صراحة نيوز – كتب ماجد القرعان
الحديث القصير والمرتجل لرئيس الحكومة الدكتور عمر الرزاز خلال الأمسية الرمضانية التي اقامها مركز حماية وحرية الصحفيين مساء الأثنين حمل مجموعة من المواقف والرسائل الهامة جُلها تتعلق بالمسؤولية الوطنية التي تقع على عاتق الإعلام والصحفيين دون أن يبرىء ساحة السلطة التنفيذية على اعتبار ان الصحافة هي السلطة الرابعة ومن حقها المراقبة والمتابعة وان تكون حلقة الوصل ما بين مختلف الجهات مواطنين ورسميين في أطار التشاركية وتحمل المسؤوليات الوطنية .
والحديث بمجمله لقي ارتياحا واسعا في الوسط الصحفي مع همسات هنا وهناك .. احسنت دولة الرئيس … ولكن ما هي الخطوة الأخرى الواجبة على الحكومة لتعزيز العلاقة مع السلطة الرابعة واعادة الثقة التي ما زالت مفقودة .
الحقيقة الأولى التي لا يمكن تجاهلها ان ما ورثه الرزاز تراكمات ضخمة من الإختلالات لحكومات سابقة في ظل تحديات خارجية وداخلية رافقها قصور بعض الدول العربية الغنية حيال دورها ومسؤوليتها القومية تجاه الاردن تحديدا الذي لم يقصر في يوم من الأيام مع أي من الدول العربية بالرغم من محدودية موارده وامكاناته .
والحقيقة الثانية تتعلق بطبيعة المجتمع الاردني الذي ( تربى على الدلال والسمن والعسل ) وفجأة انقلبت الموازين والإختيارات ليصبح احلاها أمر من المر .
وثالثها عصر الفضاء المفتوح “عالم القرية الصغيرة” الذي أتاح سرعة تبادل المعلومات والرؤى والافكار بين البشر في هذا الكون الواسع وصولا الى مناقشة قضايا محلية ما جعل المسؤوليات بحجم الجبال التي تئن عن حمل الأمانات كما تقول الأية الكريمة ” إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً ” .
ورابعها اردنيا ما سمي بالربيع العربي الذي تمكنا بحكمة القيادة ووعي الشعب من عدم الإنجرار الى متاهاته .
في الاردن نحن جميعا مواطنين ومسؤولين بحاجة الى وقفة صادقة مع النفس لندقق سوية ونتمحص مسيرة هذا الوطن منذ نشأته ومراحل بنيانه رغم شح الموارد والامكانات حيث انسانه هو العنصر الاساس في كل ما تحقق من منجزات وما عانينا من منغصات داخليا والتي جلها من فعل شخصيات تولت مواقع المسؤولية سواء جراء اجتهاد أو استغلال المنصب العام للتكسب والتنفع من قبل قلة لم تخاف الله حيث ما زلنا غير قادرين على التعامل مع هذا الواقع المر …بالمكاشفة والمحاسبة والمكافأة لمن يستحقون ذلك .
فكل حكومة تأتي تُحمل المسؤولية سابقها من الحكومات وتتعهد بمعالجة كرة التراكمات وترحل بعد ان تزيد الطينة بلة أخرى .
وأكثر ما يُقلق المواطنين التنفيعات التي تُوزع هنا وهناك وفقا للعلاقات والشللية في غياب كامل للعدالة الإجتماعية يرافقه ضعف الاعلام الرسمي الذي ما زال يتعامل مع الاحداث والقضايا والموضوعات العامة بحسب رغبات وأجندات القائمين عليه وعاجز تماما عن تسويق نهج الحكومات التي تُريد الخير للوطن .
وعودة الى شخص رئيس الحكومة الحالية الدكتور عمر الرزاز فبعيدا عن المجاملات والنفاق فمسموعاته انه يمتاز بأخلاق عالية ولم يُسجل عليه أية تجاوزات أو شبهات فساد طيلة خدمته سابقا في العمل وكذلك الأمر منذ ان تولى ارفع منصب في السلطة التنفيذية لكن الكثير من المخرجات تُعطي انطباعا بوجود أيدي خفية قادرة على توجيه بوصلة نهج الحكومة خلافا لما يريد والشواهد هنا عديدة وكثيرة وخاصة ما يتعلق بالتعينات التي تمت دون وجه حق واضطر دولته الذي وافق عليها بداية الى التراجع عنها لاحقا والذي بتقديري أكثر ما أثر على سمعته وتاريخه وانا منهم والأمثلة كثيرة .
وفي هذا المقام اسوق مثالا حيا حيث كنت من أوائل من دعا الى منحه الفرصة كاملة على أمل ان يبدأ مسيرة اصلاح حقيقية وفقا لكتاب التكليف السامي ومنذ الشهر الأول لتشكيله الحكومة طلبت رسميا موعدا مع دولته لطرح أفكار من شأنها ان تخلق ما لا يقل عن خمسة الآف فرصة عمل في عمان وحدها دون ان تتحمل الخزينة فلسا واحدا لا بل ان فرص عملهم ستحقق موردا يرفد الخزينة العامة الى جانب أفكار ومقترحات أخرى استخلصتها بحكم مهنتي كصحفي متابع وكاتب في الشؤون العامة جراء احتكاكي المباشر مع الناس لكن وللاسف الشديد ورغم انني كررت الطلب عدة مرات فلا سميع ولا مجيب .
قبل أيام التقيت معالي الوزير الشاب المهندس مثنى الغرايبة الذي أتي من الحراك في حديث واضح وصريح من القلب الى القلب ( احترم هذا الشخص لموضوعيته وانفتاحه ورغبته الصادقة لخدمة الوطن ) حيث تطرقنا الى العديد من الموضوعات العامة لكن الأبرز سؤاله لي بخصوص موقفي الناقد لأداء الحكومة فكان جوابي ان الغموض وتناقض المواقف والقرارات وغياب المعلومات وانعدام الوضوح والشفافية وراء كل بلاوينا …
كم وددت ان أهمس في اذنه لكنه لم يعطني الفرصة .. حماك الله يا وطني .