صراحة نيوز – كتب ماجد القرعان
انفرد كتاب التكليف الذي وجهه جلالة الملك الى الدكتور بشر الخصاونة بتشكيل الحكومة الجديدة بعبارة لم نعهدها في كتب التكليف السابقة التي كانت تُركز على وضع الخطوط العريضة والمحاور الرئيسية لمهام تلك الحكومات وفق رؤية ملكية على أمل ان يتم البناء على تراكمات الانجازات الوطنية ومعالجة السلبيات والتشوهات التي خلفتها بعض الحكومات السابقة نتيجة ادارة شؤون الدولة بالفزعات الذي من اسبابه الرئيسية عدم وضع الشخص المناسب في المكان المناسب ونهج التنفيعات والتوريث والتكسب الذي اتبعته أغلب تلك الحكومات .
فعلى سبيل المثال تصدر كتاب التكليف الذي وجهه جلالة الملك الى الدكتور عمر الرزاز لتشكيل حكومته الأولى نصا في غاية الأهمية حيث أكد جلالته على أهمية اطلاق حكومة لمشروع نهضة وطني شامل قوامه تمكين الأردنيين من تحفيز طاقاتهم ورسم أحلامهم والسعي لتحقيقها وتلبية احتياجاتهم عبر خدمات نوعية وجهاز حكومي رشيق وكفؤ ومنظومة أمان اجتماعي تحمي الضعيف في ظل بيئة ضريبية عادلة .
ولا يخفى على احد كيف كانت مسيرة ما اصطلح شعبيا على تسميتها بـ ” حكومة النهضة ” تندرا على عدم التزامها بتحقيق رؤية جلالة الملك خلال عمرها الذي امتد لنحو عامين وأقل من اربعة شهور والتي تداور على حقائبها نحو 52 وزيرا وتستحق على اساسه ان تدخل موسوعة غينيس حيث خلفت المزيد من تراكمات الفشل وتزايد شدة معاناة الشعب الاردني وختمتها في كتاب الاستقالة بان استهانت بعقول المواطنين حين أوردت في كتاب الاستقالة انها انجزت 90 % مما التزمت به مع العلم انها نفذت بإسلوب وأخر لا تستند على خطط واستراتيجيات اقل من 21 % من مجموع 435 التزاما كانت قد اعلنتها وتغنت بها .
وفي كتاب التكليف الذي وجهه جلالة الملك للدكتور الخصاونة شدد جلالته في مطلعه أن ” تضم الحكومة الجديدة قيادات كفؤة ومتميزة قادرة على حمل المسؤولية الموكولة إليها بموجب الدستور ” وهي عبارة لم ترد بهذا الوضوح في اي من كتب التكليف التي وجهها لمن سبقه في تشكيل الحكومات فماذا يعني ذلك .
العبارة التي ميز بها جلالة الملك كتاب التكليف الذي وجهه للخصاونة تؤكد ان جلالته لم يكن راضيا عن مخرجات اداء الحكومة الراحلة وأنه يعي تماما أهمية وضع الشخص المناسب في المكان المناسب والذي فشلت في تحقيقه الحكومات السابقة وأن الواسطة والمحسوبية ما زالت تنخر جسد الدولة الاردنية وان الاصلاح الحقيقي يبدأ بأن يتولى شؤون ادارة الدولة وفي جميع مفاصلها قيادات كفؤة ومتميزة تعي مسؤولياتها الوطنية .
والتميز هنا لا يعني فقط المتطلبات الفنية والإدارية في الشخص لتولي المواقع القيادية بل يشمل أيضا ما انجزه خلال مسيرته الوظيفية السابقة وما اتصف به من حيث الصدق والأمانة وحسن تعامله مع الأخرين ومدى تأثيره في المجتمعات وحضوره في المشهد العام فألسنة الخلق تبقى اقلام الحق .
المعلومات المتوفرة ان الرئيس المكلف أُبلغ بالمهمة الجديدة قبل ايام من صدرو التكليف الملكي بصورة رسمية ومنذ ابلاغه شرع باجراء مشاورته لاختيار اعضاء فريقه لكن الملفت ما تم تداوله عبر بعض وسائل الاعلام ومنصات التواصل الاجتماعي لقوائم باسماء اعضاء الوزارة المرتقب دخولهم التشكيلة الجديدة والتي حملت اسماء لاشخاص فشلوا في مواقعهم السابقة وخرجوا منها دون ترك بصمة خير يتذكرها الناس وأخرون تعاملوا مع مناصبهم وكانهم يديرون مزارع خاصة لهم وثلة ممن وردت اسمائهم كانوا قد هبطوا بالباراشوت على مواقعهم تنفيعا وتوريثا ومنهم أيضا من اشتهر بالتنظير والتطبيل والاستعراض وحين خرج انقلب على الدولة الاردنية … وهكذا .
الخطورة تكمن ان اختار الرئيس المكلف اي منهم فذلك وحده مؤشر بانه لن يكون صاحب ولاية وبداية لنهاية اللمشهد حيث رحلت الحكومة غير المأسوف عليها .
وتبقى الحياة دروس وعبر فهل نتعظ ؟