صراحة نيوز – بقلم موسى العدوانعندما اطلعت على خطة الاحتفال بمئوية تأسيس الدولة، التي أعلن عنها وزيرا الإعلام والثقافة في 10 / 1 / 2021 وعلى مساحة ثلاث صفحات، وجدت في معظمها كلاما إنشائيا مكررا، لم أقتنع بأنها تحقق ما قاله وزير الإعلام : ” بأنه استحضار إنجازات الأجداد والآباء واستذكار بطولات الشهداء “. بل أنه استحضار للاحتفالات والخطابات والأهازيج، التي لا تخلق الكبرياء، ولا تعمل على تعزيز الانتماء للوطن، من قبل الأجيال الحالية والقادمة.يقول الدكتور عصام السعدي في هذا المجال : ” إن مواطنا يخلو وجدانه من اعتزاز بوطنه وشعبه، مواطن مُستلب مهزوم مُحبط، وعاجز عن الوعي بحاضره ومستقبله، طالما أنه عاجز عن الوعي بماضيه الوطني المجيد، وهو مواطن مغرّب الفكر والوجود والهوية الوطنية. لأن الهوية الوطنية هي المعادل الموضوعي، لجدلية الارتهان للمركز الاستعماري ووكلائه التاريخيين، سواء كان نظاما أم طبقة اجتماعية / اقتصادية مستفيدة ومأجورة “.فمن خلال هذه الخطة المعلنة، لم يبرز دور القوات المسلحة / الجيش العربي، في تأسيس وحماية الدولة وما قدمته من تضحيات، منذ عشرينات القرن الماضي وحتى الآن. كنت أتمنى أن يبرز دورها بصورة جلية في هذه الخطة التي سُميت بالخطة الوطنية، من خلال النواحي التالية :1. التنسيق مع ( الأصدقاء ) الإسرائيليين للسماح بمجموعات من ضباط وأفراد الكتائب التي حاربت في فلسطين، قي زيارة مواقع المعارك التي خاضتها كتائبهم في تلك الحرب، والاستماع إلى شرح موجز عن سير المعركة ممن شاركوا بها أو درسوها على الطبيعة.2. من أهم المواقع التي يجب زيارتها : القدس القديمة، اللطرون، باب الواد، تل الذخيرة، موقع البرج، موقع الرادار، كفار عصيون، وغيرها . . .
3. إقامة نصب تذكاري بسيط في كل موقع، يحكي قصة المعركة، لتطلع عليه الأجيال اللاحقة.4. ترتيب زيارات لأبناء الشهداء للمواقع التي استشهد بها آباؤهم.5. ترتيب لطلاب المدارس والجامعات، وكذلك لمؤسسات المجتمع المدني، لزيارة لتلك المواقع والاستماع إلى إيجازات لهم، عن سير المعارك التي جرت على أرضها.6. قيام المسؤولين الرسميين والمدنيين وتحفيز الأهالي، على زيارة أضرحة القادة الذي حاربوا في فلسطين والكرامة والجولان، وعلى رأسهم : المشير حابس المجالي، والعميد عبد الله التل، والفريق مشهور حديثة الجازي، والعميد خالد هجهوج، وغيرهم لا يتسع المجال لذكر أسمائهم. ( رحمهم الله جميعا ).بهذه الإجراءات، أعتقد أننا نكون قد أنصفنا بعض القادة، الذين ضحوا من أجل تأسيس الوطن، واستحضرنا إنجازاتهم، لنزرع الكبرياء والاعتزاز في أبناء الأجيال الحاضرة واللاحقة، وليس من خلال الأغاني والأهازيج والمنصات الإلكترونية . . !وبهذه المناسبة أحب أن أختم هذا المقال، بفقرة كتبها المؤرخ سليمان الموسى في كتابه ( أيام لا تُنسى ) عام 1982، مخاطبا مقاتلي الجيش العربي في فلسطين :” كيف أستطيع أنا أو يستطيع غيري أن يردّ لكم جميلكم ؟ أنتم الذين وقفتم في وجه الموت، أنتم الذين ألقيتم بأنفسكم في لجّة النار ؟ ماذا يستطيع الوطن أن يصنع لكم ؟ أنتم الذين سهرتم وشقيتم، بينما كان غيركم يغط في النوم ؟على هذه الصفحات أحمل لكم اعتراف الوطن بجميلكم، لكي يبقى ذلك الاعتراف ما بقيت الكلمة شاهدا لكم علينا، نحن الذين لم يكن لنا الشرف الذي نلتم : أن نحمل السلاح ونحارب الغزاة، فلتكن الليالي الطويلة التي سهرْتُها في رسم هذه الكلمات، باقة حب بين أيديكم. وليكن هذا الكتاب شاهد حق مع أبنائكم وأحفادكم، لكي يقول كل واحد منهم بفخر : كان أبي أحد جنود الجيش العربي “.التاريخ : 31 / 1 / 2021