صراحة نيوز – رصد
ترتفع مجددا في الأردن النغمة نفسها في كل رمضان وتعود حلقات المقاطعة الشعبية للسلع الغذائية بعدما رفعها التجار والبلاد لازالت في الموقع نفسها الحكومة حائرة والأسعار منفلتة والمواطن يئن ومجموعات المقاطعة تعود للواجهة مجددا.
حصل ذلك بسرعة وتماما صبيحة اليوم الأول من شهر رمضان المبارك حيث فوجئ الرأي العام بارتفاع أسعار الدجاج واللحوم على نحو مباغت.
تدخلت جمعية «حماية المستهلك» وأعلن رئيسها الدكتور محمد عبيدات أن ما يجري استغلال ضد المواطن وانتهازية من قبل تجار اللحوم والدواجن والجمعية ستعلن على العموم المقاطعة إذا لم يبادر المعنيون وينتهون من قصة رفع الأسعار وبدون مبرر. الراصدون لأسعار السلع في شهر رمضان يتحدثون عن ارتفاع أسعار الدواجن من قبل كبار تجار هذه السلعة بنسبة لا تقل عن 70٪ وخلال يوم وليلة ارتفعت أيضا أسعار اللحوم لكن بنسبة أقل.
وقبل ذلك ارتفعت قليلا أسعار الخضر والفواكه قبل أن تتدخل وزارة الزراعة وتسيطر نسبيا على معادلة العلاقة بين العرض والطلب.
ويسبق هذا الجدل حول الأسعار الصفحة الثانية الوشيكة من برنامج تقليص عجز الميزانية، حيث عاد قبل نحو أسبوعين من واشنطن كل من وزير المالية عمر ملحس ومحافظ البنك المركزي زياد فريز بعد جولة تفاوض لم تعرف نتائجها بشكل مباشر حتى الآن مع مسؤولين في البنك الدولي.
و كما أبلغ ملحس بعض النواب، فإن الحكومة السابقة برئاسة الدكتور عبد الله النسور هي التي وقعت اتفاقا دوليا يقضي بخطوتين على وجبتين لتقليص عجز الميزانية بأي طريقة وبصورة تخفف الدعم عن السلع الأساسية والخدمات وبنسبة تصل الى تخفيض العجز بمليار واحد على الاقل وعلى دفعتين عام 2017 و2018.
مفاوضات ملحس و فريز في واشنطن كانت لا تحاول وفقا لمصادر في حكومة الرئيس هاني الملقي التنصل من الاستحقاق المالي المقبل ولكن الحصول على الموافقة التي تجعل الحكومة قادرة على برمجة تقليص عجز الميزانية على مرحلتين على الاقل.
الهدف من ذلك محاولة حكومة الملقي تجنب سيناريو رفع الأسعار والضرائب مجددا مرة ثانية والمجازفة بمواجهة الشارع كما حصل في بداية العام الحالي.
الاتصالات في هذا الشأن اخفقت في واشنطن ولم تحصل حكومة الأردن على الموافقة على فكرة تقسيط أو جدولة الاجراءات المطلوبة منها على عدة دفعات.
لكن أوساطاً في طاقم الملقي الاقتصادي تتحدث عن الاستمرار في المحاولة والتصرف على اساس برنامج مجزأ تستطيع الحكومة بموجبه تحصيل نحو نصف مليار اخرى مطلوبة وبسرعة قبل الانتقال للعام المالي 2018 حتى يبقى الأردن مهيئا للاقتراض والدخول للسوق المالي الدولي لمباركة الهيئات المسؤولة.
الاقتراح القاضي برفع المزيد من الضرائب والأسعار على عدة دفعات كان عبارة عن تسوية بين الرئيس الملقي وطاقمه الاقتصادي حيث يرى الأول بأن حكومته تمكنت بصعوبة من رفع الأسعار بداية العام الحالي بصورة أدت لتعويض العجز بقيمة تقترب من نصف مليار دولار وبأنه شخصيا لا يتحمس لجولة إضافية من الرفع الذي قد يؤدي للاشتباك مع البرلمان ويزيد بالتالي من احتمالات مغادرة أو سقوط حكومته.
طاقم الاقتصاد في حكومة الملقي بدوره يتحدث بلغة الأرقام بدون السياسة وهو دور يقوم به بشكل مركزي الوزير النشط عمر ملحس الذي يتهم النواب في مجالس خاصة بانهم بعيدون عن الواقع الرقمي ويطالب المسؤولين جميعا بالتصرف على مستوى الحقيقة والواقع.
بكل حال لا يمكن ترسيم حدود هوامش المناورة امام الحكومة الاردنية عندما يتعلق الأمر بالربع الأخير من العام الحالي وكيفية التصرف خصوصا وأن وزير المالية سعى مجددا لإقناع اللجنة المالية في مجلس النواب بخطته لإكمال برنامج التقشف والترشيد وأعلن بأن المديونية تجاوزت 40 مليار دولار في الربع الاول من العام الحالي.
ما يريد الوزير أن يقوله بوضوح هو أن الفرصة ضئيلة لتجاوز المأزق ما لم يكتمل برنامج الإصلاح الهيكلي بعدم عبور عام 2017 إلا بإكمال المشوار وتعويض العجز بنسبة نصف مليار دولار إضافية.
وهي خطوة يدعمها محافظ البنك المركزي الذي يطالب بإكمال الإصلاحات لكن يتحفظ عليها الرئيس هاني الملقي خصوصا وأنها قد تلحق ضررا باستراتيجيته المتعلقة ببقاء الاشتباك إيجابيا مع مجلس النواب.
القدس العربي