صراحة نيوز – نقلا عن – “رأي اليوم” – حاورته فرح مرقه:
“الاستجابة للأزمة مؤلمة وأشدّها إيلاماً في البعد الاجتماعي.. المساهمة في “همة وطن” جفّت واستنفدت وكانت مخيّبة للآمال من الأردنيين العاملين في الخارج.. لا نحتاج “عقداً جديداً” بل التزاماً بالدستور والميثاق الوطني الأردني روحاً ومضموناً وليس شكلا.. وخدر الأزمة لن يستمر فـ “الفاس وقعت بالراس”.
هي جملٌ استخدمها رئيس الوزراء الأردني الأسبق والاقتصادي المخضرم عبد الكريم الكباريتي في حديثه مع “رأي اليوم” حول صندوق همة وطن الذي يرأسه، ورؤيته للمشهد الاقتصادي بعد جائحة فايروس كورونا المستجد التي أضرّ بالاقتصاد الأردني والعالمي.
الاقتصادي المعروف ورئيس مجلس إدارة البنك الأردني الكويتي الكباريتي ابتعد تماماً وبصورة أدركتها “رأي اليوم” عن “إملاء الحلول” وتقديم الوصفات الجاهزة للاقتصاد، وحين سألته عن وصفته لإنقاذ الاقتصاد في بلاده أجاب: “سذاجةٌ سياسية الادعاء بأن يفترض أي فردٍ أو مسؤولٍ أن لديه الوصفة المناسبة لمواجهة المتوقع.. وضربٌ من السذاجةِ السياسيةِ اقل ما يقال فيه”.
ناوَرت مراسلة الصحيفة- لا بل وتذاكت أحياناً-، وأبدى الكباريتي المعروف بدهائه السياسي وخبرته الاقتصادية دوماً مرونة واحتراماً، ما جعلها تورد الحوار بنصّه الكامل لتترك للقارئ المجال للحكم والتقدير.
– همّة وطن.. أين وصل الصندوق ومستقبله؟
أعتقد انا قد استنفدنا كل إمكانيات المساهمة للصندوق وقد جفت الاستجابة تماماً، وكانت مخيبةً للآمال بالنسبة لمشاركة الأردنيين العاملين في الخارج.
تم جمع 93.5 مليون دينار، صُرف منها 27 مليون لحوالي 250 ألف أسرة عن طريق صندوق المعونة الوطنية لشهر رمضان، وصٌرف أيضاً مليون عن طريق تكية أم علي، ومليون عن طريق الهيئة الخيرية الهاشمية، وندرس حاليا تقديم الدعم لهذا الشهر.
لم يكن هناك أي مصروفات أو نفقات إدارة تم سحبها من أموال الصندوق، وقد تم انتخاب ارنست يونغ للتدقيق على الحسابات وكل ما يتصل بالصندوق موجود على موقعه الالكتروني.
أما مستقبل الصندوق والمبالغ التي قد تبقى فيه فهو محددٌ بأمر الدفاع الذي صدر بموجبه، فهو شأن الحكومة ولا سيطرة للجنة الإدارة عليه.
– ما بعد الأزمة.. كيف شكل الاقتصاد وما آلية التعامل معه؟
طالت تأثيرات الجائحة على الاقتصاد جميع المرافق الاقتصادية بلا استثناء، ولكن بدرجات متفاوتة؛ قطاع السفر والسياحة هو المتضرر الأكبر ومعه عمال المياومة وصولاً لتجار المواد الغذائية.
ذلك انعكس بطبيعة الأحوال على دخول الدولة مثلما انعكس على دخول القطاعات الاقتصادية والأفراد، ولاحقاً سينعكس كل هذا على الجهاز المصرفي كمرآةٍ للأداء الاقتصادي. سوف تستمر هذه الاثار السلبية لفترة قد تطول قبل ان يبدأ التعافي الحقيقي.
الواقع والحقيقة يشيران إلى أن مرحلة ما بعد “كورونا” ستكون مرحلة مختلفة وبالتالي تحتاج إلى استجابةٍ مختلفة سواء على صعيد القطاع العام أو الخاص، وستكون مرحلة أشد إيلاماً في تأثيراتها الاجتماعية. ولن يكون هناك مفرٌّ من الاستعداد لهذا الوضع الاستثنائي.
– ما شكل الاستجابة المطلوبة؟ ومتى يفوت أوانها؟
إن إعادة الهيكلة المطلوبة تستدعي إعادة النظر في الاولويات وبما تسمح به موازنة الدولة بعد ان وصلت المديونية إلى مستويات لا يمكن ولا يجوز ان نسمح بتخطّيها خاصة عن طريق الاقتراض الخارجي.
لا يمكن ان نعيد عقارب الساعة إلى الوراء، هناك متغيراتٌ أصابت العالم والإقليم خلال الأشهر الماضية وبطبيعة الحال نحن سنتأثر بذلك سواء على الصعيد السياسي أو الاقتصادي أو المالي أو الإنساني.
التكاتف الوطني المطلوب لمواجهة التحديات القادمة يحتاج الى المكاشفة وكلاهما (التكاتف والمكاشفة) يحتاج الى الثقة المتبادلة بين الدولة والمواطن، وذلك يحتاج الى المشاركة الحقيقية حتى نستطيع أن نقوم بالتضحيات المطلوبة، وهي تضحيات كما أسلفت “مؤلمة”.
– كيف يحصل التكاتف؟
تماماً كما قلت، يحتاج إلى مكاشفة حقيقية لواقع الحال وما يحمله المستقبل سياسياً واقتصادياً واجتماعياً ومتطلباته. والمشاركة الحقيقية في صنع القرار في وجه هذه الاحوال.
– هل نحتاج عِقداً سياسياً جديداً.. هل هذا ما تقصده؟
لا، اعتقد المطلوب هو ترميم جسور الثقة بين كافة الأطراف المُتأثرة والمؤثّرة: مؤسسات وافراد وقطاعات. وبوضوح، فإن الدستور الاردني والميثاق الوطني لاحقاً يشكلان أفضل قاعدةٍ واساسٍ للعمل بشرط الالتزام بهما نصّاً وروحاً لا شكلاً.
– لو أردت أن تنصح الدولة بـ 10 قرارات سريعة ومباشرة باعتبارها أولوية، بماذا تنصحها؟
أولاً على الدولة ان تجمع وتصنّف كل المعلومات المرتبطة بالآثار السلبية الواقعة فعلاً والمتوقّعة، والعمل على ايجاد آليات للتشاور الحقيقي مع الفعاليات والخبرات للوصول إلى استراتيجية عملية قابلةٍ للتطبيق، ومَرنةٍ بذات الوقت للتفاعل مع التطورات.
أما تحديد الأولويات، فأرى ان الادعاء بأن أي فرد أو مسؤول لديه الوصفة المناسبة لمواجهة المتوقع، أقل ما يقال فيه أنه “ضرب من السذاجة السياسية”.
– متى يجب أن نقوم بالإجراءات لنحظى بأقل حجم خسائر؟
اليوم وليس غداً، والعمل يجب أن يكون على مدار الساعة، فالخدر الذي عشناه مع الحظر لن يستمر و”الفأس وقعت بالرأس.”
– حين تقول “على الدولة المكاشفة والتشاور” من تقصد بالدولة: الحكومة، القصر، المؤسسات الأمنية؟
أقصد الدولة بكل مفاصلها المؤثّرة.
– هل تعتقد أن كل المفاصل الموجودة اليوم قادرة على التشاور مع بعضها بصورة ناجعة وفعالة لتتشاور مع فعاليات أخرى؟
نعم، القدرة موجودة إذا كان هناك إرادة جادة
– من يمكنه قيادة الجهد التشاوري الذي تقترحه؟ هل يقوم مثلا القصر برعاية ذلك كما حصل في الميثاق الوطني؟
لا يوجد ما يمنع أن يكون هناك لجنة أو لجان منتقاة “Blue-Ribbon Committee” برعاية ملكية حيث ذلك يعطي قوة وتحفيزاً للإنجاز.*
– هل حاوَلَت/تُحاول شخصيات “همة وطن”- باعتبار معظمها لها وزن وخبرة- القيام بجانب من الجهد البحثي أو التشاوري بصورة منهجية؟
إن منهجية عمل الصندوق مقيّدة بحدود نص أمر الدفاع ولم يرغب أحد بالقفز على هذه الحدود، من هنا، حتى هذه اللحظة لم أرَ جهداً بحثياً أو تشاورياً جادّاً بعيداً عن عمل اللجنة.
– هل تعتقد أن إناطة الجهد البحثي والاستراتيجي الذي تقترحه بهمّة وطن وأعضائها الحاليين مُجدي؟
يمكن لأعضاء همة وطن المشاركة، كلٌّ في مجال اختصاصه، في أي جهدٍ تشاوريٍّ جاد، ولقد قمنا بذلك بالفعل ولمسناه في تواصلنا الإيجابي والوحيد المستمرّ مع محافظ البنك المركزي (الدكتور زياد فريز)، ويستحق البنك المركزي بالمناسبة كل الشكر على ابقاء جسور التواصل مفتوحة بإيجابية متميزة.
– سؤالي الأخير سياسي، كيف ترى الاستحقاق السياسي المتعلّق بضم إسرائيل لأجزاءٍ من الضفة الغربية والأغوار؟
هذا هو الشقّ السياسي الأساسي من المكاشفة التي أشرت إليها.. استحقاق صعبٌ يجب أن يكون في صلب المكاشفة والمواجهة والاستحقاق اليوم