كان يمرّ على الصنايعية في ورش البناء ومعه الكثير من العدد اليدوية المستعملة والجديدة ، يشرب الشاي معهم ويسألهم: ” حدا لازمه طورية”؟..”كريك”؟؟ حدا بدّه عرباية دزّ؟…تارة يأتي بحبل ليف خاص “للقصّيرة” وتارة يأتي “بدريل” فاخر وجديد، ميزان عمار ،صاروخ بلاط أي شيء..ميّزته أنه غير مختص بعدّة محدّدة ..فكل ما كان يقع تحت يده كان يسرقه ويعرضه على الصنايعية بثمن بخس …نعم لصّ البيوت كان يسرق أي شيء متروك في ساحات المنازل، يأخذه بخفّة يدّ ويذهب به إلى الصنايعية في ورش البناء ..وهم يعلمون ذلك ويشترون منه المسروقات بأقل من ثمنها.. أحد معلّمي “القصارة” قال للّص في استراحة الشاي تحت جحش الخشب : “بلاقيش حواليك بربيش مي أصلي طوله 50متر” فقال له اللص..”بدبّرلك هاليومين”..وكأن الأول يقول للحرامي: الا تستطيع أن تسرق لي بربيشاً بهذه المواصفات؟..وعندما احتجّ العامل على المعلّم وقال له: حرام معلّم مهو سرقة!!…قال المعلّم للعامل: ولك الحرام عليه مشّ علي.. ** لبنان الشقيقة مثل “معلّم القصارة” تعرف أننا نأخذ غازنا من العدو الإسرائيلي ،وتعرف أنه غاز مسروق من أرض فلسطين ، لكنها تشتري الكهرباء المولّدة من غاز الاحتلال عن طريقنا من مبدأ ” الحرام على الأردن مش على لبنان”…وعليه فإن سياسييّ لبنان استخدمونا كمحلّلين للحرام الذين يرون “برابيشه بأم أعينهم”…وسياسيونا لا يخجلون أن يمتهنوا هذه المهنة ، “سماسرة” للص الغاز ومندوبي مبيعات له ، ولا يخجلون بطبيعة الحال عندما يبيعون المستهلك اللبناني كيلو الكهرباء بسبعة قروش أردني ويبيعون المستهلك الأردني الكيلو ب12 قرشاً…بسرقة ممزوجة بانتقامية لا أفهمها ولا أستطيع أن أجد مسوّغاً لها..على كل حال من استمرأ السرقة في المرّة الأولى لن يؤنبه ضميره بالمرّة الألف..”وسارق البربيش وسارق الوطن” متّّهمان بنفس الجرم لا فرق..ومن يشتري الكهرباء المسروقة كمن يشتري البربيش المسروق …يخدّر الضمير “ببنج” الحلال المزّيف ليس الاّ.
