صراحة نيوز – أكد رئيس مجلس الأعيان، فيصل الفايز، أهمية أن يكون التعامل مع الوضع المائي بكل شفافية ووضوح، وإطلاع المواطنين على أبرز حقائق الوضع المائي في المملكة ومجمل تحدياته، وأبرز الخيارات المُتاحة لتوفير احتياجات المملكة من المياه سواء بالاعتماد على المصادر المحلية أو البحث عن مصادر أخرى.
جاء ذلك خلال ترؤسه، الثلاثاء، اجتماعا عقدته لجنة الزراعة والمياه في مجلس الأعيان، التي يترأسها العين الدكتور عاكف الزعبي، بحضور كل من وزيري المياه والري المهندس محمد النجار، والزراعة المهندس خالد الحنيفات، إلى جانب كل من الوزيرين الأسبقين الدكتور منذر حدادين، وسعيد المصري، وعدد من خبراء القطاع، وهم: المهندس سعد أبو حمور، الدكتور دريد محاسنة، وأحمد الرجوب.
وأشار الفايز إلى أن الاجتماع يهدف إلى الخروج برؤية واحدة وواضحة حوّل حقيقة الوضع المائي بالمملكة، ومدّى إمكانية الاعتماد على الذات دون الاستعانة بدول إقليمية، بالإضافة إلى الخروج بتقرير موحد لمنع التضارب في التصريحات والأرقام، حتى يكون المواطن مطلعا على حقيقة التحديات المالية التي تواجه الوضع المائي في الأردن بكل شفافية.
وبين أن تحلية مياه البحر تُمثل حلًا استراتيجيًا للحفاظ على الأمن الوطني المائي، الذي يُعد مرتكزًا أساسيًا للأمن الغذائي والزراعي، لافتًا إلى أهمية تعزيز إنشاء الحفائر المائية والسدود في مختلف مناطق المملكة، خاصة في المناطق الصحراوية والبادية الأردنية.
بدوره، استعرض الوزير النجار الوضع المائي في المملكة، حيثُ بين أن المملكة بحاجة بحسب عدد سكانها إلى 11 مليار م3 من المياه للاستخدامات كافة، يتوفر منها 10 بالمئة فقط.
وأشار إلى أن فاقد المياه الفيزيائي لا يتجاوز الـ 35 بالمئة، وتعود نسبة الفاقد المُتبقية إلى أخطاء العدادات، التي يتراوح عمرها الافتراضي من 3 إلى 5 سنوات، مبينًا أنه تم الانتهاء من تجديد عدادات المياه في معظم مناطق محافظة العقبة، وهو ما أدى إلى خفض نسبة الفاقد المائي فيها إلى 12 بالمئة مما كانت عليه سابقًا.
وفي حين تحدث الوزير الحنيفات حوّل إدارة ملف المياه الناجحة في الأردن على الرغم أنه من أفقر الدول مائيًا، أشار إلى أن ما يستهلكه القطاع الزراعي في المملكة من مياه يُقدر بنحو 350 مليون متر مكعب سنويًا بينما ينتج القطاع نحو 250 مليون طن.
وأشار إلى أن لدّى الوزارة خطة “طموحة” على المدى القصير لحفر 100 حفيرة مائية وسد خلال العام المُقبل، حيثُ جرى توفير تمويل لنحو 60 منها، بحسب الوزير، الذي أشار إلى خطة طويلة الأمد ترمي لحفر 500 حفيرة وسد مائي و50 ألف بئر تجمعي على مدار الأعوام الـ 5 المُقبلة.
بدوره، قال حدادين إن الأردن مُصنف من الدول ذات الاقتصاد المتوسط الثاني، وهو ما يعني أن حاجة الزارعة للفرد سنويًا تُقدر بحدود 1500 م 3، بينما تكون في الاقتصاديات المُتقدمة نحو 980 م 3، وذلك يعود إلى الفرق بالتكنولوجيا المُستخدمة في الإنتاج والأنظمة الزراعة المُتقدمة.
ولفت إلى أن طبقة الرمل الصخري مُشبعة بالمياه، إلا أن نوعيتها تختلف من موقع إلى آخر، حيثُ أن بيانات حفر الآبار لغايات النفط أوضحت أن سماكة الطبقة المُشبعة بالمياه “هائل”، بحسب تعبيره، مبينًا أن الآبار، التي جرى حفرها الكثير منها كانت فيها مياه عذبة.
وأكد حدادين أن الضغط المائي، وهو عبارة عن طاقة، وأن درجة حرارة المياه تعتبر أيضًا طاقة، وأن المياه والطاقة متلازمان لا ينفصلان.
من جهته، اقترح أبو حمور إجراء دراسات “أنمذجة رياضية” للأحواض المائية، بهدف معرفة مخزون الحوض المائي وكلف استخراج المياه، ولا سيما أن بعضها يحتوي على إشعاعات ودرجات حرارة عالية.
وبين أنه في كل الأحوال كل ما سيأتي من الآبار الجوفية لا يكفي احتياجات المملكة، وخصوصًا أن الدول المحيطة تستخرج وتستنزف كل الآبار الجوفية، لافتًا إلى أن المملكة بحاجة إلى مشاريع مياه استراتيجية لتحلية المياه، ولا سيما أنها تُعاني عجزًا مائيًا منذُ أكثر من 30 عامًا.
في حين بين محاسنة أن نصيب المملكة من حوض الديسي يُقدر بنحو 120 مليون م3 في السنة، بينما نصيب السعودية، التي تُسميه حوض “الساق” نحو 850 مليون م3.
وأوضح أن مياه البحر الأحمر تحتوي على مادة الصوديوم، فيما تحتوي مياه البحر الميت على البوتاسيوم، وهو ما يدعو إلى رفع مستوى مياه البحر الميت، داعيًا إلى فتح الباب أمام شركات القطاع الخاص ورفع مستوى مشاركتها مع القطاع العام فيما يتعلق بقطاع المياه.
المصري تحدث، بدوره، عما أحدثته دخول التكنولوجيا من نقلة نوعية في خفض كلف الانتاج وتقليل كميات المياه المُستخدمة، مؤكدًا أهمية إدخال التكنولوجيا إلى الزراعة واستخدامها في عملية الانتاج، التي تُشكل جزءًا من الأمن الغذائي.
وبين أن المملكة تستورد نحو 98 بالمئة من احتياجاتها من الأعلاف والحبوب، في حين أن 9 بالمئة من مساحة المملكة يستخدمها السكان، وهناك مساحات شاسعة فيها نحو 3500 نقطة تجمع مائي يجب استغلالها.
وأشار المصري إلى أنه اتضح خلال السنوات الماضية أن هناك نوعًا من النشاط بين وزراتي المياه والزراعة فيما يتعلق بالحصاد المائي، مؤكدًا أهمية إجراء دراسات تستخدم تقنيات الأقمار الصناعية لتحديد السيول النشطة، التي تدخل على المساقط المائية.
بدوره، رأى الخبير الرجوب أن إدارة قطاع المياه في المملكة ليست على المستوى المنشود، وهو ما يدعو إلى إنشاء لجنة دائمة للموارد المائية، مقدمًا مقترحًا أعده يتمحور حوّل خطة وطنية لإدارة الموارد المائية، تحتوي على 18 مبادرة.
وبخصوص معالجة الفاقد المائي، طالب بتقسيم قطاع المياه إلى 3 قطاعات هي: الإنتاج، والنقل، والتوزيع، لافتًا إلى أهمية تشجيع استخدام مياه الصرف الصحي، المُعالجة حتى المستوى الرابع، في بعض الزراعات أو الإنشاءات.