بقعة من بقاع الأردن؟ ومع ذلك تبشر الحكومة بأن القادم أصعب، وتضع خطة للإنقاذ الاقتصادي تقول هي أن المواطن سيشعر بها بعد عامين!! لقد سمع الناس ذلك منذ سنوات والحكومات تأتي وتذهب وهي تردد ذلك مرارا وتكرارا، ولا ضوء في نهاية النفق ولا خروج من عنق الزجاجة التي وضعونا بها.. وتأتي هذه الحكومة لتقول لنا بأنه يجب التركيز على الإنجاز وعدم ممارسة السوداوية!! عن أي إنجاز يتحدثون؟ لا يرى أحد تلك الإنجازات، فلقد يئس الأردنيون من رؤياها منذ زمن بعيد.
الإنجاز الوحيد للحكومات هو رفع الأسعار والتعيينات العشوائية في المراكز القيادية وغيرها، والجباية من الناس على مدار الساعة؛ فالمواطن يصحو لتكون مهمته الأولى تسديد الفواتير والرسوم التي يزداد ضغطها يوما بعد يوم. أم أن مؤسسات الدولة تتحدث عن تلك الإنجازات في توزيع العطايا والمنح لمن يستطيع أن يصل إليها!!
هل يعلم هؤلاء “وهم يعلمون” أن الزواج وتأسيس عائلة أصبح لمعظم الشباب الأردني حلما بعيد المنال؟ وأن القلة التي تستطيع الزواج منهم ترفض الإنجاب بسبب ضنك الحياة ومخافتهم من عدم استطاعتهم تربية الأبناء وتأمين حياة كريمة بحدها الأدنى؟ ويخرج عليك وزراء الواسطات والصدفة لينظروا عليك بالإنجاز!!! أما آن للحكومة أن تصحو من غفلتها لتقدم شيئا للأردنيين ولو بالحد الأدنى لتحسين معيشتهم؟
يخرج رئيس الوزراء بعد غياب عام عن الناس ليسوف ولا يقدم لهم أي شيء على أرض الواقع، ويخرج بعده مباشرة وزيره لشؤون الإعلام ليدافع فقط عن حفلات ومهرجانات تهدد الأمن الصحي، ويدعي أنها ضرورة وطنية لدعم السياحة، وكأن السياحة اقتصرت على “الهز والرقص”. ويصر الوزير ذاته في نفس الوقت على بقاء الأوضاع في المساجد تحت ضغط أوامر الدفاع والمراقبة… كيف يفكر هؤلاء؟ لماذا لا يعلنوها بصراحة ورجولة أنهم لا يملكون من أمرهم شيئا، وأنهم عبارة عن لجنة إدارة لا أكثر ولا أقل.
حكومات تفقد ثقة الناس على كل المستويات.. حكومات عاجزة عن تقديم أي شيء لحياة الناس لماذا تبقى؟ لماذا لا تحترم نفسها “وتسلم المفاتيح” وترحل؟ أم أن بريق المنصب ينسيها كرامتها وعدم احترام الناس لها؟
لقد مل الأردنيون هذه الأوضاع وفقدوا ثقتهم بكل شيء، في السياسة والاقتصاد وكل ما يأتي من المؤسسة الرسمية، فهم في واد وهؤلاء في واد، فهم يكذبون كما يتنفسون.. ألا يتذكر هؤلاء قول الملك الحق: “قفوهم إنهم مسؤولون”؟؟