صراحة نيوز – أعادت توجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني خلال لقائه رئيسي مجلسي الأعيان والنواب وأعضاء المكتب الدائم في المجلسين وخلال زياته الى محافظة عجلون الاسبوع الماضي، التأكيد على الاولويات في ظل التحديات المحلية والمستجدات الاقليمية والدولية وبنظرة ملكية شاملة.
وتكمن أهمية التوجيهات الملكية من حيث التوقيت والمحاور، اذ تعكس حجم الادراك الملكي لواقع الحال بأدق التفاصيل، فالتوجيهات الملكية عكست نبض الشارع وبددت تخوفات المواطن في قضايا وطنية اقتصادية وامنية ضمن اطر عادلة.
واقع الحال، الذي تؤثر في جزء كبير منه التحديات والمتغيرات الاقليمية والدولية، يتطلب «هبه وطنية» رسمية وشعبية، خصوصا ان متطلبات المرحلة تفرض البحث عن بدائل وخيارات تعزز الثقة بالقدرة على تجاوز التحديات واحتواء المتغيرات.
ووضعت التوجيهات الملكية «النقاط على الحروف» فيما يتعلق بقضايا اقتصادية، كانت محور حديث الشارع العام خلال الفترة الماضية، فالملك وجه الحكومة لدراسة الإجراءات المقترحة للإصلاح المالي، والنظر في الخيارات البديلة التي تحمي الأقل دخلا.
واتصف الحديث الملكي، خلال اللقاء، بالنظرة الشاملة والوضوح، فالملك اكد ضرورة الواقعية في حجم الانجازات التي يمكن تحقيقها خلال العام الحالي، في ظل ان المنطقة تعيش حالة حرب، وهذا يشكل تحديا لجهود زيادة النمو الاقتصادي والحد من بطالة الشباب.
استثنائية المرحلة وخطورتها، والتي هي ازمة اقليم، وليست ازمة اردنية، كما وصفها الملك، تتطلب ان تكون الاجراءات والحلول ايضا استثنائية وتوجب العمل والوقوف يدا واحدة للمضي قدما وتجاوز التحديات، التي تفرضها التداعيات الاقليمية ما يترتب عليه من تحمل «اعباء غيرنا» وبأكثر من اي دولة حولنا.
وفي محور اهمية التوقيت للتوجيهات الملكية، فإنها جاءت في مرحلة مهمة لتوجيه سلطات الدولة ضمن اطر عادلة تراعي فيها الاولويات الوطنية بداية وقادرة على تجاوز التحديات الاقليمية والمتغيرات الدولية، فأمس بدأت مناقشات مجلس النواب لمشروع قانون الموازنة العامة للدولة، وهذا يتطلب جهدا وطنيا للخروج بقانون ذي طبيعة شاملة ويراعي تداعيات وابعاد لها تأثيرات مباشرة وغير مباشرة، بحيث يكون هنالك حماية للفئات الأقل دخلا والطبقة الوسطى، خاصة في ظل هذه الظروف الصعبة.
وقال جلالة الملك انه وجه الحكومة لدراسة الإجراءات المقترحة للإصلاح المالي، والنظر في الخيارات البديلة التي تحمي الأقل دخلا، مع التأكيد أن زيادة نمو وتنافسية الاقتصاد الوطني يجب أن تكون الأساس في رفع سوية الاقتصاد.
كما قال جلالته خلال زيارته لمحافظة عجلون أنه وجه الحكومة لتخفيض النفقات واتخاذ الإجراءات بهذا الخصوص، لاسيما فيما يتعلق بالرواتب العليا للمسؤولين، وكذلك المياومات والامتيازات.
وفي الوقت ذاته جاء التأكيد الملكي بأهمية الوقوف يدا واحدة، حكومة وأعيانا ونوابا ووزارات ومؤسسات، للمضي قدما وتجاوز التحديات (…) واهمية التنسيق والتعاون بين الحكومة ومجلسي الأعيان والنواب فيما يتعلق بالتشريعات الاقتصادية في المرحلة القادمة.
التأكيد الملكي بضرورة تنمية الموارد البشرية ومكافحة التطرف وبناء المواطن المسؤول في الدولة المدنية، بإعتبارها الأولوية الأهم لحماية الأردن في كل الظروف، رافقه تأكيد بالمقابل، يعتبر ركيزة اساسية تمثلت بسيادة القانون، التي «هي فكر وثقافة، كما أنها إجراءات وقرارات وأفعال» لا يستثنى منها أحد.
وبهذا الصدد، جاء التأكيد الملكي بضرورة حماية كل مواطن وعدم السماح بالتطاول على اي احد،وعدم ايذاء مشاعر «أبنائنا» من مختلف الطوائف والمنابت والأصول أو ينشر فكره البغيض والكراهية (…) وانه «لا مكان في أجهزتنا أو وزاراتنا أو مؤسساتنا لمن لا يحترم شهداءنا ولا يقدر تضحيات أبنائنا».
هذه التوجيهات الملكية تأتي في سياق المحافظة وتحصين الاردن من مظاهر سلبية، طالما رفضها المجتمع الاردني، إلا أن تداعيات ما تشهده المنطقة من حروب وقتل ودمار واستغلال فئة ضالة ارهابية لذلك الواقع لمحاولة اذكاء تلك المظاهر في مختلف اصقاع الارض لتحقيق اجندتهم، إلا ان الاردن بإرادة شعبه وعزيمة قيادته وحرفية ومهنية قواته المسلحة والاجهزة الملكية، يثبت انه عصي على كل من يحاول النيل من امنه واستقراره ووحدته الوطنية.
الركيزة الاساسية لتحقيق ذلك، ضمان حماية المواطن اقتصاديا واجتماعيا وفكريا، بإعتبارها مصدر القوة، وهذا يتطلب ايضا رافعة تتمثل في اهمية دور الاعلام بان يكون خط دفاع عن الوطن، وان يكون داعما لجهود القوات المسلحة والاجهزة الامنية، التي تقوم يوميا بعمليات تحمي الأردن وتحمي المواطن ولا يعلن عنها.
ففيما تعكس التوجيهات الملكية شمولية الرؤية الملكية للواقع والمستقبل، فإنها تحمل مراهنة وثقة بأن الاردن بعزيمة وتكاتف ابنائه وتكاملية ادوار مؤسساته قادر على تجاوز التحديات.
الرأي – حاتم العبادي