صراحة نيوز – بقلم سهير جرادات
شهدت الساحة الأردنية في الأيام القليلة الماضية عدة مشاهد ، بدءاً من مشهد التغييرات في جهاز المخابرات العامة ، مرورا بتغييرات الديوان الملكي من ( تعيينات وترويحات ) ، والحبل ما زال على الجرار سواء في الجهاز الأمني الحساس ، أو في الديوان العامر الذي يخضع الآن لـ ” مبضع ” جراحة ” الهيكلة ” ، وصولا إلى مشهد ( الرئيس وابنته).
جميع هذه المشاهد يتم تأليفها وإنتاجها واخراجها من قبل جهاز متخصص لهذه الغاية يعتمد في تخطيطه المسبق لهذه المشاهد على جمع المعلومات من توجهات الشارع الأردني وهواجسه ، ليتم إخضاعها لعملية تحليل ، وصولا إلى تحويل المخرجات إلى “مشهد ” بهدف تهدئة الشارع الأردني باشغاله بمشاهد ( مختلقة ) ، وبالتالي كسب الرأي العام ، والأهم كسب المزيد من الوقت لصرف النطر عن قضايا أساسية . �
في الغالب ، يحمل المشهد رسائل موجعة ، ويبدو في الظاهر أنها سلبية ، إلا أن المغزى منها يكون طابعها ايجابيا ، وما على المُنفذ عليه سوى تحمل فترة ” حمل المشهد” ، التي تتراوح بين 24 إلى 72 ساعة ، أي بحد أقصاه ثلاثة أيام ، وينتهي المشهد باغلاق ملفه ، بحيث تطوى صفحته ، لتبدأ صفحة ” مشهد ” جديد يلتهي به الشارع ، وهكذا.
يبدو الأمر بأن هناك ( خلية ) يتم تتبعها ، للقضاء على جذورها ، والتي اتضح أنها “شرشت” في مكانين مختلفين يشكلان السلطة والحكم، وهذان القطبان في حالة صراع دائم لاثبات الذات ، إذ يسعى كل طرف للتغلب على الآخر ، عن طريق الاستعانة بالتحالفات ، والتمدد من خلال نشر الأعوان ،إذ لا بد أن يأتي دورهم للقطاف ، فقد ” أينعت الرؤوس وحان قطافه”.
بالتأكيد هناك ارتدادات لأي ” مشهد “، تأتي رد فعل طبيعي لأي حركة مثل الاقالات الجماعية وغالبا ما تكون ارتدادات انتقامية ( على مبدأ رد الصاع بصاعين ) ، كما حصل في المشهد التعبيري( للفتاة الادائية )، التي جُيرت لغايات وأهداف تتعلق بالانتماء وصراع الهوية، لأن اللعب مع الكبار وقطبي المعادلة يسير نحو اثبات من هو الأقوى ، واخراج أحدهما من الساحة لصالح القطب الذي يظهر قوته، وفي أضعف الاحوال تحجيم طرف لصالح الطرف الأقوى سياسيا . �
تزامنت هذه المشاهد الثلاثة الأخيرة ، مع عودة سيد البلاد من زيارته لبلاد “الانكل سام ” مباشرة ، مما يفتح المجال للعديد من التساؤلات ، وأهمها علاقة هذه الأحداث بالضغوط التي يتعرض لها البلد ونظام حكمه، للموافقة على بنود “صفقة القرن”،إذ إن المرحلة المقبلة اعلامية وقانونية بامتياز ، خاصة بعد عملية التدمير الممنهج التي خضع لها الاعلام الاردني منذ عام 2010 وإلى اليوم ، وفي محاول لضبط ايقاع الاعلام الذي سُمح له بالانفلات في الأونة الأخيرة ، وأن يتولى القانونيون عملية الخروج من أزمة” صفقة القرن ” بأقل الأضرار من خلال التفاوض على كل ما يختص بالجانب الاردني، لحماية الحقوق الوطنية وعدم المس بالسيادة الوطنية ، لمواجهة ما سيتم اعلانه بعد رمضان.
ليس علينا، سوى الانتظار لما ستحمل لنا الأيام المقبلة من مشاهد جديدة ، خاصة مع كثرة الأحداث وتسارعها في الأونة الأخيرة ، بصورة ستدخلنا إلى كتاب ” غينيس ” للارقام القياسية ، ونسجل رقما عالميا نكون فيه” بلد الألف مشهد ومشهد ” .. .