صراحة نيوز – بقلم سهير جرادات
شهد الأسبوع الماضي عددا من الاحداث التي كشفت عن شبهات فساد في مجموعة من القضايا ، جميعها أكدت غياب الثقة بأكبر المسؤولين والاجهزة الأمنية، وقدرتهم على مكافحة الفساد، وحماية المُبلِغين عن قضايا الفساد ، إذ لجأ ابطالها سواء الموظف العام أو المواطن إلى أعلى المستويات وطلب الحماية من رأس الدولة ، ولم يجدوا سوى الاعلام لتحويل قضيتهم إلى قضية رأي عام، موجهين بذلك رسالة واضحة بأن الفساد لدينا أصبح مؤسسيا ، وبتنا نعيش في غابة لا يحكمها القانون !
الدكتور محمود زريقات مدير مستشفى البشير ، مكتشف قضية “القوائم الوهمية” ل 800 عامل لا يعملون ، ويتقاضون رواتب مقدارها 3 ملايين دينار سنويا ، اتجه الى الاعلام ، متجاوزا بذلك رئيسه المسؤول ، ورئيس الوزراء الذي لقب نفسه بالانتحاري في فتح قضايا الفساد ومحاربة الفاسدين ، إذ عكس بهذا التصرف قناعته بأن الفساد أكبر من مرؤوسيه.
أما عدم لجوء دكتور الاعلام زيد عبيدات الى أي مسؤول أو حتى لهيئة النزاهة ومكافحة الفساد ، ليتجه مباشرة إلى رأس الدولة طالبا الحماية من خلال نشر فيديو، يعلن فيه عن اكتشافه لفساد في قطاع طبي ، يظهر تورط عدد من الشخصيات رفيعةالمستوى ، ما يؤكد أن هناك من يحمي الفساد .
الأمر لم يتوقف عند هاتين القضيتين ، حيث اظهرت قضية ” قائمة قبول طب أبناءالمتنفذين ” ، وما احدثته من ضجه اعلامية وسخط شعبي ، لم تسفر إلا عن قرار لرئيس الحكومة بوقف هذه القائمة ، دون الاشارة إلى تشكيل لجنة تحقيق ، أو حتى مجرد التلويح بعدم السكوت عن هذا الفساد، بل بدا الأمر أن المتحايلين على القانون والفاسدين يُتركون دون معاقبة ودون محاسبة ، حيث لم يقال أي مسؤول ، وخرج من خرج منهم بالتعديل الوزاري برواتب تقاعدية لا يعد عقابا ، وهذا يعني أن القناعة تتأكد لدى المواطنين بأن هناك خوفا من تجاوز الخطوط الحمر التي تحيط بالفاسدين حماية لهم .
حتى لو عدنا إلى قضية الفساد الأكثر جدلا ” قضية الدخان ” ، نجد أن وجود عرابها عوني مطيع ، الذي انتشرت صوره مع اغلب المسؤولين رفيعي المستوى لدينا ، مازال حرا طليقا ، وما زالت الحكومة في مرحلة المفاوضات مع الانتربول لجلبه على غرار قضية ” الكردي غيت ” ، لتؤكد لنا هذه القضية وغيرها من القضايا أن الفساد أكبر من أكبر مسؤول، ولا توجد ارادة جادة لمحاربة الفساد .