صراحة نيوز – التقى وزيرا خارجية روسيا والولايات المتحدة في سويسرا، اليوم الجمعة، لبحث التوترات المتصاعدة بشأن أوكرانيا بعدما أخفقت سلسلة من الاجتماعات بين مسؤولين من الجانبين الأسبوع الماضي في تحقيق أي تقدم، في وقت أكدت فيه بريطانيا لموسكو والصين أن الغرب سيقف صفا واحدا “دفاعا عن الديمقراطية أمام الدكتاتورية”.
وانتهى لقاء وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ونظيره الروسي سيرغي لافروف قبل موعده المحدد، حيث كان يفترض أن يمتد لنحو ساعتين.
وفيما كانا يجلسان وجهًا لوجه، توعّد بلينكن لافروف بردّ “موحّد وسريع وصارم” في حال غزت روسيا أوكرانيا، لكنّه أكد أن الولايات المتحدة تواصل السعي لإيجاد حلّ دبلوماسي.
وتصافح لافروف وبلينكن اللذان يعرفان بعضهما جيّدًا، نحو الساعة العاشرة بتوقيت غرينتش، ودخلا مباشرةً في صلب الموضوع حتى قبل أن يُدعى الصحفيون للخروج من القاعة.
لا نتوقع اختراقا
وقال لافروف في مستهل اجتماعه مع بلينكن بمدينة جنيف السويسرية “إننا لا نتوقع من لقائنا اختراقا، بل نتطلع لردكم على مقترحاتنا الخاصة بالضمانات الأمنية”.
وأضاف “عندما تواصلت معي هاتفيا، واقترحت عقد هذا اللقاء بغية بحث مباعث القلق الخاصة بنا بتفصيل أكثر، رأينا في ذلك فكرة مفيدة لأننا نأمل أن يساعدكم ذلك في إعداد ردود مفصلة على كافة اقتراحاتنا وتقديم اقتراحات مضادة إن كانت موجودة لديكم” بحسب موقع “روسيا اليوم” المحلي.
وأشار لافروف إلى أن الجانب الروسي اليومين الأخيرين اطلع على العديد من المواد التي نشرتها الخارجية الأميركية بخصوص ما وصفته “حملة التضليل الروسية واسعة النطاق”.
وتابع الوزير الروسي قائلاً إن مقترحات بلاده واضحة للغاية، مؤكدا أن موسكو تنتظر ردودا واضحة، بالتوافق مع الالتزامات التي تم تبنيها على أعلى مستوى ضمن إطار منظمة الأمن والتعاون في أوروبا بخصوص المسائل المتعلقة بمبدأ الأمن غير القابل للتجزئة كي لا تعزز أية دولة أمنها على حساب أمن دولة أخرى، بحسب تعبيره.
هذا وقد حشدت روسيا عشرات الآلاف من قواتها على حدودها مع أوكرانيا، وتخشى الدول الغربية أن موسكو تخطط لشن هجوم جديد على دولة غزتها عام 2014 لضم شبه جزيرة القرم.
وتنفي موسكو أنها تخطط لشن أي هجوم، لكنها تقول إنها قد تقدم على عمل عسكري غير محدد إذا لم تتم تلبية قائمة مطالب بما فيها تعهد من حلف شمال الأطلسي “ناتو” (NATO) بعدم قبول أوكرانيا مطلقا في عضويته.
تصريحات بايدن
وتعززت آمال واشنطن في بناء جبهة موحدة معارضة لموسكو بسبب تصريحات أدلى بها الرئيس الأميركي جو بايدن في مؤتمر صحفي الأربعاء الماضي، توقع فيها أن تتدخل روسيا في أوكرانيا وقال إنها ستدفع ثمنا باهظا إذا أقدمت على ذلك.
وردا على سؤال عن تعليقات بايدن، قال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إن بلاده تتلقى تحذيرات مماثلة منذ شهر على الأقل. وقال أيضا “نعتقد أنهم لا يسهمون بأي شكل من الأشكال في نزع فتيل التوتر الذي نشأ الآن في أوروبا، بل يمكن أن يساهموا في زعزعة استقرار الوضع”.
وفي كييف، سعى بلينكن أمس الأول لطمأنة أوكرانيا بشأن الدعم الأميركي. وقال، قبل اجتماعه مع مسؤولين ألمان وفرنسيين وبريطانيين في برلين أمس، إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد يأمر بغزو وشيك.
كما التقت ويندي شيرمان نائبة بلينكن مع نظيرها الروسي سيرغي ريابكوف في جنيف الأسبوع الماضي، وقد أبدى الجانبان مواقف يبدو من الصعب التقريب بينها.
وتريد روسيا أن يتعهد الناتو بعدم قبول عضوية أوكرانيا، ووقف توسعه باتجاه الشرق. وقد رفض الحلف الذي تقوده الولايات المتحدة ذلك.
وقلل مسؤولون أميركيون من الآمال في تحقيق نتائج ملموسة خلال اجتماع اليوم.
تحذير بريطاني
وحذرت بريطانيا اليوم بوتين ونظيره الصيني شي جين بينغ من أن الغرب سيقف صفا واحدا “دفاعا عن الديمقراطية أمام الدكتاتورية” التي ترى أنها “باتت أكثر سفورا من أي وقت منذ الحرب الباردة”.
وقال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون “إذا شنت روسيا أي هجوم على أوكرانيا مهما كان حجمه، فسيكون كارثيا ليس على روسيا فحسب بل على العالم أيضا”.
جاء ذلك في رده على سؤال حول التوتر الروسي الأوكراني أمس، في حين جدد دعم بلاده لسيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها.
وتوترت العلاقات بين كييف وموسكو منذ نحو 7 سنوات، على خلفية ضم روسيا شبه جزيرة القرم الأوكرانية إلى أراضيها بطريقة غير قانونية، ودعمها الانفصاليين الموالين لها في دونباس.
ومؤخرا، وجهت الدول الغربية اتهامات إلى روسيا بشأن حشد قواتها قرب الحدود الأوكرانية، في حين هددت واشنطن بفرض عقوبات على روسيا إذا “شنت هجوما” على أوكرانيا.
خفض التصعيد
ودعت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تروس اليوم روسيا إلى “خفض التصعيد” وإجراء “محادثات بناءة” بشأن أوكرانيا، محذرة من أن غزو هذا البلد سيقود إلى “مستنقع رهيب”.
وخلال زيارة إلى سيدني مع وزير الدفاع بن والاس، قالت تروس “سنُواصل مع حلفائنا دعم أوكرانيا، ونحض روسيا على خفض التصعيد والمشاركة في مناقشات بناءة”.
وأضافت “الكرملين لم يستخلص العبر من التاريخ” مؤكدة أن الغزو لن يؤدي إلا إلى مستنقع رهيب وخسائر في الأرواح كما حدث في أفغانستان أيام الغزو السوفياتي والصراع في الشيشان.
وبشكل أوسع، دعت تروس الدول الغربية إلى العمل بشكل وثيق مع أستراليا وحلفاء آخرين بمنطقة المحيطين الهندي والهادي “للتصدي للمعتدين العالميين” الذين “أصبحوا أكثر جرأة بدرجة غير مسبوقة منذ الحرب الباردة”.
ودعا وزير الدفاع الأسترالي بيتر داتن “العالم الحر” إلى “الوقوف بحزم” وقال لقناة “سفن نيتوورك” اليوم “عندما نرى روسيا تتصرف بالطريقة التي تعمل بها، فهذا يشجع طغاة آخرين ودكتاتوريات أخرى على فعل الأمر نفسه، لا سيما إذا لم يصدر رد فعل من بقية العالم”.
وأضاف “آلاف الأشخاص سيموتون، وهذا شيء لا يريد أي شخص أن يحدث” مشددا على أن “زيادة القوات الروسية مقلقة جدا”.