صراحة نيوز – رعى جلالة الملك عبدالله الثاني، اليوم الخميس، الاحتفال الديني الكبير الذي أقامته وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية بمناسبة ذكرى الإسراء والمعراج الشريفين، وذلك في المركز الثقافي الإسلامي التابع لمسجد الشهيد الملك المؤسس عبدالله بن الحسين.
وبدأ الحفل بتلاوة آيات عطرة من القرآن الكريم تلاها الشيخ الدكتور مأمون الشمالي.
وأعرب وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية، الدكتور عبدالناصر أبو البصل في كلمة له عن تهنئته لجلالة الملك، صاحب الوصاية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف، أرض الإسراء، وسمو ولي العهد والأسرة الهاشمية والأسرة الأردنية والأمة جميعاً بمناسبة ذكرى الإٍسراء والمعراج.
وقال “نهنئكم باسمي واسم العاملين في الأوقاف والمساجد ومجالسها ولجانها جميعاً وفي مقدمتهم العاملون في المسجد الأقصى المبارك وأوقاف القدس الشريف، أئمة ودعاةً وخطباء ووعاظاً وواعظات ومرابطين وحراساً ومؤذنين، وأتقدم بأسمى آيات التهنئة والتبريكات المقرونة بالدعاء بمناسبة ذكرى الإسراء بسيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي بارك الله به وحوله بركة دائمة إلى يوم القيامة”.
وأضاف “إذا كانت حادثة الإسراء والمعراج من أعظم حوادث السيرة النبوية الشريفة التي لها مكانتها الكبرى في عقيدة المسلمين وقرآنهم الذي يُتلى تعبداً لله، قد مهّدت للهجرة ولقيام الدولة الحضارية ومؤسساتها، فإن حدث الإسراء قد شكّل أرضية سياسية لظهور مجتمع المدينة المنورة بعد الهجرة، ذلك أن الإسراء بنص قوله سبحانه في سورة الإسراء ((وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس)) كان تمحيصاً وابتلاءً وفتنةً لاختبار صدق من آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم، وصدق مواقفهم معه في ظل سياسة التشكيك والتكذيب في وقوع الحدث ابتداءً وقياساً على الماديات المتوافرة في ذلك العصر، فأثمر الصدّيقَ والصادقين وأصحابَ المواقف الصادقة الذين أقاموا مجتمع المدينة ودستورها العالمي”.
ومضى قائلا “واليوم في أحداث أرض الإسراء والمقدسات والقدس الشريف تمحيص واختبار للمواقف، فَمَنْ يقف مع الأقصى والمقدسات ممّن يخذلها؟ ومَنْ يدعم المقدسيين ممّن يخذلهم؟ من يرعى المقدسات والأقصى في مقدمتها؟ ومن يَصدق معها؟ نعم؛ لقد أثمرت مواقفكم الصادقة يا صاحب الجلالة تجاه المقدسات والأقصى والقدس وقضية الأمة صموداً وتأييداً واتحاد كلمة، فتنزلت الرحمات من السماء بفتح باب الرحمة، وتوحّد صف الأردنيين وكلمتهم مع المقدسيين وأهل فلسطين مع كلمتكم الحقّة”.
وتابع “وها نحن يا صاحب الجلالة في دائرة أوقاف القدس الشريف والمسجد الأقصى المبارك ومجلس أوقاف القدس الذي يحضر احتفالنا اليوم ننفذ رؤية جلالتكم وتوجيهاتكم الحكيمة في رعاية الأقصى وأوقاف القدس كافة، متمسكين بالوصاية الهاشمية على المقدسات الممتدة جذورها إلى أكثر من ألف وأربعمائة وأربعين عاما يومَ أنْ مر المصطفى صلى الله عليه وسلم من أرض الأردن المباركة وفوقه، ولامست أقدامه الشريفة أرض الإسراء وصلى بالأنبياء إماماً”.
وقال الدكتور أبو البصل “وكأننا اليوم يا صاحب الجلالة وأنتم تحملون همَّ المقدسات وبيت المقدس تُحيونَ فينا ذكرى الإسراء والعهدة العمرية والرباط في الأقصى المبارك، وكأننا اليوم ونحن في رحاب مسجد الشهيد الملك المؤسس الذي استشهد رحمه الله وطيب الله ثراه على أبواب المسجد الأقصى المبارك نقول للعالم: إنَّ الرسالة التي حملها صاحب الذكرى صلى الله عليه وسلم رسالة تسامح وعدلٍ ومحبة ووئام، ترفض الكراهية وإذكاء الصراعات والضغائن، والاستيلاء على مقدرات الأمم، كما ترفض الإكراه في الدين وامتهان حقوق الإنسان وتحرم القتل والاعتداء على الذين عكفوا على العبادة في المساجد والكنائس ودور العبادة”.
وقال “إن تجدد ذكرى الإسراء والمعراج في ظل تزايد الأخطار المحدقة بالمسجد الأقصى المبارك وسياسة السلطة القائمة بالاحتلال في اقتحاماتها وعرقلتها لمشروعات الأوقاف، وإبعاد موظفي الأوقاف وحرّاس الأقصى المبارك ليرسل رسالة إلى أبناء الأمة الإسلامية فحواها ومضمونها أن الوقت قد حان لتكسروا عزلة المسجد الأقصى الذي وصّاكم صاحب الذكرى صلى الله عليه وسلم بشد الرحال إليه والدفاع عنه، وأن تجددوا ذكرى الإسراء على أرض الإسراء صلاة ورباطاً وتلاوة قرآن على بلاطه وأروقته ومساطبه”.
وأضاف “فإذا كانت الصلاة قد فرضت في رحلة المعراج وكانت الخمسُ خمسينَا في الأجر، فالصلاة في المسجد الأقصى بخمسمائة صلاة، وإذا كانت البركة قد حلّت بما جاور الأقصى وما حوله فقد أضحى المسجد بالإسراء بالنبي إليه رمزاً لشخصية الأمة الإسلامية في جميع بقاع الدنيا لأنه وبنص القرآن موطن لمعجزة الإسراء، وما تقومون به يا صاحب الجلالة من رعاية للأقصى أمر شرعي تنوبون فيه عن الأمة جميعاً والأمة كلها معكم، فأنتم تملكون الشرعية الدينية والتاريخية والمبادرة العملية وشهادة الزمان والمكان”.
واختتم بالقول “حفظ الله المسجد الأقصى وأرض الإسراء وجميع مقدساتنا وحفظ الله الأردن، وحفظكم الله يا صاحب الجلالة وصياً على المقدسات ومدافعاً عن قضايا الأمة”.
بدوره، قال رئيس مجلس أوقاف القدس سماحة الشيخ عبدالعظيم سلهب في كلمته “صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبدالله الثاني ابن الحسين صاحب الوصاية والرعاية، إن الإسراء والمعراج معجزة كرم الله بها رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم بعد أن حاربته قوى الأرض وفقد العزيز والنصير، فكان التكريم له من الله العلي القدير في السماء، والصلاة والدعاء له من المؤمنين في الأرض، والإسراء معجزة ربط الله سبحانه وتعالى بها بين المسجد الحرام بمكة والمسجد الأقصى في بيت المقدس ربطا عقديا إيمانيا لا يمكن لقوة في الأرض أن تفك عراه، أعلن المولى عز وجل إسلامية المسجد الأقصى، فهو آية في كتاب الله يرتلها المسلم آناء الليل وأطراف النهار “سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير”.
وأضاف “وفي سماء المسجد الأقصى فرضت على المسلمين الصلاة، ليظل المسلم على صلة بالأقصى كلما توجه لربه في الصلاة وللتأكيد على قدسية الأرض التي باركها الله بقوله باركنا حوله، وأوصى الرسول الكريم صحابته بزيارة المسجد الأقصى والصلاة فيه والسكنى حوله فقال للصحابي ذي الأصابع عندما سأله إن ابتلينا بعدك بالبقاء أين تأمرنا قال عليك ببيت المقدس لعله أن ينشأ لك ذرية يغدون إلى ذلك المسجد ويروحون، ونحن إن شاء الله هذه الذرية التي أوصى بها الرسول الكريم”.
وتابع قائلا “يتعرض هذا المسجد المبارك في هذه الأيام لهجمة احتلالية محمومة تستهدف إسلاميته وتوظف كل أدوات القمع وإرهاب الدولة المنظم لإبعاد واعتقال مسؤولي الأوقاف وموظفيها والمرابطين والمرابطات عنه وإضعاف دور الأوقاف الإسلامية التابعة لوزارة الأوقاف الأردنية ومنعها من ممارسة واجبها في إدارة المسجد والقيام بأعمال الترميم فيه ومحاولة سلطات الاحتلال تحويل الصراع إلى صراع ديني لا يبقي ولا يذر تتحمل سلطات الاحتلال نتائجه”.
وقال رئيس مجلس أوقاف القدس “نثمن عاليا قيادتكم الحكيمة ومواقف جلالتكم الثابتة ودفاعكم عن القضية الفلسطينية في جميع المحافل والمنتديات الدولية باعتبارها قضيتكم الأولى وحرصكم على حمل مسؤولية الأمانة، بالوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس وفي مقدمتها قضية المسجد الأقصى باعتبارها قضية دينية ووطنية وأخلاقية وإنسانية وإرثا تاريخيا تعتزون به ورثتموه كابرا عن كابر من الآباء والأجداد”.
وأضاف “نحن في بيت المقدس الذين كتب الله لنا الرباط فيه سنظل الأوفياء للمسجد الأقصى نلتف حوله ونقف في وجه المعتدين عليه والمنتهكين لحرمته وقدسيته مهما كلفنا ذلك، نسير خلف جلالتكم ونؤكد على مقولتكم التاريخية أن القدس خط أحمر .. فهي أولى القبلتين وثالث الحرمين ومسرى رسول الله ومعراجه، ومواقفكم الوطنية لا للتنازل عن القدس المحتلة ولا للتوطين ولا للوطن البديل، وندعو من خلال جلالتكم قادة الأمة وزعماءها إلى الوقوف معكم للوصول إلى عمل عربي موحد يوقف العدوان على القدس وأهلها ومقدساتها ويوفر الحماية للمسجد الأقصى المبارك / الحرم الشريف”.
وقدمت فرقة إنشاد المسجد الأقصى التي تأسست عام 1994 في القدس الشريف برعاية وإشراف وزارة الاوقاف الأردنية بقيادة الشيخ فراس القزاز مؤذن وقارئ المسجد الأقصى المبارك وصلة إنشادية بعنوان “خاطبت ربك لما سريت”.
وتضمنت الأنشودة وصفا لرحلتي الإسراء والمعراج، ووصف النبي عليه الصلاة والسلام وإمامته بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
وتهتم الفرقة بالتراث المقدسي القديم وإحياء التراث والروحانيات في جميع المناسبات الدينية خاصة التي تقام في المسجد الأقصى المبارك، وتضم عددا من الأئمة والمؤذنين والمنشدين من أبناء بيت المقدس.
وحضر الاحتفال رئيس الوزراء، ورئيس مجلس النواب بالإنابة، ورئيس المجلس القضائي، ورئيس الديوان الملكي الهاشمي، ومستشار جلالة الملك، مدير مكتب جلالته، ومستشار جلالة الملك لشؤون العشائر، وقاضي القضاة، ومفتي عام المملكة، وعدد من الوزراء والأعيان والنواب، ومدراء الأمن العام وقوات الدرك والدفاع المدني، وإمام الحضرة الهاشمية، وعدد من كبار المسؤولين المدنيين والعسكريين، وأعضاء السلك الدبلوماسي لعدد من الدول في المملكة، وعدد من أعضاء مجلس أوقاف القدس.