صراحة نيوز – بشكل غير مسبوق، وفي ظل جائحة فيروس كورونا المستجد، ازداد حكما استخدام الهواتف الذكية والاعتماد عليها، ولا سيما للعمل أو للدراسة عن بعد، واصبح التعلق بها يشكل الحيز الاكبر من يوميات العديدين، ما ضاعف من احتمالية التعرض لمشكلات صحية ونفسية واجتماعية، أكثر من ذي قبل.
ورغم أن الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية والالكترونية، أمنت التباعد الجسدي المطلوب كإجراء احترازي يحد من المخالطة واحتمالات نقل عدوى الفيروس، اضافة للتقارب الافتراضي الذي استدامت معه الحياة التعليمية والمهنية، الا ان تلك الايجابيات لم تمنع اختصاصيين من عرض نصائحهم وتجديد تحذيراتهم من خطورة الادمان على استخدام تلك الاجهزة، حتى في ظل حاجتنا اليها، وفق قاعدة “خير الامور الوسط”.
فعلى الصعيد الصحي، تحدثت طبيبة أمراض وجراحة العيون الدكتورة آمال السيد لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، عن ضرر الضوء الأزرق المنبعث من الشاشات الذكية المشابه للأشعة فوق البنفسجية الصادرة عن الشمس، وتأثيره بعيد المدى على العين. ونصحت بعدم قضاء فترات طويلة أمام الشاشات الالكترونية، ولاسيما في الأماكن المعتمة، دون تخفيض نسبة الإضاءة المنبعثة منها، وضبطها بما يسمح بتعديل هذه النسبة اوتوماتيكيا تبعا لمستوى النور المحيط بنا، داعية لاستخدام النظارات التي تحمي من الأشعة فوق البنفسجية.
وبينت أهمية أن لا تقل المسافة بين العين واي جهاز الكتروني عن متر واحد، مشددة على ضرورة منح العين استراحة كل 20 دقيقة والنظر في الأفق أو لاجسام على بعد 6 أمتار، ولعشرين ثانية.
وحذرت من تعرض الأطفال تحت سن 15 عاما لأكثر من ساعتين يوميا للإشعاعات المنبعثة من الأجهزة الالكترونية، ما يؤدي الى جفاف العين، والصداع وما يسمى بقصر النظر الكاذب.
وفضل مقيم جراحة العظام والمفاصل الدكتور سيف الزعبي الابتعاد عن الهاتف أثناء استخدامه لمسافة 60 الى 90 سنتمترا تقريبا، وأن يكون الظهر معتدلا بزاوية قائمة قدر المستطاع وتجنب انحنائه.
وأكد أن ثني الرسغ عند استخدام الهاتف ولفترة طويلة يؤدي للضغط على ما يسمى طبيا بالعصب الوسطي، ما قد يحوج المريض لعملية جراحية لتحريره، لافتا إلى أن معظم المراجعين يشتكون من آلام في الرقبة والرسغ.
واوضح ان انحناء الرقبة أثناء استخدام الشاشات الذكية قد يتسبب بحالات الشد العضلي، وتيبس العضلات نتيجة لحملها وزن الرأس لفترة زمنية طويلة، وزيادة فرص تعرض الشخص للانزلاق الغضروفي أو “الديسك” ، داعيا لعمل تمارين الإطالة للعضلات كل 45 دقيقة لمدة تتراوح بين 5 الى 10 دقائق، واستخدام أداة تحول دون انثناء الرسغ وبقائه مستقيما أثناء استخدام الحاسوب. من جهته، بين الطبيب النفسي الدكتور علاء زايد أن مرد تغير سلوكيات الطفل وازدياد عصبيته هو التعلق بالاجهزة الذكية وتصوره بأنها السبيل الوحيد للتواصل مع العالم الخارجي، محذرا في الاطار ذاته من خطورة الإدمان على هذه الأجهزة.
وشدد على ضرورة أن يقوم الأهل بمتابعة أبنائهم وحثهم على التركيز أثناء الحصص الافتراضية والمشاركة فيها وتجنب التسجيل الوهمي لها، لجعل العودة الوجاهية لاحقا أمرا مقبولا لديهم.
ودعا الموظفين العاملين عن بعد، لاتخاذ مكان محدد في المنزل للعمل وتحديد فترة زمنية ثابتة قدر الإمكان لأداء المهام المطلوبة منهم، وخص في ذلك الإناث لطبيعة المهام الأسرية والاجتماعية المنوطة بهن تلافيا للتأثيرات السلبية المحتملة من اضطرابات في النوم والطعام وصعوبة إتمام المتطلبات الوظيفية.
بدورها، قالت أخصائية العلاج السلوكي أمل الكردي إنه على الرغم من أن الهواتف الذكية فتحت آفاقاً جديدة للتواصل إلا أنها أغلقت باب العلاقات الأسرية وشكلت عائقا يحول بين تلاقي أفراد الاسرة بالشكل الطبيعي لما تحتويه من مغريات وخدمات سواء دعائية او ثقافية أو تعليمية.
وعزت ازدياد الخلافات واتساع الفجوات بين أفراد العائلة الواحدة، لملازمتهم للشاشات الذكية لمدة مضاعفة عما قبل الجائحة وبشكل متواصل، يتعدى كونه تلازما تثقيفيا أو ترفيهيا، داعية لتنظيم الوقت وإيلاء التواصل الأسري أوقاتا مستقطعة، يستبعد خلالها استخدام هذه الأجهزة، ومحاولة القيام بأنشطة متنوعة، من شأنها تخفيف التعلق بالأجهزة الالكترونية.
وذكر موقع منظمة الصحة العالمية الإلكتروني أن نقص النشاط البدني يحتل المرتبة الرابعة ضمن عوامل الاختطار الرئيسة الكامنة وراء الوفيات التي تُسجّل على الصعيد العالمي، الأمر الذي يجب أن يحذر منه من يقضون ساعات طوال أمام شاشاتهم الذكية.
وقدمت المنظمة توصيات بشأن الحد الأدنى من النشاط اللازم لجميع الفئات العمرية لتحسين صحتهم، لافتة لأهمية القيام ببعض الانشطة البدنية عوضا عن الخمول التام، كجزء من نظامهم اليومي المعتاد.
(رزان مبيضين – بترا)