صراحة نيوز – حققت قوات النظام السوري الثلاثاء تقدمها الأبرز في جنوب البلاد، حيث تمكنت من فصل مناطق سيطرة الفصائل المعارضة في شرق محافظة درعا الى جزئين، إثر هجوم مستمر منذ أسبوع تسبب بموجات جديدة من النازحين.
وقدرت الأمم المتحدة نزوح 45 ألفاً على الأقل داخل مناطق سيطرة الفصائل المعارضة خلال أسبوع، اثر تصعيد قوات النظام قصفها على محافظة درعا وتحديداً ريفها الشرقي والشمالي الشرقي حيث تدور اشتباكات عنيفة.
وتكتسب المنطقة الجنوبية أهمية من ناحية موقعها الجغرافي الحدودي مع اسرائيل والأردن، عدا عن قربها من دمشق.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس الثلاثاء “حققت قوات النظام السوري التقدم الأهم لها خلال أسبوع”، مشيراً إلى سيطرتها خلال ليل الاثنين الثلاثاء على بلدتي بصر الحرير ومليحة العطش، لتقسم بذلك مناطق سيطرة المعارضة في ريف درعا الشرقي الى قسمين شمالي وجنوبي.
وأكد مصدر عسكري سوري، وفق ما نقل الاعلام الرسمي، سيطرة وحدات الجيش “بالتعاون مع القوات الحليفة والرديفة” على البلدتين، ووصولها الى أطراف بلدة الحراك.
وجاء تقدم قوات النظام من أطراف محافظة السويداء المجاورة بحسب المرصد، بفضل “مئات الضربات الجوية” التي نفذتها الطائرات الحربية السورية والروسية خلال الأيام الماضية بالإضافة الى قصف صاروخي عنيف.
ويتركز القصف حالياً، وفق عبد الرحمن، على بلدة الحراك ومحيطها قرب بصر الحرير، وقد استهدفتها الطائرات الحربية السورية والروسية بأكثر من مئة ضربة جوية منذ صباح الإثنين.
وكان المستشفى الميداني في البلدة، التي تعد من أهم بلدات الريف الشرقي، خرج من الخدمة قبل ثلاثة أيام جراء القصف.
وقال خليل الحريري (48 عاماً) من الحراك لفرانس برس إن عشرات الغارات والبراميل المتفجرة طالت البلدة منذ الصباح متحدثاً عن “دمار لا مثيل له طال البلدة وبناها التحتية”.
وتسعى قوات النظام الى عزل مناطق سيطرة المعارضة وتقسيمها الى جيوب عدة، ما يسهل عليها عملياتها العسكرية لاستعادة السيطرة على محافظة درعا، وهي الاستراتيجية العسكرية التي لطالما اتبعتها دمشق لاضعاف الفصائل وتشتيت جهودها قبل السيطرة على مناطقها.
ووثق المرصد مقتل 15 عنصراً على الأقل من الفصائل المعارضة الاثنين في اشتباكات بصر الحرير، في أعلى حصيلة قتلى للفصائل في يوم واحد منذ الثلاثاء الماضي.
وبذلك ارتفعت حصيلة القتلى خلال أسبوع، الى 29 مقاتلاً من الفصائل المعارضة و24 عنصراً من قوات النظام والمسلحين الموالين لها، اضافة الى 32 مدنياً، وفق حصيلة للمرصد.
وتسيطر الفصائل المعارضة على 70 في المئة من محافظة ودرعا والقنيطرة المجاورة، فيما تسيطر قوات النظام على محافظة السويداء المجاورة بشكل شبه كامل.
وتسبب التصعيد الأخير بحركة نزوح واسعة في درعا، وفق مكتب تنسيق الشؤون الانسانية التابع للأمم المتحدة.
وقالت المتحدثة باسم المكتب في دمشق ليندا توم لفرانس برس الثلاثاء “شهدنا خلال الأيام القليلة الماضية على فرار عدد كبير جداً من الأشخاص بسبب استمرار أعمال العنف، والقصف والقتال في هذه المنطقة”، مضيفة “لم نر من قبل نزوحاً ضخماً بهذا الشكل في درعا”.
وأشارت توم الى تقديرات بنزوح “45 ألفاً وربما أكثر”.
ويفر النازحون وفق توم، بشكل أساسي من ريف درعا الشرقي، ويتوجهون بغالبيتهم إلى المنطقة الحدودية مع الأردن جنوباً.
وحذرت الأمم المتحدة سابقاً من تداعيات التصعيد على نحو 750 الف شخص في مناطق سيطرة الفصائل المعارضة في المنطقة الجنوبية التي تشمل محافظات درعا والقنيطرة والسويداء. وقد أعلن الأردن قبل يومين عدم قدرته على استيعاب موجة لجوء جديدة.
وأفادت الأمم المتحدة الثلاثاء عن أنها بصدد اعداد امدادات اغاثة تمهيداً لارسالها الى الجنوب من مناطق سيطرة الحكومة والدول المجاورة.
وأعلنت منظمة الصحة العالمية في جنيف أنها أعدت اكثر من 27 طناً من الامدادات الطبية لارسالها الى درعا من دمشق “بمجرد حصولها على الضوء الأخضر من السلطات السورية”.
ووفر برنامج الغذاء العالمي حصصاً غذائية لثلاثين ألف سوري، وكان بصدد الاستعداد لارسال حصص غذائية شهرية لنصف مليون شخص من الأردن المجاور.
وتعد محافظات الجنوب احدى مناطق خفض التصعيد الأربع في سوريا. وقد أُعلن فيها وقف لإطلاق النار برعاية روسية أميركية أردنية في تموز/يوليو الماضي.
ويحضر مستقبل هذه المنطقة في محادثات تدور بين روسيا الداعمة لدمشق، وبين الولايات المتحدة وأيضاً الأردن واسرائيل.
وقال الرئيس السوري بشار الأسد في مقابلة قبل أسبوعين إن هناك خيارين أمام الفصائل اما “المصالحة” أو الحسم العسكري.
وكانت قوات النظام سيطرت على منطقتي خفض تصعيد خلال الأشهر الماضية هما الغوطة الشرقية وريف حمص (وسط) الشمالي، ولم يبق بين المناطق الأربع سوى جنوب البلاد ومحافظة ادلب (شمال غرب).
وتسبب النزاع السوري منذ اندلاعه في العام 2011 بمقتل اكثر من 350 ألف شخص وبدمار هائل في البنى التحتية وبتشريد وتهجير أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها .