صراحة نيوز – وجَّه نحو 200 نائب جمهوري في الكونغرس الأمريكي خطاباً للرئيس جو بايدن ينذرون فيه بأن أي اتفاق نووي مع إيران يُبرم دون موافقة الكونغرس “سيواجه المصير نفسه” الذي واجهه من قبل الاتفاق النووي الذي وقعه باراك أوباما عام 2015، وانسحب منه بعد ذلك دونالد ترامب عام 2018.
موقع Axios الأمريكي أشار، الخميس 17 فبراير/شباط 2022، إلى أنه في الوقت الذي تسابق فيه إدارة بايدن الزمن لإحياء الاتفاق النووي مع إيران، فإن مسؤولاً إيرانياً دعا الكونغرس علناً الأربعاء 16 فبراير/شباط إلى التعهد بأن واشنطن ستلتزم الوفاء بالاتفاقية التي يُحتمل توقيعها.
عرقلة مساعي بايدن
الموقع الأمريكي قال إن الخطاب جاء ممهوراً بتوقيع معظم نواب الحزب الجمهوري الذي تقول استطلاعات الرأي إنه الأقرب إلى إدارة مجلس النواب بالأغلبية العام المقبل، وأبان عن رفض جمهوري شديد لطلب إيران.
بالإضافة إلى ذلك، يعرقل الخطاب مساعي بايدن المتعسِّرة بالفعل لإحياء الاتفاق الذي تفاوضت عليه إدارة أوباما بدعم من الاتحاد الأوروبي ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
حسب الموقع الأمريكي، فإن خلاصة ما يقوله المشرِّعون الجمهوريون في خطابهم إلى بايدن إنهم “لن يعتدُّوا بأي اتفاق يُعقد في فيينا ما لم يُعرض على مجلس الشيوخ الأمريكي للتصديق عليه في صيغة المعاهدة، وكذلك أي اتفاق سري يُبرم مع إيران مباشرة أو يُلحق بالمحادثات الرسمية”. كما يحدد الخطاب شروطاً يُتوقع ألا يوافق عليها قادة إيران على الإطلاق.
معارضة رفع العقوبات عن إيران
إذ يتعهد النواب الجمهوريون في خطابهم بمعارضة أي اتفاق يرفع العقوبات الأمريكية عن إيران ما لم يقُم النظام الإيراني أولاً بتفكيك جميع قدرات التخصيب النووي لديه تفكيكاً كاملاً.
كما يريدون من إيران أن تدمر جميع صواريخها القادرة على حمل رؤوس نووية، ووقف كل رعاية لأي نشاط تعتبره الولايات المتحدة نشاطاً إرهابياً، علاوة على دفع “التعويضات التي تحكم المحاكم الفيدرالية الأمريكية باستحقاقها لذوي الضحايا الأمريكيين من العمليات الإرهابية التي ارتُكبت برعاية من النظام الإيراني”.
أما عن المضمون الأشمل لهذا الخطاب، فهو أنه يرسل بياناً واضحاً للإيرانيين عن عزم الحزب الجمهوري على معارضة العودة إلى الاتفاق النووي لعام 2015 بكل ما أوتي من قوة.
من الجدير بالذكر أن 175 نائباً جمهورياً في مجلس النواب، تنوعت اتجاهاتهم داخل الحزب الجمهوري بين نواب معتدلين وأتباع ترامب المتشددين، اجتمعوا على توقيع الخطاب، وهو بيان لافت للانتباه في حد ذاته.
فيما كان 33 نائباً جمهورياً بمجلس الشيوخ قد صرَّحوا بالموقف نفسه، فقد حذروا في خطاب آخر إلى الرئيس الأمريكي في وقت سابق من هذا الشهر من أن تنفيذ الاتفاق النووي المزمع سيواجه “عوائق شديدة إن لم تكن حاسمة لإنهائه” إذا لم يعرضه بايدن للتصويت في مجلس الشيوخ.
رسائل الجمهوريين لإيران
من جهة أخرى، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية لموقع Axios: “إن إدارة بايدن لا تتفاوض على العودة إلى امتثال متبادل للاتفاق النووي على أساس مرتبط بمن يحكم إيران اليوم أو غداً، ونتوقع النهج نفسه من إيران”.
تستدعي هذه الرسائل إلى الأذهان ذكرى رسالة مفتوحة أخرى إلى إيران في عام 2015 أُرسلت وقتها بتنظيمٍ من السيناتور الجمهوري توم كوتون، وفي ذلك الوقت اتهمه الديمقراطيون بعرقلة المفاوضات النووية بزعمِه أن أي صفقة لم يقرها الكونغرس يمكن إلغاؤها “بجرةِ قلمٍ”.
إذ يقول ريتشارد غولدبرغ، مسؤول بارز سابق في الفريق المعنيّ بالشأن الإيراني لدى مجلس الأمن القومي أثناء رئاسة ترامب، إن هذه الرسائل تحمل بين سطورها “رسالة حادة وواضحة إلى الإيرانيين والقطاع الخاص”.
فهي تقول لإيران إن كل ما تعتقد أنها نجحت في إقناع بايدن بالموافقة عليه في فيينا يفتقر إلى ما يكفي من دعم سياسي في واشنطن لتمريره مع أي عودة لسيطرة الحزب الجمهوري على البيت الأبيض أو الكونغرس، علاوة على أن “العقوبات على إيران ستعود بالتأكيد”.
أما “الرسالة الموجهة إلى القطاع الخاص الاقتصادي، فهي هل ستخاطر بمواجهة الجمهوريين الذين تشير التوقعات إلى استعادتهم الأغلبية في الكونغرس في نوفمبر/تشرين الثاني؟”.
العودة إلى الاتفاق النووي الأصلي
على الجانب الآخر، يقول علي فايز، خبير الشؤون الإيرانية في “مجموعة الأزمات الدولية”، لموقع Axios: “الحقيقة أن خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي) عُرضت بالفعل على الكونغرس وجرى التصويت عليها. ما تفاوض عليه الإدارة الأمريكية في فيينا هو العودة إلى الاتفاق الأصلي، وليس التوصل إلى اتفاق جديد”.
كما أضاف: “مهما يصدر من مواقف سياسية [معترضة]، فإن الواقع عملياً أن الكونغرس لا يملك شيئاً لمنع الاتفاقية. وما تكشف عنه هذه الرسالة أن الجمهوريين إما عاجزين أو غير راغبين في التعلم من فشل الشروط الاثني عشر المتطرفة التي وضعها ترامب سابقاً للعودة إلى الاتفاق النووي، وجعلت إيران الآن أقرب من أي وقت مضى إلى امتلاك أسلحة نووية”.