صراحة نيوز – مندوبا عن سمو الأمير غازي بن محمد، كبير المستشارين لجلالة الملك للشؤون الدينية والثقافية، والمبعوث الشخصي لجلالته، عضو مجلس حكماء المسلمين، رعى العين الدكتور محمد المومني، اليوم الاثنين، انطلاق أعمال مؤتمر “إعلاميون ضد الكراهية “الذي ينظمه مجلس حكماء المسلمين بالشراكة مع مركز الكاثوليكي للدراسات.
وقال المومني في كلمة له خلال حفل الانطلاق، إن أهم التحديّات التي تواجه أمّتنا وديننا والحضارة الانسانية اليوم تتمثل بانتشار خطاب الكراهية، والابتعاد عن قيم التسامح والسلام، ورفض الاختلاف والتباين، وأن قيم التسامح والسلام متسقة تماماً مع تعاليم ديننا والأديان السماوية جمعاء.
وأضاف أن عمان، عاصمة المملكة الأردنية الهاشمية، التي تفتخر وتعتز أنها كانت ولا زالت في طليعة الدول التي تذود عن الدين الحنيف، وانبرت للدفاع عن القيم الإنسانية والحضارية، التي كان الإسلام منشأً وراعيا لها على مدى قرون من الزمان. وأشار إلى أن الدور الأردني والهاشمي، كان حاضرا في أرفع وأسمى المحافل الدولية؛ الفكرية والثقافية والسياسية، فكان صوت الأردن وجلالة الملك عبدالله الثاني، حاضرا يشرح قيم الدين وخلقه، ويدافع عن المسلمين وإرثهم الحضاري في بقاع الأرض كافة، ويكافح انتشار ظاهرة “الإسلاموفوبيا”، التي راجت في المجتمعات غير المسلمة، مستهدفة الأقليات المسلمة المسالمة التي لا ذنب لها إلا أنها تنتمي لدين امتطاه البعض وحرفه ليرتكب باسمه العنف والمجازر. وأشار إلى أن الأردن أعلن مبكرا، بكل شجاعة وقوة، أن الحرب على الإرهاب، هي حربنا، حرب العرب والمسلمين.
وأشار إلى أن الأردن قدم مبادرات عدة لنشر التسامح والوئام، والأخوة والتعاضد والتعاون، وتجلية الصورة الحقيقية الناصعة للإسلام الوسطي المعتدل السمح، فكانت “رسالة عمان” العميقة والعظيمة، وهي الرسالة التي كتبَها وتوافق عليها خيرة الخيرة من علماء الأمّة المسلمين وفقهاهم، وترجمت لعشرات اللغات وتعقد لها المؤتمرات السنوية. كما تبنى الأردن مبادرة “كلمة سواء” عام 2007، التي تدعو لحوار الثقافات والأديان، لتعظم ما يجمعهم وتعليه، وترسّخ قيم التسامح والإنسانية والتعاضد والتعاون، وقد انبثق عنها عدة مراكز ومبادرات حوار بات لها حضورها المميز. وكان أيضا أنْ تبنت الأمم المتحدة، وباقتراح من الأردن، مبادرة “اسبوع الوئام بين الأديان” عام 2010 لنشر الوئام والمحبة والسلام بين الأديان والثقافات، لينهضوا معا بمنظومة القيم الإنسانية العالمية التي ترسخ السلام وتنشر المحبة.
وأكد المومني أن خطاب الكراهية، الذي اجتاح فضاءاتنا الإعلامية والاتصالية، زرع الفرقة والفتن تحت شعار حرية التعبير، وهو ليس كذلك، ولا يمت للحرية بصلة، بل هو خطاب طارئ بغيض ووباء يجتاح مجتمعاتنا، هذا تحد كبير تواجهه الدول والمجتمعات، وقد بات عاملا أساسيا من عوامل الفرقة ونشر الفتن بين الناس، وعلينا جميعا أن نجد الوسائل لمواجهة هذا التحدي والتصدي له، فالحرية والحق بالتعبير، لا تعنيان بحال استخدام خطاب الكراهية والإقصاء، أو استهداف الآخر ونبذه.
وتحدث المومني عن حجم التحدي الذي تواجهه الأمة جراء انتشار خطاب الكراهية، والمسؤولية الكبيرة المترتبة على الاعلاميين وعلى الجميع في وقف هذا الخطاب ومحاصرته وتعريته ونبذه وعزله، وايجاد الطرق وتحديد أسلوب العمل، واقتراح السياسات، والممارسات الضرورية، لكي يسود الخطاب الجامع المعتدل، الوازن، الذي يدعو للإعلاء من قيم التسامح وقبول الاختلاف والمحبة والسلام.
من جانبه، قال الأمين العام لمجلس حكماء المسلمين الدكتور سلطان فيصل الرميثي إن جلالة الملك عبدالله الثاني، والقيادات الهاشمية المتعاقبة، لديهم الحرص على إرساء نموذج فريد للتعايش والتسامح ينعم به كل من يقيم بأرض المملكة الأردنية الهاشمية. وأضاف الرميثي أن جهود مجلس حكماء المسلمين الرامية إلى خلق ائتلاف إعلامي يهدف إلى مكافحة خطابِ الكراهية والتمييز في وسائل الإعلام العربية، سواء على شبكة الإنترنت أو خارجها، من خلال تعزيز المعايير الأخلاقية، وتفعيل المواثيق الصحافية لإعلاء كرامة الإنسان، في عصر نشهد فيه ارتفاع صوت خطاب الكراهية متزامنا مع أزمات حالكة تجتاح العالم؛ من لجوء وتهجير وتفرقة وأوبئة.
كما أشار إلى إن دور وسائل الإعلام يعد حاسما في إطلاع الرأي العام على بعض القضايا البالغة الأهمية؛ مثل الهجرة واللجوء والتمييز على أساس الدين والعرق والجنس، وغيرها، وهي قضايا تتصدر اليوم أسباب انتشار خطاب الكراهية والصور النمطية التي تستهدف الأفراد في جميع أنحاء العالم، وخاصة منطقتنا العربية. ودعا الرميثي للتفكير في أهمية إدراك المؤسسات الإعلامية والعاملين فيها لخطورة الجهل وعدم تقدير الثقافات والتقاليد والمعتقدات المختلفة، الأمر الذي يقود إلى تشكيل الصور النمطية وتعزيز خطاب الكراهية والعنصرية والتمييز، وهو الأمر الذي يظهر في مقابلِ ذلك مدى أهمية اعتناء الإعلاميين بكلماتهم وصورهم، التي عادة ما يكون لها تأثير عميق في الأفراد والمجتمعات على حد سواء.
بدوره قال مدير عام المركز الكاثوليكي للدراسات الأب الدكتور رفعت بدر إن مصطلح خطاب الكراهية بغيض، وإن كان ثمة أمر نكرهه، فهو الكراهية، كم هي بغيضة وممجوجة من قواميسنا وثقافاتنا وأدياننا لكنها موجودة، وهي شقيقة بل توأم للانتقام. كما أشار بدر إلى أن الإرهابَ البغيض الذي يهدد أمن الناس، سواءٌ في الشرق أو الغرب، وفي الشمال والجنوب، ويلاحقهم بالفزع والرعب وترقب الأسوأ، ليس نتاجا للدين حتى وإن رفع الإرهابيون لافتاته ولبسوا شاراته هو نتيجة لتراكمات المفهوم الخاطئة لنُصوص الأديان وسياسات الجوع والفقر والظلمِ والبطش والتّعالِي، مؤكدا ضرورة الاسراع في وقف دعم الحركات الإرهابية بالمال أو بالسلاح أو التخطيط أو التبرير، أو بتوفير الغطاء الإعلامي لها. وأوضح أننا عندما نتصفح منصات التواصل الاجتماعي نصطدم أحيانا بكم هائل من العدوانية، والتجريح، والكراهية، حتى تكاد تصبح هذه المنصات مكانا للذم والقدح، تعج بالتعليقات الجارحة والمعلومات المضللة، والتي تكاد أحيانا تخلو من الحياء أو لباقة التخاطب والكتابة، دون مسؤولية أخلاقية أو اجتماعية أو الالتزام بالقوانين التي وجدت لردع ومحاسبة كل مسيء”.
وبين أن المركز الكاثوليكي أخذ على عاتقه ببث روح الفرح والتضامن والتفاؤل في نفوس الناس من خلال بث الطقوس الدينية من الكنائس الفارغة من الناس والعامرة بالمحبّة. واستذكر بدر حديث جلالة الملك عبدالله الثاني قبل ايام، في كلمته في الامم المتحدة: عن القدس حيث قال جلالته ” القدس الشريف في قلب السلام، فهي مدينة مقدسة بالنسبة لمليارات الأشخاص حول العالم”. ومن جانبنا، “سيستمر الأردن بالعمل على الحفاظ على الوضع التاريخي والقانوني القائم في مدينة القدس، ومقدساتها الإسلامية والمسيحية من منطلق الوصاية الهاشمية عليها”، فدعونا نركز بثنا الاعلامي اليومي على أمور تخدم البشرية ولا تهدمها، اضافة الى مقترحات اخرى. ويواصل المؤتمر أعماله على مدار يومين بمشاركة اعلاميين من مختلف الدول العربية.