صراحة نيوز – كتب المهندس سمير الحباشنة
* ان جوهر الحديث عن اللامركزية، لا بد بالضرورة ان يتناول إعادة بناء الهيكل الإداري للدولة، بحيث يتم تفكيك ما هو قائم وإعادة تركيبه، وفق أسس وأساليب ومضامين، تؤدي الى إدارة عامة. أكتر رشاقة وقدرة على تحقيق أهداف الدولة الاقتصادية والاجتماعية، وتوفير بالنفقات المالية وتعظيم الانجاز وبزمن قياسي، يجعل من منظومة التطوير والتنمية والخدمات أكثر جدوى، وقدرة على خدمة المواطنين، وبالتالي التأسيس الى متلازمة حقيقية، ما بين الشعار وتطبيقه على أرض الواقع وفق جدولة زمنية محددة.
إن اللامركزية منظومة إدارية متكاملة، تبدأ في نقطة اصلاحية ما للادارة، ولاتنتهي عند نقطة أخرى، فاللامركزية عملية مستمرة تبدأ من العناوين الكبرى وتستمر حتى تلامس أدق التفاصيل في جسم الدولة الاقتصادي والاجتماعي والتشريعي.
ان الحالة الراهنة للادارة الأردنية انما تعاني من بيروقراطية شديدة ومتعاظمة، كان لها الأثر السلبي والحضور الثقيل على اغلب الوزارات والمؤسسات والدوائر، الأمر الذي أوقعنا في ال30 سنة الأخيرة ، بحالة من ازدواجية العمل وتضارب الأهداف والغايات وتعدد الجهات التي تقوم بالعمل ذاته. فضاع بموجب هذا الوضع المبطئ للعمل، قرارنا التنموي والخدمي بيين ادراج هذه التعددية الادارية غير الحميدة، وكانت الخسارة الكبرى تلك التي وقعت على الحال التنموي والخدمي في المحافظات، فكان أن اصبحت حاجتنا ملحة وضرورية الى جهد اداري متميز يبدأ بالتأكيد باللامركزية حتى نرسم خطوطا واضحة ومحددة للعلاقة بين المركز والاطراف والصلاحيات المناطة بهيئات الدولة على اختلافها.
علماً بأن الوضع الراهن يشي الى ان عمان العاصمة قد تركز بها القرار الى حد أن أصغر الإجراءات وابسط المعاملات، أصبحت تحتاج أن يأتي المواطن الى عمان، او أن تقوم دوائر الدولة في المحافظات على اختلافها بتحويل اغلب المسائل ومهما صغرت او قلت أهميتها الى مركز تلك الدوائر في عمان! قصة اللامركزية.. أردنياً
لقد أصبح تطبيق اللامركزية ضرورة لا يجوز أن تتأخر. وبالتالي فإن الدولة الاردنية وان كانت بالسابق قد أشرت على أهمية هذا الأمر، وبالذات من قبل المرحومين وصفي التل وعبد الحميد شرف»رحمهما االله « فأن محاولة واحدة يتيمة تعاملت مع مفهوم اللامركزية أبان حكومة الدكتور عبد السلام المجالي ، عندما قسم موازنة الدولة للعام (94/93 (الى موازنة للمحافظات: ولما تغيرت الحكومة تم إلغاء هذا التوجه ولم يتكرر بل ولم يجر تطويره، الى ان تسلمت موقعي كوزير للداخلية في حكومتي علي أبو الراغب وفيصل الفايز، حيث بدأنا بعد زيارة لجلالة الملك عبداالله الثاني إلى وزارة الداخلية، وبعد استعراض فكرة اللامركزية في تلك الزيارة بوضع اول مسودة لمشروع قانون اللامركزية، بإلانطلاق من الإحتياجات الفعلية للدولة الأردنية بايدي خبرات وطنية مع الاستفادة من تجارب الغير. حيث تم ترتيب العديد من الزيارات للحكام الإداريين لدول سارت على نهج اللامركزية ونجحت مثل»النمسا، ألمانيا، مصر، فرنسا»والتي وجدنا استجابة من هذه الدول ودعم الى توجهات الأردن في تطوير إدارته، حتى أن فرنسا وعدت بتقديمً هديهً للدولة الاردنية بإنشاء معهد إقليمي للامركزية، لتدريس وتأهيل الكوادر والاطارات البشرية المختصة ليس على مستوى الاردن، بل وليخدم دول الأقليم المهتمة بتطبيق هذا النموذج من الادارة الحديثة.
إلا ان التبدلات السريعة في الحكومات لدينا وقوى كثيرة في دولة لم يرق لها السير في هذا الإتجاه. قد أدت إلى حرف توجه الدولة نحو تطبيق اللامركزية في اطار المحافظة بإعتبارها الوحدة الادارية الراسخة ذات كينونة اقتصادية منسجمة ونسيج اجتماعي موحد، واستبدالها بفكرة الأقاليم.حيث شُكلت لجنة الى هذه الغاية، لم تجد نتائج عملها القبول لعدم عمليته واستحالة تطبيقه، فكان ان وجه جلالة الملك عبداالله الثاني بالعودة الى العمل تجاه تطبيق اللامركزية في إطار المحافظة.
وبين شد وجذب صدر قانون اللامركزية الذي بين أيدينا الذي تعرض حتى في اخر محطات إنجازه الى محاولة تفريغه من جوهره المتبقي وهو (الاستقلال المالي والإداري لمجالس المحافظات ) وقد قمنا في الجمعية الأردنية للعلوم والثقافة، بمعارضة هذا الفصل الذي كان من شأنه أن يجرد القانون من مضمونه ومراميه، وتوجهنا برسالة ذات بعد دستوري وقانوني منطلقا من تفهم الضرورات الفعلية لتطوير الادارة الأردنية، رفعناها الى جلالة الملك عبداالله الثاني تمنينا عليه الا يصادق على هذا القانون، الذي تم إقراره في مجلس الأعيان بعد أن نزعت منه المادة المتعلقة بالإستقلال الإداري والمالي لمجلس المحافظة، وبالفعل رد جلالة الملك القانون وأُعيدت هذه المادة الى صلب القانون الذي كان بدونها سيكون قانوناً خالياً من الدسم، ولا يحمل اي معنى للتطوير الإداري والتنموي.
وقفة تأمل
أن القانون الذي بين أيدينا يحتاج الى إعادة ترميم وضخ دفق للحياة في مفاصله، بعد أن اخضع للتجربة وبانت عيوبه. وبالتالي إعادة بنائه وفق أسس من شأنها تمكين اللامركزية بتعضيد مجالس المحافظات بصلاحيات وامكانيات، وإعادة النظر بطبيعة عضوية تلك المجالس، وكذلك الأمر بالنسبة الى المجالس التنفيذية التي لا زالت في حلة القانون الحالي، تابعة بكل تفاصيلها الى الحكومة المركزية في العاصمة.
•وقبل أن اقترح جملة من التعديلات على قانون اللامركزية المعمول به حالياً فإن النموذج الذي يحاكي الحالة الأردنية يتطلب ما يلي:
أولا: لا بد أن يتضمن القانون بوضوح نقل صلاحيات الحكومة المركزية المتعلقة بالتنمية والخدمات، الى الهيئات التنفيذية والمنتخبة في المحافظات. وأشدد على نقل تلك الصلاحيات وليس تفويضها، علما بأن الكثير من المسؤولين يخلطون بين مفهومي نقل الصلاحيات او تفويضها.فالنقل ضمن القانون صلاحيات غير قابلة للسحب ، عكس التفويض، حيث أن الذي يفوض صلاحية ما قادر على سحبها في الوقت الذي يشاء.
ثانيا:ان تصبح مهمات الحكومة المركزية في عمان محصورة بإختصاصات السيادة على اختلافها، اضافة الى وضع إستراتيجيات الدولة وموازنتها العامة والاشراف على تنفيذ المشاريع ذات الصفة الوطنية او تلك التي تكون عابرة لأكثر من محافظة.
ثالثا: وبالتالي ان تصبح مهمات البرلمان أيضا محصورة بالتشريع والرقابة دون ان يكون للنواب أي دور بموضوع الخدمات او التنمية بمعنى أن اللامركزية هي صورة ومضمون يقود الى أن تصبح مؤسساتنا مؤسسات متخصصة بأعمال محددة.. وإنهاء التداخل والازدواج والتضارب الذي يميز الادارة الأردنية حاليا .
•إن اللامركزية: إنما تعني تطبيق مقولة أن» اهل مكة أدرى بشعابها» ، بمعنى ان تكون عملية تحديد المشاريع وأهميتها وأولوياتها وبالتالي تنفيذها والرقابة الفعلية المستمرة على سلامة الأداء والانجاز، في إطار الموازنة المعتمدة للمحافظة جميعها، هي صلاحيات المجالسالتنفيذية ومجالس المحافظات.
بمعنى ان المجلس التنفيذي في المحافظة هو في حقيقته حكومة محلية في إطار اختصاصات التنمية والخدمات، دون المسائل السيادية التي هي من صلاحيات الحكومة المركزية كما أن مجلس المحافظة هو عمليا برلمان محلي أيضا مختص ايضا بالقضايا والمسائل التنموية والخدمية ليسإلا.
•إن اللامركزية بهذا المفهوم والمضمون سوف تؤدي إلى عدالة على مستوى المحافظة بل وعدالة على مستوى الافراد داخل المحافظة.
•واللامركزية تعني الموازنة المحددة مسبقاً لكل محافظة بتوزيع عادل فيما بينها، وبالتالي ينعكس ذلك على النهوض في البلاد بصورة كلية ومتوازنة نتصدى الى ظاهرة التباين الحاد في مستوى الخدمات والتنمية بين المحافظات والحاصل حاليا، بل ونرتقي بالمناطق الأردنية كافة لمستوى الوضع القائم في العاصمة عمان. فننهي ذلك الاختلال الكبير في مستوى الخدمات والنشاط الاقتصادي بين العاصمة وبقية المناطق.
•إن اللامركزية في الحالة الأردنية تعني تخفيف الارتباط بالعاصمة واختصار الحلقات البروقراطية المعيقة والمبطئة للعمل، ذلك ان الإدارة الأردنية بالوضع الحالي لا تستطيع من كثرة الحلقات البيروقراطية من أن تنجز من بنود النفقات الرأسمالية في الموازنة العامة للدولة أكثر من 50 %بأحسن الأحوال، وما يتبقى من مبالغ إنما يعاد إلى الخزينة ليتم إدراجها في الموازنة اللاحقة! وأعتقد أن اللامركزية من شأنها أن تخفف حركة السير على الطرق لإحتياج المواطنين حاليا أن يذهبوا إلى عمان لإنجاز معاملاتهم، مهما كانت هذه المعاملات بسيطة وان تخفيف حركة السير على الطرق من شأنه تخفيف حوادث السير التي أصبحت هما وطنيا، نقدم على قربانها مئات الضحايا في كل عام.
•إننا نتوخى من اللامركزية وإن طبقت على نحو أفضل، توسيع دائرة المشاركة من قبل المواطنين والذي من شأنه أن يساعد الدولة لإكتشاف القيادات في الأطراف، التي لا تأخذ بالعادة فرصتها في ظل المركزية الشديدة إن ذلك يعني رفد الدولة بقيادات يتم اختياراها وفق أسسموضوعية وعملية.
•إن اللامركزية تعني رقابة فعلية ومستمرة من قبل المجالس المنتخبة على اداء المجالس التنفيذية، وهذا يؤدي بالطبع إلى تحديد مسؤوليات الجهات التنفيذية من حيث الإنجاز أو التقصير سواء بسواء. ذلك ان الوضع الحالي لا يُمكننا من اكتشاف مكامن التقصير في الدولة، فالتقصير دمه ضائع بين مؤسسات كثيرة متعددة وبين صانعي القرار ومنفذيه سواء كانت في عمان أو فروعها في المحافظات، وعليه فأن وقفة مراجعة ورصد التطبيق للقانون بشكله الحالي يتبين لنا ما يلي:
* أولا: إن صلاحيات المجالس التنفيذية واسعة، فهي تقوم بإعداد الموازنة ووضع الخطط وتنفيذها بمقابل دور بسيط لا يكاد يذكر لمجالس المحافظات المنتخبة حتى يبدو وكأن مجلس المحافظة بوضعه الراهن هو تابع عمليا الى المجلس التنفيذي، وليس هنالك فرق كبير بين وضع مجلس المحافظة المنتخب والمجلس الاستشاري المعين في السابق! ويتم التعبير عن ذلك بالشكوى الدائمة من قبل الأعضاء المنتخبين في كثير من المحافظات، حتى ان بعضهم قد لوح في اكثر من مرة في اكثر من محافظة ب تعليق اعمال مجالس المحافظات، نظراً لعدم جدوى وجودها وعدم قدرتها على ان تكون مشاركا فعليا بصنع وتوجيه القرار الإداري والخدمي في المحافظات ونذكر في هذا السياق بأن إجتماعات المجالس التنفيذية متباعدة ، وكذلك اجتماعات مجالس المحافظات ، وان تقارير المجالس التنفيذية التي تُقدم الى مجالس المحافظات ، تقارير متباعدة أيضا نصف سنوية ، مما يؤدي الى حالة من الكسل وحالة من الإحساسبعدم الجدوى.
* ثانيا: كما وان الوضع الإداري والقانوني الراهن لمجالس المحافظات وضع مربك خصوصا مع تعدد الجهات والمرجعيات المسؤولة عن اللامركزية في عمان، والمرتبطة بوزارات ثلاث. هي التخطيط والداخلية والتنمية السياسية ، وهذا امر لا يجعل الامور تسير في الاتجاهات الصحيحة المأمولة.
* ثالثاً: كذلك يجب ان نتوقف عند تلك العلاقة الشائكة وغير الواضحة والمتداخلة من حيث الصلاحيات بين مجالس اللامركزية وبين البلديات، انه تداخل وتشابك وتضارب وازدواج بالصلاحيات لا بد من فض اشتباكه، حتى تعرف كل هيئة منتخبة، البلديات او مجالسمحافظات صلاحياتها بالضبط.
* رابعاً: والحقيقة ان التقييم الموضوعي وبعد عام أو أكثر من تطبيق قانون اللامركزية يدفعنا للقول أن القانون لم يعط اية صلاحيات تذكر للهيئات الحكومية العاملة في المحافظات ولا زالت الامور جميعها بيد الحكومة المركزية. ولا زالت المراتب الوظيفية لأعضاء المجالس التنفيذية بدرجات منخفضة كما كانت بالسابق قبل بدء بالعمل بقانون اللامركزية علماً ان أعضاء المجالس التنفيذية في كثير من الدول التي نجحت بصياغة نماذج فعالة للامركزية، هم بمراتب وظيفية عُليا، مؤهلة وقادرة على ان تكون جديرة بحمل القرار وصناعته على خير وجه.
* خامساً: ومن تتبع تطبيق القانون حاليا نستكشف عملياً ان الخطط التي توضع للمحافظات هي في حقيقتها من صنع المركز ومحددة بتوفر المخصصات المالية ، تلك المخصصات التي ربما تتبدل بعد ان يتم إقرارها، كما حدث في شهر شباط من هذا العام، حينما قررت الحكومة تخفيض السقوف المالية لموازنة المحافظات. والنتيجة وامام هذا الوضع نقول بإن الإنجاز في تنفيذ المشاريع قد تراوح ما بين 0 الى 10 %الى 60 %بأحسن حالات بعد ان كنا نتوخى من تطبيق اللامركزية ان نرتقي بنسب الإنجاز كواحدة من الثمار المأمولة من ذلك.
• وأخيرا فإن العنوان الرئيسي لهذه المحاضرة هو مستقبل اللامركزية.. ان اللامركزية قانون، وتطبيق اداري وتنموي وخدماتي، يسعى الى الاستخدام الامثل للموارد وتوزيعها بعدالة على كافة المناطق والتجمعات السكانية وانه مُلح وضروري الان قبل الغد، اذا كنا نريد ان نحقق الفائدة المرجوة. شريطة ان يتم تنفيذ نموذج للامركزية يناسب الحالة والاحتياجات الوطنية، وإيصال الخدمة الى مستحقيها افراداً ومناطق.
• ولضمان مستقبل فعال لقانون اللامركزية في الحياة الوطنية وبالذات بابعادها الإدارية والتنموية والخدمية لا بد من إلاجراءات الاتية:
1(نقل صلاحيات الحكومة المركزية الخاصة بالتنمية والخدمات الى مجالس المحافظات والمجالس التنفيذية نقلاوليس تفويضا، وذلك لان التفويض قابل للاسترداد ومن تجربتي بالعمل الحكومي، فان حتى الجهة او الشخص المفو ض هو لا يسعى ان يمارس التفويض الممنوح له، لانه يخشى من ان يترتب عليه مسؤولية جراء هذا التفويضاذاُ نتحدث عن نقل للصلاحيات في صلب القانون وليستفويضا لها.
2(تفعيل دوائر المجالس التنفيذية المختلفة في المحافظات من زراعة وصناعة وصحة وتنمية اجتماعية ومالية….الخ، وذلك بالإرتقاء بمستوى مدرائها على ان يكون كل رئيس دائرة عضو مجلس تنفيذي بدرجة امين عام وزارة، وان يمارس دور الوزير في اطار المحافظة وان يتم اعداد وتأهيل كوادر المجالس التنفيذية لتكون بسوية وكفاءة عالية قادرة على انجاز المهمات الملقى على عاتق المجالس التنفيذية، خصوصاً من حيث اقتراح الموازنة ما تتضمن من مشاريع وكذلك طرح العطاءات ومتابعة تنفيذها على خير وجه.
3(ان يكون لمجلس المحافظة مبناه الخاص، لتمكين اعضاء مجالس المحافظة القيام بأعمالهم، الذين كما ذكرت هم برلمان محلي. وان يكون لمجلس المحافظة دورة انعقاد شبيه بالدورات «البرلمانية» ،كما من الضروري ان يمارس مجلس المحافظة دور الرقابة والمتابعة الفعلية لأداء المجالس التنفيذية والسعي الى تحقيق الانجاز بالمواقيت المحددة.
4(إعداد وتدريب مستمر لأعضاء مجالسالمحافظات والمجالسالتنفيذية ،ذلك أننا نحن امام تجربة غير مسبوقة أي اللامركزية، وبالتالي هذه مسألة تحتاج الى فهم والى استيعاب مرامي وسبل تحقيق اللامركزية على ارض الواقع ويتم ذلك بالتدريب والتأهيل الداخلي، وكذلك الاطلاع المستمر على التجارب الناجحة دوليا والتي سبقتنا في هذا المضمار.
5(إعادة النظر بتركيبة مجالس المحافظات المنتخبة، ليصبح الانتخاب قطاعيا بحيث يضم مجلس المحافظة ممثلين لكافة قطاعات الإقتصادية والإجتماعية والثقافية والتعاونية والنقابية والمرأة والبلديات…الخ من القطاعات النشطة في كل محافظة.
بحيث ان ننتهي من مفهوم ان عضو مجلس المحافظة ممثل لمنطقة او عائلة ، وبالتالي الوصول الى عضوية مجلس المحافظة بسبل غير مشروعة «المال الاسود»، ان مجالسالمحافظات هي برلمانات محلية، برلمانات متخصصة في موضوع الخدمات وفي موضوع التنمية، وبالتالي يجب ان نأتي بممثلين حقيقيين لهذه القطاعات لان كما قلنا (اهل مكة ادرى بشعابها) وكما يقول المثل العربي (أعطي الخبز الى خبازه) لا يجوز ان تترك عضوية مجالس المحافظات مفتوحة لمن هب ودب. ان مجالس المحافظات تقوم بأدوار إدارية وتنموية ذات أبعاد إقتصادية وإجتماعية متخصصة تحتاج الى خبراء والى من يحمل مصالح هذه القطاعات فتترجم في الموازنة وتأخد أولويتها التي تستحق في الاداء العام للدولة.
6(ان صيرورة العمل والعلاقة لا بد ان تبدأ محطتها الأولى من المحافظة أي من»مجلس المحافظة والمجلس التنفيذي» نحو الحكومة المركزية ومن ثم العودة، بمعنى أن يقوم المجلس التنفيذي في المحافظة في بداية العام تحضير موازنة المحافظة وفق الاحتياجات ووفق الأولويات ووفق الأهم ومن ثم المهم ، وتوزيعها على مناطق المحافظة المختلفة أيضا وفق الأولويات والحاجة الفعلية للمواطنين.
فتعرض هذه الموازنة على مجلس المحافظة، الذي يقوم بمناقشتها وبتعديلها وفق ما يرى ان ذلك يخدم المحافظة بصورة افضل. وما ان يصادق عليها مجلسالمحافظة حتى تذهب الى الحكومة المركزية التي تقوم بدورها بدراسة موازنات المحافظات على اختلافها، وتقوم بعد ذلك بتوزيع الموارد المالية المتاحة على المحافظات وتعيدها مرة أخرى الى المجالس التنفيذية، التي تبدأ مباشرة بتنفيذ الموازنة وتحقيقها على ارض الواقع برقابة فعلية ويومية من مجلس المحافظة بإعتباره الجهة الرقابية المحلية المختصة بمواضيع الخدمات ومواضيع التنمية على اختلافها.
7(وحتى يكتمل عقد اللامركزية وحتى نحسس المجالس التنفيذية برقابة واهتمام الدولة المركزية ، نرى ضرورة ان يكون هناك اجتماع شهري لرؤساء المجالس التنفيذية مع رئيسالوزراء لمتابعة العمل ورصد مستويات الإنجاز وازالة أي معوقات.
8(وفي الختام لا بد من انهاء إشكالية المرجعية الثلاثية المسؤولة عن مجالس المحافظات أي وزارات التخطيط والتنمية السياسية والبلديات وحصرها بجهة واحدة كأن تكون الخطوة الأولى مرتبطة بوزير دولة في رئاسة الوزراء مرتبط برئيس الوزراء الى ان تستقر التجربة وننشئ وزارة للامركزية الادارية والتنموية.مع ضرورة الايضاح ان المحافظ صاحب مسؤولية مزدوجة فمن جهة هو مسؤول عن القضايا السيادية والامنية في المحافظة ، وهو رئيس المجلس التنفيذي ولا تعارض ولا تداخل بين المسألتين /ففي المسؤولية الاولى هو مرتبط بوزارة الداخلية وبالثانية هو جزء من منظومه الدولة الادارية للامركزية.
وبعد: اعتقد ان الدول الحية هي التي تقف دائما بعد كل مرحلة من مراحل الإنجاز فتنظر الى الخلف وتقوم بتصويب الأمور وازالة نقاط الضعف التي اعترضت المسيرة، وبالمقابل تصليب النقاط الايجابية، بحيث يتم تحسين الأداء العام.
يعني بالضرورة تحسين اداء الدولة وتحسين حياة المواطنين والارتقاء بالتنمية وبالخدمات وفق المستويات التي نرغب بها جميعا.
واالله والوطن من وراء القصد…