صراحة نيوز – بقلم سهير جرادات
هل تذكرون الذئب والثعلب، اللذين وصلا إلى قمة المجد والشهرة ، وأصبح لكل منهما مؤيدين وأتباع ، واشتدت بينهما المنافسة ، لدرجة أخذ كل واحد منهما يخطط للخلاص من الآخر، ليظفر برضا ملك الغابة ، وليسجل انتصارا أمام أعوانه ، ويستحوذ على الساحة وحده دون منازع من أحد.
أصبح لكل وأحد منهما مزرعته الخاصة ، التي تقوم مجموعة من العمال على زراعتها وفلاحتها لصالح المالك ، الذي يحركهم بما يرضي مصالحه، وبالطريقة التي يحددها لهم ، بعد أن يوزيعم بطريقة مدروسة على جميع أنحاء المزرعة.
وفي جلسة جمعت الذئب بالثعلب ، وفي ظل ما يضمره كل واحد منهما من مكر وخبث للآخر ، أخذا يتبادلان أطراف الحديث حول الآليات المتبعة في تطوير العمل بمزرعتيهما ، واللتين في الأصل ليستا ملك لآي منها ، بل استحوذا عليها بطرق غير مشروعة ، وأخذا يتصرفان بالمزرعتين ، وكأنهما ملكية خاصة لهما ، الى أن أقنع الذئب بطريقة ذكية الثعلب أن يقوم بزراعة مزرعته بالبشر ، حتى يتضاعف أعداد الأتباع الذين بدورهم سيقومون على خدمة مصالحه ، وبالتالي ينمو عمله.
إلا أن الثعلب تنبه لقضية مهمة ، ألا وهي : لو أن هذه النصيحة ناجحة ، فلماذا لا ينفذها الذئب ؟!، وأخذ من يومها يحوم حول مزرعة الذئب ، ونشر عيونه وجواسيسه في كل مكان فيها ، لينقلوا له السياسة التي ينتهجها الذئب داخل مزرعته ، حتى جاءه الجواب، بأن الذئب يقوم باقتطاع أجزاء من المزرعة التي لا يمتلكها ويبيعها للغرباء ، وإذا تعذر ذلك يقوم بتضمينها ، ومقاسمة الأرباح مع المتضمن ، وكل ذلك مقابل مبالغ مالية لا تعادل السعر الأصلي لتلك الأجزاء من المزرعة ، أو المردود المالي الذي يعود منها.
على أثرها ، قرر الثعلب أن يعلن الحرب على الذئب ، من خلال أتباعه ورجاله الذين يأتمرون بأمره ، ويمتثلون لقراراته ، ولا يرفضون له طلبا، وما أن بدأت الحرب حتى اكتشف أن الذئب بدهائه سيطر على مجموعة من عمال مزرعة الثعلب ، من خلال منحهم السلطة والأعطيات الأكثر ، والوعود الأكبر ، فجن جنون الثعلب ، وقرر أن يستخدم جميع الأسلحة التي يمتلكها ، إلى جانب توظيف مكره ضد الذئب ، الذي لا يقل مكرا ودهاء ، ولا يقل عدة ورجالا عن الثعلب.
واحتدت الحرب بين الذئب وأتباعه مع الثعلب وأتباعه، ووصلت إلى مرحلة كسر العظم ، وخسر الثعلب نفوذه ومزرعته وقوته ورجاله وجزءا من ماله ، بعد أن تم ايداعه في السجن ، فيما خسر الذئب الذي بقي حرا طليقا مزرعته وقوته ورجاله ونفوذه ، لكنه استمر في مزاولة أعماله ، بطريقة جديدة بعيدة عن البيع أو الضمان ، معتمدا على سياسة العمل في الظل ، وبعيدا عن الأنظار.
أهل الغابة ، وعمال المزرعتين ظنوا لفترة ، أن الذئب والثعلب كليهما خاسران ، وأن الصدع الذي جرى في صفوف عمال مزرعة الثعلب قد التأم ، وأن الأمور عادت الى طبيعتها ، إلى أن جاء ذلك اليوم الذي تم فيه وبموجب جرة قلم ، وقرار لا أساس قانونيا له ، الغاء وصاية ملك الغابة على جزء عزيز على ملك وأهل الغابة ، لتعود وتظهر على الساحة الداخلية للغابة الانقسامات، التي ظن أهل الغابة أنها انتهت بخسارة الذئب والثعلب ، لتعود وتخرج تلك الأصوات الرافضة لبقاء الذئب حرا طليقا ، وبدأت بتناقل الأخبار عنه ، والتي تظهر ضعف ولائه وانتمائه لملك الغابة، وفي المقابل خرجت إلى أهل الغابة أخبار تفند ما تم تناقله عن الذئب ،وتجدد ولاءه لملك الغابة وأهلها.
حينها فقط ، أدرك أهل الغابة ، أن قصة الذئب والثعلب في أيامنا الحالية ، تختلف عن تلك الروايات الخرافية التي تربينا عليها في صغرنا ، والتي تكون نهاياتها في الغالب انتصار الخير على الشر ، فيما القصص التي نشهدها الآن على أرض الواقع ، وما تحمله من مكر الذئب وخبث الثعلب ما هي إلا حقيقة ما زالت تقسم صفوف العاملين في المزارع المستقطعة من الغابة.