صراحة نيوز – ناقشت ندوة نظمتها جمعية النقاد الأردنيين مجموعتين قصصيتين للقاص جمعة شنب، مساء اليوم السبت، في قاعة غالب هلسة بالمقر الرئيس لرابطة الكتاب الأردنيين بعمان.
وفي الندوة، التي أدارها رئيس الجمعية الناقد الدكتور غسان عبدالخالق، قال الناقد الدكتور محمد عبدالله القواسمة في قراءة له بعنوان: “لاستحالية في قصص “قهوة رديئة” لجمعة شنب” إن الاستحالية مصطلح سردي ويعني به الإفراط في الخيال إلى حد لا يقبله العقل، مبينا أنها تتضمن معنى التغير الذي لا يخضع لمنطق أو قانون، كما تتضمن معنى التحول الذي تؤول إليه الأحداث أو الشخوص أو الأشياء في السرد حيث تغدو في أشكال لم تكن عليها من قبل. إنها تعني عدم إمكانية وجود الشيء، أو حدوث الفعل على أرض الواقع.
وأشار الناقد القواسمة إلى أنه في مجموعة “قهوة رديئة” لجمعة شنب نعاين الاستحالية “في عدة قصص هي:”زحف”، “حمار”، “ألسنة”، “بالونات”، “كلاب”، “خمر”.
وبين أنه في قصة “زحف” يستطيع الموتى في المقبرة الشمالية فتح كوات في قبورهم، ثم رفع سقوفها، والخروج منها، والهجوم على الحارس؛ لأنه كان سكيرًا يزعجهم في قبورهم بهلوساته، ثم إجباره على أن يرافقهم في الزحف على المدينة، موضحا أن الاستحالية في هذه القصة تتمثل في عودة الموتى إلى الحياة، وممارسة الفعل الثوري بالزحف إلى المدينة، ويبدو أنها تحقق هدفها في تصوير الموت تصويراً مرعبًا، وبيان أن ما على الأرض من فساد وشرور يضج به حتى من في القبور فيتحركون لتغييره.
وخلص إلى أن مجموعة ” قهوة رديئة” تقوم بعض قصصها على استخدام الاستحالية التي تنبني على الأحداث التي لا يمكن وقوعها على الأرض، لافتا إلى أن هذه الاستحالية جاءت لا لتدفع القارئ إلى أن يعيش في أجواء استيهامية إغرائية بل كان الغرض منها واضحاً، وهو التعبير بجرأة ومرارة وقسوة أحياناً عما في الواقع من رداءة.
وقال إنه تحقق للقاص شنب هذا الهدف من خلال لغة اختزالية محايدة، غير انطباعية، ولغة تتجاوب مع الواقع الاستحالي الذي تحمله، والواقع الخارجي الذي تعبر عنه، وهو واقع بائس تضيق فيه سبل الخلاص والنجاة أمام كل من يحاول الخروج عليه.
بدوره، قال الناقد الدكتور زياد ابولبن في قراءة للمجموعة القصصية “بنت الحرام” إن هذه المجموعة تنطوي على 56 قصة قصيرة، وكل قصة تحمل عنوانا من كلمة أو كلمتين، وهي أشبه بشفرات النص للدخول إلى متن النص الحكائي، وما أن تنفك مغاليق العناوين ببساطتها حتى يجد القارئ نفسه أمام شخصيات تتحرك في واقع قريب منه أو من حدث يومي مختزل بلغة شاعرية رقيقة دون تعقيد أو تقييد للغة.
وبين أن القاص يقدم للقارئ مخزونا من التجارب الحياتية الإنسانية، في تفاصيل دقيقة تشحذ ذهنية القارئ نحو فائض من الأسئلة التي لا تقدم إجابات جاهزة.
ولفت إلى أن القاص يكشف ويغوص في الوقت نفسه، متجسدا عبثية الحياة، وتناقضات الواقع، عبر ذات مغتربة داخل بنى اجتماعية متعددة، وفي أنساق لغوية تصويرية نابضة بالحياة، فهو عالم مشحون بالحزن والألم والحلم، يكشف عن علاقات إنسانية مأزومة، وعن أزمات نفسية تصاحب كل شخصية من شخصيات المجموعة القصصية.
واعتبر أن القاص شنب نجح في خلق حالة من التفاعل والانسجام بين قصص المجموعة والقارئ، مبينا أنها قصص مستوحاة من الواقع اليومي المعاش، واقع هش، بل واقع مراوغ، مسكون بالقهر والظلم والعبث والفقر والمرض، وهذا ما سعى إليه القاص أو ما انحاز إليه في قضاياه الإنسانية، بل ينتصر للقيم الحقيقية في مجتمع غابت عنه قيمة الإنسان، إذا سلمنا أن الإنسان قيمة مطلقة في الوجود.
كما اعتبر أن المجموعة القصصية “قهوة رديئة” هي الأكثر نضجا عمّا سبقها من مجموعاته القصصية الثلاث، ويتبعها مجموعة “بنت الحرام”، وهي قصص تقدم خصوصية الكتابة الإبداعية لجمعة شنب.