صراحة نيوز – أكد رئيس الوزراء السابق، طاهر المصري، أن ما قامت به حكومة الدكتور عمر الرزاز في مختلف الملفات ما زال غير كافيا ولم يتسق مع الوعود الكثيرة التي جرى اطلاقها، مشيرا إلى أن الأردن يعيش وضعا اقتصاديا وماليا وسياسيا صعبا للغاية.
وقال المصري خلال استضافته عبر برنامج “بلا حدود” الذي يُبثّ عبر شاشة قناة الجزيرة القطرية، الأربعاء، إن المجتمع الأردني يعيش مرحلة تغيّر يمكن قراءتها عبر رصد آراء الأردنيين التي يطلقونها من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، لافتا إلى أن “هذه الخلخلة تحتاج إلى خطة وعمل قويّ وجاد، وحكومة قوية تمثّل كلّ الأطراف، وليست حكومة تكنوقراط؛ فالتكنوقراط يمكن تعويضه من خلال الأمناء العامين للوزارات”.
وأضاف: “إن الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي يعيشه الأردن يحتاج إلى حكومة قوية وبرلمان قوي، وأن تأخذ الحكومة ولايتها العامة حسب الدستور، مشيرا إلى أن “هذه الأمور غير متوفرة، ولذلك نطالب بالاصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي”.
ولفت المصري إلى أن الشعب الأردني يعيش تحت عبء ثقيل متمثل بارتفاع الأسعار والضرائب وتراجع الأحوال المعيشية، فيما ارتفع الدين العام إلى (40) مليار خلال العشر سنوات الأخيرة بعدما كان لا يتجاوز (10) مليار سابقا، ولا بوادر لتوقف تنامي هذه المديونية عدا عن انخفاضها..
وحول القضية الفلسطينية وموقف الأردن منها، أكد المصري وهو السياسي الذي تقلّد سابقا عدة مواقع قيادية أبرزها رئاسة الوزراء ورئاسة مجلسي النواب والأعيان، أن “الجانب السياسي من صفقة القرن جرى تنفيذه فعلا وانتهى”، موضحا أن التنفيذ بدأ من خلال اقرار قانون يهودية الدولة ودسترته، واعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لاسرائيل وتجاوب بعض الدول التي نقلت سفاراتها لدى اسرائيل إلى القدس، وأخيرا اعتراف أمريكا أيضا بسيادة اسرائيل على الجولان، مرجحا استمرار المواجهات بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال في القدس وباحات المسجد الأقصى بل وتوسّعها.
واعتبر المصري أن ما تبقى من صفقة القرن ليُنفّذ هو “توثيق ما جرى تنفيذه ليُصبح رسميا، خاصة وأن هناك دولا عربية ما زالت علاقاتها مع اسرائيل غير معلنة”، مستدركا بالقول إن هدف اسرائيل الآن هو دول الخليج.
وشدد على أن “الفلسطينيين وحدهم غير قادرين على مواجهة صفقة القرن، وأن المطلوب موقف عربي قوي، أو قوة عربية كبيرة مهمة قادرة على تغيير هذا الواقع”.
وحول رؤيته لسبب الموقف الأمريكي من القضية الفلسطينية والذي يتعارض مع مصلحة “حليف أمريكا الأردن”، قال المصري: “إن الولايات المتحدة منذ عام 1967 وهي تتدرج في موقفها خطوة خطوة، هكذا حتى وصلنا إلى الوضع الحالي الذي لم يأتِ دفعة واحدة”.
وأشار إلى أن الأردن يتمسك بحلّ الدولتين لسببين رئيسين؛ الأول رغبة منه بانشاء دولة فلسطينية كواجب وطني، والثاني هو حفظ الأمن الوطني الأردني؛ حيث أن الأردن يحتضن أكبر نسبة من اللاجئين الفلسطينيين ويتمسك بحقّهم في العودة، حتى أن مخيماتهم ما زالت قائمة في الأردن ويعيشون فيها.
وحول الضغوط التي يتعرض لها الأردن، قال المصري إنها عائدة إلى موقف الأردن والملك عبدالله الثاني ابن الحسين القوي والذي يزعج الاسرائيليين والادارة الامريكية؛ فالأردن يعارض الموقف الأمريكي تجاه القضية الفلسطينية، وهناك خلاف على موضوع حلّ الدولتين وحقّ الفلسطينيين في اقامة دولتهم، وهذا لا يعجب لا الاسرائيليين ولا الامريكان “الذين يضيقون علينا في أمور كثيرة”.
ولفت إلى أن “هناك من يظن أن دولا عربية تنافس الأردن على الوصاية المقدسة وتمارس ضغوطا سياسية ومالية في سبيل هذه المنافسة، وأعتقد أنه إذا بقي الوضع العربي كما هو عليه الآن، فإن اسرائيل ستصبح تتخذ القرارات لوحدها”.
وتابع: “هناك كلام يقال بأن منافسي الأردن على الوصاية هما المملكة العربية السعودية والمملكة المغربية، لكني لا أرى أن الأمر واضح، ولا يجب أن نتعاطى مع ما تنشره الصحف الاسرائيلية على أنها حقائق؛ قد يكون صحيحا ما تنشره وقد يكون ما تنشره ألغاما، أنا لا أملك أي دليل أن السعودية تمارس ضغوطا، وأما المغرب فهي مستبعدة”.
وأشار خلال الحلقة التي رصدتها الاردن24 إلى وجود ثلاثة عوامل وحقائق تحكم الموقف الأردني: أولا أن الأردن غير قابل بالمقترحات الأمريكية بخصوص صفقة القرن، ثانيا الأردن وحده لا يمكنه حماية الفلسطينيين، ثالثا لا حلّ بدون الأردن.
وفي ردّه على سؤال حول امكانية أن يفرض الأردن رؤيته على المنطقة، قال المصري: “فرض رؤيته في المنطقة والحكم على المنطقة هذه مصطلحات كبيرة، نحن بلد ضعيف وهشّ اقتصاديا ولدينا مشاكل داخلية، هناك أمر واقع يجب على الحكم أن يتعامل معه، وربما هذه أحد نقاط ضعفنا في الأردن، لكن بالمقابل وضعنا بالنسبة للقضية الفلسطينية مهم ولا حلّ بدون الأردن”.
وقال المصري إن استخدام بعض أوراق الضغط التي يُقال إن الأردن يملكها غير متاح وغير ممكن سياسيا، ففيما يتعلق باتفاقية وادي عربة وطرد السفير فهناك عدة حسابات لدى الأردن منها العلاقات مع أمريكا، ثمّ أن الدول العربية تسير باتجاه وطريق الاعتراف باسرائيل.
وتابع المصري: “أتكلم كسياسي وليس موقفي؛ نحن في الأردن معتمدون على الآخرين بشكل كبير جدا، وليس لدينا القدرة على السير وحيدين، ومثل هذه القرارات كبيرة جدا على الأردن، فهو مُنهك وغير قادر سياسيا على هذا، أما ملفّ مثل اتفاقية الغاز فهذا يمكن الغاؤه”.
وحول مؤتمر البحرين ومشاركة الأردن فيه، قال المصري: “لقد وصل الأردن 300 دعوة للحضور، ولم يذهب أحد باستثناء شخص واحد لم يتفوّه بكلمة واحدة، ويمكنني قول كلمة أن هناك “رزالة” في مؤتمر البحرين؛ الأمريكان يعرضون أموال العرب على الفلسطينيين ليبيعوا وطنهم”.
واختتم المصري حديثه بالتأكيد على أن “الأردن لن يقبل بالمال مقابل الأرض، بغض النظر عن حاجة الأردن فلن يقبل”.