صراحة نيوز – دعت الملكة رانيا العبدالله المجتمع الدولي إلى معالجة القضايا التي تغذي عدم المساواة المتزايدة خلال جائحة كورونا، مؤكدة الحاجة إلى توزيع عالمي عادل للقاح فيروس كورونا.
وقالت “نحن جميعاً في سباق ضد الوباء، وليس ضد بعضنا البعض”، مضيفة أن عدم قدرة أي دولة على التعافي من هذه الأزمة قد يؤدي إلى عدم الاستقرار وانعدام الأمان للجميع.
جاء ذلك خلال مشاركة جلالتها من عمان عبر تقنية الاتصال المرئي في قمة وارويك الاقتصادية العشرين، والتي تضمنت مقابلة أجرتها مذيعة الأخبار في سي إن إن بيكي أندرسون وتم بثها اليوم السبت في جلسات القمة.
وأوضحت جلالة الملكة أنه في حين أن بعض الدول الغنية قد طلبت مسبقاً جرعات من اللقاح كافية لتحصين جميع سكانها ثلاث مرات، فإن أغلبية الدول الفقيرة ستتمكن في أحسن الأحوال من تحصين عُشر سكانها هذا العام.
وأضافت جلالتها ليس هناك ما يمنع الدول التي اشترت كميات من المطعوم تفوق حاجتها من التبرع للدول التي تفتقر لها، معربة عن سعادتها لرؤية العديد من الدول تعهدت بفعل ذلك، مستذكرة دعوة جلالة الملك عبدالله لأن يتم التعامل مع المطاعيم باعتبارها منفعة عامة عالمية.
وقالت “إذا لم تدفعنا المسؤولية الأخلاقية إلى ذلك، على الأقل يجب أن يكون دافعنا من منطلق تحقيق الصحة العالمية.”
وأضافت جلالتها أن هذه الأزمة كشفت عن شروخ في نظامنا العالمي، وأظهرت أيضاً نقاط قوة لدينا كمجتمع دولي. فقد يكون الجهد العالمي لمحاولة احتواء وإيجاد علاج لهذا الفيروس أنظم وأفضل استجابة على المستوى العالمي لأي أزمة في التاريخ الإنساني على الإطلاق.
وقالت “تطوير اللقاح كان سيستغرق سنوات لولا التعاون الطبي العالمي، والذي كان مثالاً واضحاً ولا يمكن إنكاره على كيف يمكن لأزمة أن تغذي الابتكار، وكيف عندما نضع السياسات والهويات الوطنية جانباً ونعمل معاً من أجل تحقيق هدف مشترك، يمكننا إنجاز الكثير للإنسانية.”
ونبهت جلالتها الى ان انعدام المساواة يلقي بظلاله على الجميع ليس بتباين تأثُر الناس فقط ولكن أيضاً بالقدرة على التعافي فالدول ذات الدخل المرتفع لديها القدرة على توفير التحفيز الاقتصادي، بينما البلدان ذات الدخل المحدود والأسواق الناشئة ليس لديها الحيز المالي لمساعدتها على التعافي مما قد يسبب شعور بانعدام الامان وعدم الاستقرار.
وقالت بينما يستمتع البعض بفوائد انتعاش الأسواق العالمية، يعاني عدد كبير حول العالم من أوبئة موازية مثل الجوع والعنف والأمية، وللمرة الأولى منذ 20 عاماً يزداد الفقر المدقع من جديد.
وفيما يتعلق بجعل التعليم أكثر مرونة وإنصافاً في عالم ما بعد الجائحة، قالت جلالتها أن الوباء أدى إلى أكبر خلل في التعليم في تاريخ البشرية، حيث أثر إغلاق المدارس على حوالي 1,6 مليار متعلم، وحتى في أفضل الأوقات، لم تكن فرص الحصول على التعليم متكافئة، لكن الفوارق التي نراها اليوم هائلة. وخلال فترات الإغلاق، قدمت حوالي 70% من الدول نوعاً من التعليم الرقمي. لكن بحسب اليونيسف أكثر من 460 مليون طالب مدرسة انقطعوا عن التعليم عن بُعد العام الماضي. وهذا غير مفاجئ، كون 40% من سكان العالم ما زالوا غير متصلين بالانترنت.
وأضافت من الواضح، أن التعلم عن بُعد كان حبل نجاة للكثيرين من الطلبة حول العالم، لكن بما أنه غير متاح للجميع فهو حل منقوص، مشيرة الى ان إحدى طرق بناء قدرة الانظمة التعليمية على التكيف مع المتغيرات هي من خلال التوسع في تهجين التعليم.
وقالت جلالتها الآن هو الوقت المناسب للاستثمار في المزيج بين أساليب التعلم عن بُعد والتعليم الوجاهي، وبناء القدرات لتحقيق ذلك، مؤكدة على أن التعلم الالكتروني ليس حلاً مؤقتاً لمشاكل مؤقتة، بل إنها تعزز أنظمتنا التعليمية من خلال تقديم خيارات بديلة. برأيي، إذا تحقق ذلك عالمياً وبشكل صحيح قد يمثل فرصة لتعميم التعليم النوعي.
واضافت كمجتمع عالمي، علينا جعل إغلاق فجوة تمويل التعليم عالمياً أولوية، حيث تحذر اليونسكو من وصول الفجوة إلى 200 مليار دولار سنوياً. قد يبدو الرقم كبيراً، لكنه يمثل 10% فقط من الانفاق العسكري العالمي السنوي. أعتقد أن عدم بذل جهود لإغلاق تلك الفجوة أمر غير مبرر.
وحول ظروف العمل خلال الجائحة والفروق النوعية بين الرجل والمرأة الموجودة مسبقاً في مكان العمل، قالت جلالتها ان الجائحة قلبت كل عالم العمل وبقيت بعض الحواجز ثابتة وقائمة وبقوة أمام عمل المرأة، ومن يعملن لا يحصلن حتى على الدعم الذي يحتجنه، وعندما تصبح فرص العمل شحيحة، عادة ما تكون المرأة أول من يتم التخلي عنها.
واضافت ان إغلاقات المدارس والحضانات في كل مكان شكل أزمة حقيقية للأمهات العاملات. ففي المملكة المتحدة العام الماضي، واحدة من خمس نساء إما أجبرت على ترك العمل بسبب ظروفها أو تم تسريحها.
واشارت جلالتها الى دراسة لماكنزي حذرت من أن الفجوة المتنامية بين توظيف الرجال والنساء يمكن أن تعني فرقاً مقداره تريليون دولار في الناتج الإجمالي المحلي العالمي بحلول عام 2030.
ونوهت الى ان أصحاب العمل بحاجة لاعتماد نماذج عمل مرنة تراعي احتياجات العائلة، وإحدى أساليب ضمان أخذ احتياجات المرأة بعين الاعتبار، هي بإشراك عدد أكبر من النساء في غرف صنع القرار.
واشارت الى انه مهما كان الوضع الطبيعي الذي سنعود إليه، يجب ألا يكون الوضع ذاته الذي فشل في شمول الكثيرين، لأنه إن علمتنا هذه الأزمة شيئاً، فهو أن قوتنا محدودة بحجم قوة الأضعف بيننا. لذلك علينا أن لا نفقد هذه الفرصة لمحاولة تصحيح العديد من الأخطاء في عالمنا، لأن تعميق التباين سيزعزع استقرار الجميع.
واضافت “أن أمامنا فرصة لا تتكرر لمحاولة إعادة تخيل أنظمة اجتماعية اقتصادية جديدة وممارسة ادوار جريئة وذات رؤية، وبناء وضع طبيعي جديد يمنح الفرص للجميع.”
وتُعقد قمة وارويك الاقتصادية لعام 2021 افتراضياً ويمكن الوصول إليها مجاناً عبر الإنترنت لأول مرة هذا العام، وتعد من أكبر مؤتمرات الاقتصاد التي يديرها الطلاب في أوروبا. وتستمر ثلاثة أيام وتجمع طلاب الجامعات من جميع أنحاء العالم للاستماع إلى قادة الفكر العالميين حول مجموعة واسعة من الموضوعات الاجتماعية والاقتصادية.