الساكت يكشف عدم دقة تقديرات ضريبة الدخل على الموظفين للسنوات 2018 – 2020
صراحة نيوز – لفت العين مازن الساكت في الكلمة التي القاها اليوم خلال مناقشة الموازنة العامة وموازنات الوحدات الحكومية للعام الحالي إلى عدم دقة التقديرات بالنسبة لضريبة الدخل على الموظفين خلال الأعوام الثلاثة 2018 – 2020 .
وقال ان ضريبة الدخل على الموظفين قد قدرت في موازنة عام 2019 بـ 5ر262 مليون دينار، وجاءت بمقدار 190 مليونا، في حين كانت عام 2018 نحو 146 مليون دينار.
وأضاف لكن الملفت ان تعود تقديرات موازنة 2020 إلى مبلغ 216 مليونا، اي بزيادة 26 مليونا عن المتحقق العام الماضي.
واضاف، ان التصريحات الايجابية لوزير المالية لا تعكس اتجاه الحكومة لاعتماد الشفافية والوضوح والحقائق والمنهجية الجديدة في وضع الموازنة والسياسات المالية، لافتا إلى ان اصدار ملاحق موازنة هو أسلم واقل خطرا من الصرف خارج الموازنة، رغم اتحاذ قرار سابق بعدم اصدار ملاحق للموازنات.
ودعا الساكت إلى الاستمرار ببرنامج اعادة هيكلة القطاع العام بالاستناد على معايير محددة وواضحة، وتمكين الرقابة والمساءلة المستمرة والفاعلة على مؤشرات الاداء المالي والفني والاداري والانتاجي للوزارات والمؤسسات والوحدات الحكومية للتأكد من تحقيق النتائج الموضوعية لدى إعداد الموازنة، وتوضيح تأثيراتها على النمو الاقتصادي والاستثمار والتشغيل وتنمية المحافظات.
كما لفت الى ان التشاور بين الحكومة ومجلس الاعيان بيت الخبرة والتراكم المعرفي والعقلانية يكاد يكون غائباً .
وقال لا نلمسه الا ببعض الحالات التي تحتاج فيها الحكومة لإقرار بعض القوانين والتشريعات التي تم تعديلها او رفضها من مجلس النواب.
وتاليا كامل نص كلمة العين مازن الساكت
بسم الله الرحمن الرحيم
دولة رئيس مجلس الأعيان الأكرم
السيدات والسادة الزملاء أعضاء مجلس الاعيان المحترمين
هذه الكلمة تمثل كل من الذوات الزملاء اعضاء مجلس الاعيان:
عبدالرزاق طبيشات ، امل الفرحان ، وجيه عويس، محمد النجار، عاطف التل ، طاهر الشخشير، وجيه عزايزة، عادل بني محمد ، تغريد حكمت ، مصطفى البراري ،خليل عثمان ، سمير عبدالهادي ، صخر دودين ، محمد سعيد شاهين ، طلال الكوفحي ، مازن الساكت.
السيدات والسادة اعضاء مجلس الأعيان ،،،
إن قانون الموازنة العامة هو إستحقاق دستوري سنوي ، يمثل الجانب المالي للسياسات والبرامج الحكومية والايرادات العامة المتوقعة واوجه الانفاق الجاري والرأسمالي على انشطة الدولة وسلطاتها واجهزتها وعلى مشاريعها وخدماتها وتكلفة ادارتها ومواردها البشرية وفق الاولويات والموارد المتاحة، وتعكس واقع النهج الذي تتبناه الحكومات وأثره على الاقتصاد الوطني وعلى الواقع الاجتماعي للمواطنين وقدرتها على النهوض بواقع الدولة والمجتمع.
ولعل من اهم متطلبات إعداد السياسيات الإقتصادية والموازنات هو التخطيط العلمي لمراحل زمنية طويلة ومتصلة ومتابعة وتقييم النتائج من خلال التقارير الدورية والبيانات الختامية التي تبين مدى صحة ودقة تقديرات الموازنة ومدى الانجاز الذي تحققه ومدى الالتزام ببنودها وسقوفها المالية ومواطن الخطأ والضعف فيها وهي التقارير والبيانات التي لم تصل لمجلس الاعيان لغاية الآن.
وبهذه المناسبة اسمحوا لنا ان نشير الى ان التعاون والتشاور بين الحكومة ومجلس الاعيان بيت الخبرة والتراكم المعرفي والعقلانية يكاد يكون غائباً ولا نلمسه الا ببعض الحالات التي تحتاج فيها الحكومة لإقرار بعض القوانين والتشريعات التي تم تعديلها او رفضها من مجلس النواب.
دولة الرئيس ،،،
السيدات والسادة ،،،
تنفرد موازنة هذا العام بانها خلت من زيادة الاعباء الضريبية بل وجاءت بعد قرارات حكومية استهدفت تحريك النشاط الاقتصادي في بعض القطاعات وتخفيض بعض الضرائب والرسوم كما اتخذت الحكومة قرارات بزيادة مهمه نسبياً في رواتب العاملين في ظل اوضاع مالية صعبة وهو ما يسجل لهذه الموازنة وللحكومة.
إلا أن ابرز واهم مشكلات الموازنات العامة لا تزال تظهر بوضوح في المبالغة بتقديرات الايرادات المحلية إما لتجميل الموازنة او لضعف الجهات الفنية المعنية بوضع ارقام البيانات ، ففي موازنة 2019 قدرت الايرادات المحلية ب(8009) مليون دينار وجاءت الايرادات الفعلية بمبلغ (7020) مليون دينار اي بنقص مقداره (989) مليون دينار.
وكأمثلة على عدم دقة التقديرات ، فقد قدرت ضريبة الدخل على الموظفين في موازنة 2019، وهي من التقديرات التي يجب ان تكون دقيقة ب (262,5) مليون دينار في حين كان المتحقق الفعلي في عام 2018 (146) مليون دينار، وجاء المتحقق في عام 2019 بمقدار (190) مليون دينار. ونعتقد ان هذا التقدير الخاطيء جاء معتمدا على اقرار قانون الضريبة في اواخر عام 2018 والمفترض ان يحقق زيادة في هذا البند (123,5) مليون دينار وفق ارقام وزارة المالية في حينه واغفل المقدرون ان هذه الزيادة ستظهر نتائجها في بداية عام 2020 بعد استيفاء الضريبة عن عام 2019.
ولكن الملفت ان تعود التقديرات لهذا البند في هذه الموازنة بمبلغ (216) مليون دينار ، اي بزيادة فقط (26) مليون دينار عن المتحقق في عام 2019.
وفي نفس هذه الموازنة وباتجاه معاكس تُظهر الارقام التقديرية زيادة في الايرادات المحلية عن تلك المتحققة في 2019 بمقدار (733) مليون دينار اي بما نسبته (10,4%) علما بان ما تحقق من زيادة فعلية في ايرادات عام 2019 بلغ فقط (76) مليون دينار من مجموع الزيادة المقدرة في تلك الموازنة وهي (1065) مليون دينار.
ونتيجة لهذه التقديرات فقد اظهرت البيانات ان العجز المتحقق بعد المنح قد تضاعف عام 2019 حيث بلغ (1214) مليون دينار في حين كان العجز المقدر (645,5) مليون دينار وذلك رغم اتخاذ الحكومة لقرار وقف المشاريع وتخفيض الموازنة الرأسمالية .
فكيف للإيرادات المحلية لعام 2020 ان تحقق زيادة بنسبة (10,4%) ومع خلو الموازنة من اية ضرائب جديدة او زيادة في نسب ضرائب قائمة .
وكيف لنسبة الزيادة المتوقعة في الإيرادات المحلية ان تفوق بأضعاف نسبة نمو الناتج المحلي الاجمالي الاسمي والبالغة نحو (4%) الامر الذي لم يعكس التصريحات الايجابية لمعالي وزير المالية حول اتجاه الحكومة لاعتماد الشفافية والوضوح والحقائق والمنهجية الجديدة في وضع الموازنة وفي السياسات المالية .
دولة الرئيس
الزميلات والزملاء ،،،
لقد اسهمت تلك القرارات في زيادة العجز في الموازنة العامة من (700) مليون دينار مقدرا في 2019 الى (1046) مليون دينار على الرغم من تخفيض مجلس النواب للنفقات الرأسمالية والجارية بحوالي (200) مليون دينار.
وعليه فإن هذا العجز الكبير والذي نتوقع ان يزيد عن تقديرات الموازنة سيضع الوضع المالي للحكومة والمديونية امام تحديات ومخاطر غير مسبوقة ، خاصة اذا اخذنا بعين الاعتبار ان الانفاق الحكومي في عدد من البنود يتزايد بشكل يفوق ما يخصص له في الموازنات مما حملنا سابقاً مئات الملايين زاد سدادها من اعباء الموازنات العامة وتكرر هذا التجاوز في اعوام 2018 و 2019 ولا نزال لا نعلم كم قيمة الزيادة في هذا الانفاق باستثناء ما تم التصريح به حول نفقات المعالجات الطبية.
ونحن هنا رغم اتخاذ قرار سابق بعدم اصدار ملاحق للموازنات فإننا نؤكد بان اصدار الملاحق اسلم واقل خطرا من الصرف خارج الموازنة ، حيث تخضع الملاحق لموافقة مجلس الامة.
لقد رفعت الحكومة في هذه الموازنة قيمة النفقات الرأسمالية الى (1416) مليون دينار، بعد ان كانت قد اوقفت الانفاق عليها لتخفيضها من (1242,8) مليون دينار الى (1070,5) مليون دينار في عام 2019 ، لتخفيض العجز ومواجهة النفقات التي جاءت نتيجة زيادة رواتب المعلمين .
ورغم ان زيادة النفقات الرأسمالية هي اجراء ايجابي يسهم في تحريك النشاط الاقتصادي العام ويحقق بعض فرص العمل الا اننا نرى ان الانفاق الرأسمالي الحكومي ينصب في معظمه على البنية التحتية من طرق ومقرات للمؤسسات والانشطة المختلفة ، وهو ما سيتطلب في السنوات القادمة مزيد من الانفاق الجاري والمخصصات المختلفة .
اننا نعتقد بأن مزيدا من الانفاق في البنية التحتية في هذه المرحلة الصعبة يسهم كذلك في زيادة العجوزات والمديونية ويتطلب نفقات ومصاريف جديدة ونحن لا نجد المخصصات الكافية لأعمال الصيانة والتجديد والتوسعة للبنية التحتية القائمة في الاردن ، حتى باتت تعاني في العديد من المجالات والمناطق من مشكلات القِدم والتهالك و مخاطرها، لذا فمن المهم ان يكون الانقاق الرأسمالي على المشاريع مستنداً إلى أولويات واضحة وإلى دراسات الجدوى الإقتصادية وأن يخصص لمشاريع ذات قيمة إقتصادية مضافة تحقق نمواً مستداماً وتخلق فرص عمل جديدة .
كما انه من الضروري ان تعمل الجكومة على زيادة تنافسية الاقتصاد الاردني من خلال تخفيض تكاليف الإنتاج السلعي والخدمي، وتشجيع الاستهلاك للمنتجات المحلية، وتقليص المستوردات غير الاساسية والعمل على توطين المعرفة وتسهيل دخول تكنولوجيا ال ( 5 جي) للسوق المحلي لما ستحققه من فؤائد لكافة القطاعات وتشجيع الشركات المحلية على العمل في مجال البيانات الكبيرة والذكاء الإصطناعي وتفعيل الشراكة مع القطاع الخاص و دعم الجامعات ومساعدتها على تطوير قدراتها المختلفة وجلب الاستثمارات في كافة القطاعات خصوصاً قطاع نقل السكك الحديدية العابر للحدود وتعظيم الإستفادة من الموارد الطبيعية وخصوصاً النادرة منها
وأما فيما يخص النفقات الجارية والتي تشكل الرواتب ومخصصات التقاعد الحجم الاكبر منها، فلا بد من التوقف امام قول يتكرر في معظم كلمات واحاديث الموازنة العامة وهو ان الرواتب والتقاعد تشكل ما يزيد عن 60% من النفقات وهنا لا بد من توضيح عدد من الحقائق .
فمجموع الرواتب للقطاع العام المدني هي (1500) مليون دينار سترتفع هذا العام الى (1650) مليون دينار بما في ذلك مخصصات الضمان الاجتماعي وهي تساوي حوالي 20% من النفقات الجارية اما مخصصات التقاعد والمقدرة لعام 2020 (1458) مليون دينار ، فهذه المبالغ هي بمثابة مديونية على الدولة تم اقتطاعها من رواتب العاملين لعشرات السنوات وكان يفترض ان توضع في صندوق استثماري خاص ، غير ان الحكومات كانت تتصرف بهذه المبالغ وتسجلها دفتريا بوزارة المالية.
اما الرواتب الاخرى فهي رواتب القوات المسلحة واجهزة الامن والسلامة العامة التي تدركون اهميتها وضرورتها وحاجة الاردن لها ولا بد هنا من وضع ملاحظات اساسية على عملية ادارة الرواتب والمكافآت في القطاع العام المدني فعلى الرغم من ان هناك ضرورة لزيادة الرواتب وعدالة في مطالب الموظفين وان الزيادات الاخيرة جاءت شاملة إلا ان مساواة موظفي التربية والتعليم من غير المعلمين بالمعلمين فيما يخص علاوة المعلم ما هي إلا تشجيع للمعلم للتوجه للعمل الاداري ، كما ان حصول النقابات على زيادات تفوق الفئات الاخرى والاقرار الجزئي لما سمي بالمسار المهني لبعض التخصصات وعدم وضع مسارات لباقي الوظائف والمهن هو عودة مرة اخرى الى المعاملة التفضيلية لمطالب النقابات.
ان ضعف الادارة الشاملة والحكيمة للرواتب كأحد اهم ادوات ادارة الموارد البشرية وعدم النظر الى مجموع الجهاز الوظيفي سيؤدي مرة اخرى الى توزيع غير متوازن وغير عادل ويعمق التشوهات في واقع الرواتب والعلاوات فهناك اكثر من (120) الف موظف لا نقابات لهم تدافع عنهم.
والامر ألاخر المهم في هذا المجال هو واقع توزيع ومنح المكافآت بين الدوائر المختلفة وداخل الدائرة الواحدة و والتي تبلغ قيمتها بالموازنة (75,7) مليون دينار والذي يمثل نموذجا صارخاً على عدم العدالة وعلى حالة التشوهات فيما يتقاضاه الموظف العام حيث اضيفت تلك المكافآت الى دخل الموظف الذي يحسب على اساس تقاعده الضمان الاجتماعي رغم ان المكافأة بالأصل هي نوع من الحوافز تمنح بشروط معينة وليست ثابتة القيمة ولا دائمة ولا تحسب ضمن الراتب الاجمالي الخاضع للتقاعد والمعروف بنظام الخدمة المدنية ورغم ذلك جاء نظام الخدمة المدنية ليثبت هذه الحالة كحق مكتسب وبالمقابل يمنعها عن الموظفين الذين لا يتقاضوها او المُعَينين بعد هذا النظام اضافة الى ذلك فأن هناك (49) مليون دينار بمسمى علاوات اخرى تمنح بلا اسس ومعايير عادلة.
وفوق كل ذلك فان الحكومة تدفع ما يزيد عن (20) مليون دينار كاشتراكات عن هذه المبالغ للضمان الاجتماعي ان مجموع هذه المبالغ تساوي تقريبا مقدار الزيادات في الرواتب التي منحتها الحكومة .
السيدات والسادة اعضاء مجلس الاعيان المحترمين ،،،
لقد مضى على تبني برنامج اعادة هيكلة القطاع العام ما يزيد على (15) عاما وخضعت هيكلة الدولة الادارية والتنظيمية ومؤسساتها لعدد من الدراسات اتضح من خلالها وجود خلل كبير في عملية التوسع وانشاء مؤسسات مستقلة تزايد عددها حتى اصبح (60) مؤسسة في عام 2009 وتم اعداد واقرار برنامج تنفيذي في عام 2011، كان من المفترض ان يتم بموجبه الغاء ودمج (19) مؤسسة مستقلة وفق دراسات شملت التشريعات والمهام والواقع الاداري والموارد البشرية والموجودات والموازنات لتلك المؤسسات ، وفي ضوء وضع هيكل تنظيمي قطاعي تخصصي لهيكلة الدولة بدل من الهيكل الهرمي السابق غير ان التغيير في الحكومات عطل تلك البرامج والخطط و غير انه لا بد من التوضيح بان هناك ضرورة لإستقلالية عدد من المؤسسات تفرضها طبيعة عملها ومعايير أخرى تم تحديدها في عام 2007، من قبل لجنة كان احد اعضاؤها معالي وزير التعليم العالي في هذه الحكومة لذا فإنه من الضروري الاستمرار ببرنامج اعادة هيكلة القطاع العام بالإستناد الى معايير محددة وواضحة.
وأخيرا فان ما هدفنا اليه من وضع هذه الملاحظات حول الموازنة العامة هو تنفيذ لما حدده الدستور من مهام لمجلس الاعيان ومساهمة بالتأشير على ما نعتقد بأنه يحتاج الى التعديل والتصحيح في منهجية إدارة الدين العام و منهجية وضع الموازنات وادارة انفاقها وان تتضمن الموازنات مؤشرات تستهدفها كما نطالب بتمكين الرقابة و المسائلة المستمرة والفاعلة على مؤشرات الأداء المالي والفني والإداري والإنتاجي للوزارات والمؤسسات والوحدات الحكومية للتأكد من تحقيق النتائج المرجوة الموضوعة لدى إعداد الموازنة ، وتوضيح تأثيراتها على النمو الاقتصادي والاستثمار والتشغيل وتنمية المحافظات.
وفقنا الله جميعاً لاستمرار عملية البناء والتقدم وحماية انجازاتنا والنهوض بواقع اقتصادنا وخدمة شعبنا والمحافظة على أمننا وإستقرارنا بقيادة صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين المعظم حفظه الله ورعاه.