صراحة نيوز – بقلم أ.د. محمد الفرجات
منذ توليه السلطات يحاول جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين جاهدا كل السبل لصناعة الفرح وبث الأمل بين الناس.
الظروف التي أحاطت بنا من حرب وإحتلال العراق، وتفجيرات عمان، والأزمة الإقتصادية العالمية، والربيع العربي، والأزمة السورية، وأزمة نقل السفارة الأمريكية للقدس الشريف وإنعكاس موقفنا علينا، كلها ألقت بظلالها على المشهد الإقتصادي؛ فحصل جمود في حركة البناء وسوق العقارات، وجمود في سوق العمل في القطاعين العام والخاص، وعلى المستوى الإجتماعي ظهرت أحداث غريبة عن مجتمعنا كالعنف والجريمة المنظمة والمخدرات والإنتحار وغيرها.
كل بيت أصبح فيه عاطلون عن العمل، وكل بيت فيه بنات بسن الزواج بلا زواج بسبب فقر وبطالة الشباب.
الأسعار إرتفعت، والسيولة قلت، والرواتب بقيت كما هي.
تبدلت الوزارات والمجالس النيابية ولم يأت أحد بحلول شافية، وبقيت الجهود حبرا على ورق.
لا شك بأن حالة الحزن والكآبة واليأس أصبحت شبه عامة، والبيوت لا يفرحها شيء كما كان قبل فترة ليست ببعيدة، فحالة الجمود تصنع روتين مع حالة إنتظار بلا نتائج، والكل أصبح يخشى المستقبل؛ الآباء والبنات والأبناء، والمجتمع ككل.
جلال الملك يرى ويسمع كل يوم حالة الشكوى والتذمر لدى فئات المجتمع، ويبحث عن الحلول، ويوجه المسؤولين للخروج للميدان، ويحذر من تقصير المسؤولين، ويلتقي الشباب، ويلتقي المتقاعدين، ويلتقي القيادات المجتمعية، ويراقب عن كثب ويتلقى التقارير اليومية عن الوضع العام.
لا شك أيضا بأن الظروف قاسية على الصعد الإقتصادية والسياسية الإقليمية، وهنالك مديونية عالية وناتج قومي يقاربها، وعجز حكومي عن التعيينات مقابل جامعات ومعاهد وكليات تخرج عشرات الآلاف سنويا، كما وأن المغتربين يواجهون مضايقات مالية في دول باتت تتجه لتوظيف مواطنيها وإحلالهم مكان العمالة الأجنبية.
الملك وحده لا يستطيع إحتواء هذه الحالة العامة من اليأس والإحباط والتشاؤم، فهو لا يملك عصا سحرية، وليس مطلوب منه وحده التصدي لمكامن الخلل.
الديوان الملكي العامر مؤسسة عريقة وتعتبر ملاذ المواطنين الأخير، والمطلوب منه حقيقة أكثر مما نجد.
الحكومة صامتة ولا تحسن تقديم جهودها للشعب، وتتخذ قرارات وتتراجع عنها، مما يزيد من حالة اللاثقة بينها وبين المواطنين.
مجلس الملك مجلس الأعيان بتنا نسمع به سمعة وهو ليس ديناميكي ولا يتابع ولا يراقب عملية التقدم في المجالات المختلفة كما هو مناط بها.
ما زلت أؤكد بأن البنوك الأردنية فيها ودائع تزيد عن 40 مليار دينار، ولدى المغتربين الأردنيين والعرب رغبة بالإستثمار في المملكة ولديهم أيضا مئات المليارات، ولكن من يقرع الجرس، ومن يحرك مدننا التنموية والصناعية وهيئاتنا المستقلة، ومن يستطيع تحريك الأمور لتتحول حالة اليأس والحزن والإحباط والكآبة إلى فرح وأمل بين فئات الشعب؟
لا أكتب ذلك لأبث حالة من الإحباط والتشاؤم، فلقد كتبت للحكومات السابقة الكثير، وطلبت من دولتنا أن يكون لنا مشروع يجمعنا كشعب ويوحد خطابنا، وإقترحت مشروع الشعب للانتاج، ومدينة المغتربين الذكية، وصندوق إستثماري وطني، وصندوق للمغتربين، وكتبت لكل الجهات المعنية، وكأن شيء لم يصلهم.