صراحة نيوز – اعترف رئيس الوزراء الاسبق سمير الرفاعي بأنه بدأ حياته العملية موظفا في الديوان الملكي لأن والده كان رئيسا للوزراء حيث كان أول منصب يتولاه بعد تخرجه من الجامعة ” مساعدا لرئيس التشريفات الملكية ” والذي كان في عام 1998 بحسب ما ذكر خلال حديثه أمام جماعة عمان لحوارات المستقبل مؤخرا .
جاء ذلك خلال ندوة نظمها نادي عمان كابتل وحضرها عدد من الوزراءوالمسؤولين السابقين ورجال الاعمال واعضاء النادي .
وقال انني دخلت الديوان الملكي بغض النظر عن شهاداتي الجامعية العليا ولكن لأني ابن زيد الرفاعي” وبعد ذلك لأجل خبراتي في العمل السياسي والعام.
وأضاف بحسب ما نقلته وسائل اعلام محلية أن بعض مايقال عن توريث المناصب صحيح وهناك كلام آخر غير صحيح …. وما يحدث في عائلتنا ليس توريثاً وأنما أرث سياسي.
وضرب الرفاعي مثلا بإبن الطبيب الذي سيصبح طبيباً وابن المهندس مهندساً ليصل الى ابن السياسي سياسياً .
وفيما تساءل عن عدد المسؤولين الذين تورثوا المناصب في عهد الأردن قال ان 60 عاماً من العمل السياسي والخبرة الطويلة لم تشفع لوالده وسيظل يقال انه ابن سمير الرفاعي ( جده ) الذي شكل ست حكومات خلال الفترة ما بين عامي 1944 الى 1963 واضطر الى الاستقالة حين لمس بأنه لن يحصل على ثقة مجلس النواب فيما والده زيد الرفاعي شكل اربع حكومات خلال الفترة بين 1973 و 1985 واضطر جلالة الملك الراحل الحسين بن طلال الى اقالة حكومته الاخير استحابة لمطلب شعبي
يشار الى ان رئيس الوزراء الاسبق سمير زيد الرفاعي حظي بتشكيل الحكومة مرتين كانت الأولى بتاريخ 14 – 12 – 2009 وقدمت استقالتها بتاريخ 22 – 11- 2010 وعهد اليه جلالة الملك بتشكيل حكومة ثانية اقسمت اليمن الدستورية امام جلالته بتاريخ 24 – 11 – 2010 واضطرت الى تقديم استقالتها بعد 70 يوما من تشكيلها ونحو 41 يوما من حصولها ثقة نيابية غير مسبوقة حيث حصلت على ثقة ( 111 ) نائبا
وتالياً نص الكلمة التي القاها
بسم الله الرحمن الرحيم
السيدات والسادة،
الجمع الكريم،
أسعد الله أوقاتكم، وبعد؛
كل الشكر، ابتداء، للإخوة القائمين على هذا اللقاء. وسعيد جدا بوجودي مع هذه النخبة الكريمة، من أهل الرأي والمعرفة والعلم ومن خبراء العمل العام. وأعتقد أننا، الآن، في بلدنا، أحوج ما نكون لتكريس وتعميق ثقافة الحوار، وأكثر من أي وقت مضى.
وبرأيي، إن حالة التشويش الراهنة، وفوضى الاتهامات والتشكيك والشائعات التي نشهدها، هي في أحد أبعادها، نتيجة لتراجع ثقافة الحوار للأسف لدينا. ولأن البعض صار يأخذ المعلومة دون التمحيص فيها أو نقاشها.
كما أن منصات التواصل الاجتماعي هي إحدى قنوات التحاور ولا يمكن، برأيي، أن تكون بديلاً عن المنتديات والملتقيات العامة والمتخصصة، والتي يجدر تفعيل دورها في تعميق النقاش العام، وطرح القضايا الرئيسية والمهمة للحوار المسؤول البناء والعلمي، وعدم ترك الساحة للانطباعات الانفعالية، والمواقف المبنية على الشائعات.
وكان جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم، كعادته، سباقاً، عندما بادر لطرح أوراقه النقاشية، ضمن عناوين تحدد أولويات النقاش العام، ولرسم ملامح المستقبل. وكان المتوقع من هيئاتنا الثقافية والفكرية ومنتدياتنا، أن تستثمر هذا الدعم الملكي الكبير، في تكريس هذه الثقافة الإيجابية البناءة، ومواصلة الحوارات، التي تقدم الأولويات والإجابات وتطرح الأسئلة المهمة بصورة علمية عميقة.
وهذا قد يكون أحد أوجه مجابهة تحد كبير يواجه مجتمعاتنا اليوم، وهو تحدي التشكيك والتشويش وكثافة الشائعات الهدامة وإدارة الاعتقاد، وأثرها السياسي والاجتماعي والاقتصادي. وبالأساس، أثرها المعنوي، وانعكاسها على ثقة الناس بدولتهم ومؤسساتهم. فيجب علينا جميعاً أن نقف ضد هؤلاء “الهدامون”.
هذا التقديم، أردت أن أدخل منه، إلى عنوان هذا اللقاء اليوم، وهو: “دور الحكومات الحالية والسابقة لتكوين رؤيا استراتيجية وخطة تنفيذية لتخطي التحديات أمامنا.
وأعتقد، أن إعداد رؤيا استراتيجية وخطة تنفيذية لمجابهة التحديات، يتطلب وجود إسهامات نوعية، من مؤسسات وهيئات المجتمع المدني، يصار إلى بلورتها على شكل ملاحظات ومقترحات، تنتج عن الحوارات المتخصصة والمعمقة، وتوضع أمام الحكومة والبرلمان.
وعلينا، أن نبدأ، من تحديد الأولويات. وأن نضع سلماً واضحاً لترتيب التحديات، وفقاً لدرجة الأهمية والجدية، وتكثيف الجهود لمجابهتها، وتحديد الآليات الأفضل.
على سبيل المثال، أنا أعتقد أن مشكلة البطالة هي الأولوية المتقدمة، التي يجب أن تتكثف كل جهودنا وإمكاناتنا للتعامل معها ومجابهتها، ومعالجة انعكاساتها الاجتماعية والثقافية والأمنية الخطيرة.
ولكن، عندما نتحدث عن البطالة، تبرز قضايا مهمة وذات صلة مباشرة، ولا يمكن أن ننجح بالتعامل المنهجي مع مسألة البطالة دون أخذها بعين الاعتبار، وفي مقدمتها؛ ملف الشراكة بين القطاعين العام والخاص وهنا سمعنا كلام إيجابي من الحكومة الحالية حول تعديل القانون الحالي وهذا يتطلب حديث مع القطاع الخاص حول كيفية إنجاز قانون يحقق شراكة حقيقية، ودور القطاع الخاص المأمول في التدريب والتشغيل وفي تنمية المحافظات، خصوصاً، وأن الإدارة العامة لم تعد قادرةً على استيعاب الأعداد الضخمة للخريجين سنوياً، ممن ينتظرون في قوائم ديوان الخدمة المدنية.
وهذا يأخذنا بالضرورة، إلى واقع القطاع الخاص، وأبرز العقبات التي تواجه عمله، وملف السياسات الاقتصادية، وإلى نهج التقشف، الذي تبنته حكومات سابقة، لمواجهة التحديات الاقتصادية، ونتجت عنه حالة من الانكماش. وأيضا هذا الانكماش كان سببه العبء الضريبي على القطاع الخاص والمواطن الأردني مما أدى إلى التعمق في هذا الانكماش.
وهنا، أقول للإخوة في القطاع الخاص؛ إن الاقتصاد الأردني قد نما بمقدار خمسة أضعاف في العشرين سنة الأخيرة من 8 مليار دولار إلى 40 مليار دولار. وقد استفادت معظم الشركات بكل تأكيد من هذا النمو.
وإذا كان النمو الاقتصادي في الأردن، قد شهد تباطؤاً، في البضع سنوات الأخيرة، فهذا لا يجب أن يخلق شعوراً بالسلبية، بل أن يشجعنا بتخطي هذه الصعاب كما فعل الأردن والأردنيون عندما واجهوا كل التحديات.
وقد يقول البعض إن المواطن الأردني لم يلمس بنفسه أثر النمو لأن الرواتب والأجور لم تتناسب مع هذه الزيادة بالأرقام. خصوصاً وأن الحكومة غير قادرة على زيادة الرواتب التي وصلت لحوالي 6 مليار دينار وتحتل ثلثي الموازنة.
وأؤكد هنا؛ في ظروفنا هذه، يجب أن تعني الشراكة بين القطاعين، أيضاً، أن يتحمل القطاع الخاص جزءاً كبيراً من المسؤولية ويسهم في خدمة المجتمع من خلال توليد فرص العمل. وذلك من خلال طرح الحلول الجادة لخلق فرص عمل للأردنيين ضمن خطة واضحة يقدمها القطاع الخاص للحكومة ويقنعها بأن مقابل تخفيف الضرائب سيقوم القطاع الخاص بخلق فرص عمل للأردنيين ورفع رواتبهم وأجورهم. بمعنى بأن القطاع الخاص سيقبل بربط الضرائب بحجم التوظيف والرواتب مقارنة بأرباحه.
وهذا ما قد تحدثت عنه في السابق، وأنتم، القطاع الخاص، من يستطيع أن يقوم بهذه التعهدات للحكومة لأنكم أدرى بإمكانياتكم.
وبضرورة الحال، يأخذنا ملف البطالة، إلى موضوع الاستثمار، وضرورة استقطاب الاستثمارات النوعية التي توفر فرص عمل، دائمة وكريمة، لشبابنا وشاباتنا، وتتجه إلى المحافظات، وتعمل على الاستفادة من سماتها التنافسية، ما يعني، كذلك، النظر إلى السياسات الضريبية، وسبل استقطاب الاستثمارات الخارجية وحماية الاستثمارات المحلية.
وهذا الملف يأخذنا، أيضا، إلى واقع التعليم العالي في الأردن، ومدى مواءمته لمتطلبات سوق العمل، ويسلط الضوء على واقع الجامعات، وجدوى تكرر التخصصات وتماثلها، وضرورة الربط بين الجامعة والمجتمع المحلي، من حيث التزامها بخصائص المكان ومتطلبات التنمية فيه، وأهمية التركيز على التعليم المهني وتحويل الكثير من الجامعات لهذه التخصصات.
كما يطرح هذا العنوان بقوة، ملف الصناعة التحويلية: وهي أحد أشكال الصناعات القائمة على النشاطات والممارسات المتمثلة بتحويل المواد الأولية وتصنيعها لتصبح منتجات ذات فائدة أو وسيطة، ولها الأثر الكبير في حياة الإنسان الاقتصادية وعلى مختلف الأصعدة.
وهي الصناعة التي تعد الدعامة الرئيسية للاقتصاد في كثير من الدول، ويجب أن تكون في نمو مستمر في الأردن؛ فهي ذات أثر ملموس في تثبيت أقدام الاقتصاد وبالتالي تعزيز الاستقلال الاقتصادي للبلاد في ظل وجود وتطور الصناعات التحويلية الناضجة والمتكاملة، كما أن من شأنها أن تخفض نسبة الاستيراد ومعدلات التبعية التجارية والتكنولوجية للدول الأخرى. وبالتأكيد هنا، علينا إعادة النطر بكلفة الطاقة التي تجعل من الصناعات الأردنية أقل تنافسية في الداخل والخارج.
وهذا العنوان الرئيسي، يأخذنا أيضاً إلى ضرورة تشجيع الأردنيين على العمل في مجالات التعدين والإنشاءات والزراعة التي تسيطر عليها العمالة الوافدة. فلماذا لا نخرج عن نمط العمل الحكومي التقليدي، وغير المتاح أصلاً، ونستغل نحن فرص العمل في هذه المجالات ونبني نحن بيوتنا بأنفسنا؟ ونزرع أراضينا بأنفسنا؟ إذا أردنا أن نعتمد على الذات، لا يعقل أن تبقى قطاعات كثيرة في الأردن غير مقبولة من الأردنيين للعمل بها. ويخرج من اقتصادنا نحو ثلاثة مليارات دولار سنويا للعاملين غير الأردنيين واقتصادنا بالتأكيد أحق بذلك.
كما يجب التركيز على قطاع السياحة، وابتكار المبادرات الخلاقة لتنميته، لأن الأردن وجهة سياحية مهمة وقادرة على المنافسة دولياً.
وبذات السياق، لا يمكن فصل ملف البطالة عن الأدوار المنشودة لقطاعات الثقافة والإعلام ومؤسسات وهيئات الشباب، ودون النظر إلى واقع صناديق التشغيل والإقراض وصندوق تنمية المحافظات، وإلى تقييم أدائنا في مجال دعم المشاريع الصغرى والمتوسطة، وهكذا..
لنجد أنفسنا، أمام “عملية”، متصلة، ومتفاعلة، يؤثر كل عنصر من عناصرها في الآخر، وتعمل معاً. وإذا توقف منها جانب، أصابها كلها الإرباك أو الشلل.
ما أريد أن أصل إليه بوضوح، هو إن تحديد التحديات أمر مهم، وترتيبها حسب الأولوية يفيد في توجيه الجهود وتكثيفها.
ولكن الأهم، هو أن تكون المجابهة شمولية، متصلة، لا أن تكون جزئية، متقطعة، وأن تكون بالأساس، منهجية، ضمن خطة عمل وبرنامج قابل للقياس والمساءلة، محدد بأسقف زمنية، بدلا من حالة الفزعة وردود الفعل، ومعالجة الأمور بالقطعة، وترك فراغات.
إن أي استراتيجية لا تأخذ بعين الاعتبار البعد الشمولي، وحيثيات أي تحد وارتباطاته العضوية بالواقع، ولا تتبنى خطة عمل واضحة ومنهجية، ولا تستنفر كل عناصر القوة، ولا تضعها في موقعها الصحيح، هي مضيعة للوقت والجهد.
ونحن في مرحلة، نحتاج فيها كل طاقة جهد وحشد كافة الإمكانات للتغلب على ما نواجهه من تحديات صعبة ومتداخلة.
وفي ذات السياق، تبدو المراجعة الدائمة للأداء، ضرورية جداً، لعملية التقييم، والبناء على النجاحات ومعالجة الإخفاقات، والحد من آثارها واستمراريتها.
السيدات والسادة،
الحضور الكريم،
لقد واجه الأردن منذ عام 2008 عندما بدأت الأزمة الاقتصادية العالمية، تحديات كبيرةً، وتحمل الكثير، بسبب الأوضاع المحيطة بنا، وانعكاساتها علينا.
وكان التحدي الأصعب هو التحدي الاقتصادي، خصوصاً مع بدايات ما سمي الربيع العربي، وما رافقه، ابتداءً، من انقطاع للغاز المصري، وتدفق اللاجئين السوريين، والضغط الكبير الذي شهدناه على البنى التحتية والمرافق، وما تبع ذلك من إغلاق الحدود مع سوريا والعراق، وتعطل شريان الحركة الاقتصادية، وشح المساعدات الخارجية. وبإذن الله، عودة العلاقات الطبيعية مع العراق بعد دحر داعش، وبإذن الله في المستقبل القريب مع سوريا؛ سيكون لها أثر إيجابي على جميع القطاعات الوطنية.
لقد تمكن الأردن، بفضل الله، وبشجاعة وحكمة قيادته الهاشمية ووعي أبناء شعبه وبقوة مؤسساته السيادية، من مجابهة تحدي الإرهاب، وحماية حدودنا، مع مواجهة فكرية لثقافة الغلو والتطرف والتكفير.
وقدمنا كواكب من الشهداء البررة، دفاعاً عن أمننا واستقرار بلدنا ومستقبل أجيالنا.. وجسد الأردنيون صورة فريدة في التلاحم الوطني، وفي الالتفاف الواثق المؤمن حول دولتهم وقيادتهم الهاشمية.
وهذا المنجز الكبير، في ظل أصعب الظروف، هو مؤشر على قوة الدولة الأردنية وقوة مبادئها، والانسجام التام بين الثوابت والمصالح العليا للدولة، من حيث، أولاً، تركيز كافة الجهود السياسية والدبلوماسية والقانونية وحشد كل إمكاناتنا دفاعاً عن القضية الفلسطينية، وعن حق الشعب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشريف، وفقاً لمبدأ حل الدولتين، وحماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، وإحباط كل محاولات اليمين الإسرائيلي المتطرف، بفرض حقائق على الأرض، والاستفادة من الأحداث الإقليمية، وانشغال العالم بملفات أخرى، مثل الحرب على الإرهاب والملف النووي الإيراني والأحداث والتطورات في سوريا والعراق واليمن وليبيا.
وتمكن الأردن، باستثمار مصداقية قيادته الهاشمية ومكانته الدولية، من إعادة تذكير العالم، دائما وأبداً، بأولوية حل القضية الفلسطينية، وبوصفها القضية المركزية، ومفتاح السلام والأمن في المنطقة.
في ذات السياق، حقق الأردن أعلى قدر من التوازن في تعامله مع الأزمة السورية. ورفض كافة الضغوطات، للتدخل لصالح طرف من أطراف الصراع، وتمسك بموقفه المبدئي، إزاء أولوية وحدة الأراضي السورية، وسلامة مؤسساتها، وأهمية الحل السياسي ودحر الإرهاب.
ومؤخراً، وقبيل مؤتمر القمة الأخير في تونس، استطاع جلالة الملك عبدالله الثاني، أن يوجد “حيثية” جديدة للعمل العربي المشترك.
وكانت حركة جلالة سيدنا قبل القمة وبعدها، تؤكد ضرورة إعادة الاعتبار للعمل العربي المشترك، فكان لقاء القمة الأردنية المصرية العراقية، ومن ثم زيارات واتصالات جلالة الملك، ومن ضمنها زيارة جلالته للمغرب.. لتمثل مسعى جاداً وتحركاً نوعياً في سبيل تشكيل نواة لموقف عربي صلب وواضح إزاء التطورات.
وكانت كلمة جلالته المكثفة في القمة العربية، ترجمة لملامح الاستراتيجية الأردنية، في الشؤون الخارجية، وركزت على ضرورة اتخاذ الموقف العربي التاريخي والجاد في مجابهة أية محاولات لتسوية القضية الفلسطينية خلافاً لقرارات الشرعية الدولية ومرجعيات العملية السلمية، والتأكيد على ملف القدس، وضرورة دعم العراق في استعادة فاعليته ودوره داخل المنظومة العربية، وتحفيز التضامن العربي، وفي رفض أي قرارات جائرة وغير شرعية تجاه الجولان السوري المحتل.
وقد جاء انعقاد مؤتمر “دافوس”، في البحر الميت، في ظل هذه الظروف الإقليمية، بمثابة الرسالة العالمية، من المجتمع الدولي بأسره، عنوانها الثقة التامة بدور الأردن ومكانته، وبمستقبله المشرق بإذن الله.
وإن الأردن القوي والحاضر والفاعل، بشهادة المجتمع الدولي؛ سيبقى شامخاً أبياً، بحكمة قيادته والتفاف شعبه حول مؤسساته الراسخة. ومهما كان مستوى الضغوط والتحديات؛ لا صفقة القرن، ولا ألف صفقة أو مؤامرة، يمكن لها أن تؤثر فينا، ما دمنا متماسكين، ثابتين على مبادئنا واثقين بأنفسنا.
وقوة الأردن كانت وما زالت وستبقى على الدوام، قوة لأشقائنا العرب، وسنداً وذخراً لهم. ومواقفهم معنا مقدرة ومشكورة. وإن كنا نأمل بالدعم الاقتصادي البناء، وباستثمار أشقائنا بقطاعات اقتصادنا وخصائصه المجدية؛ فإننا سنبقى على عهدنا ومودتنا، لا نبني ثوابت عروبتنا ومواقفنا القومية على أساس المصالح أو أية حسابات أخرى.
ومهما كانت الظروف سنبقى في الخندق الأول، دائماً، دفاعاً عن كل شقيق عربي، منتمين لأمتنا، ساعين لتحقيق عزتها واستقلال إرادتها.
ولا نقبل أبداً أن يشكك أحد بمواقف أشقائنا وصدق مشاعرهم، ولا نرضى بأي اتهام لأي شقيق بالتآمر على الأردن مهما كانت دوافعه، فالأردن وأشقاؤه العرب جميعاً، في مركب واحد، ومستقبلنا ومستقبل أجيالنا واحد، ولا نقبل التفريق.
السيدات والسادة،
الحضور الكريم،
أي استراتيجية وطنية، تحاول أن ترسم ملامح المستقبل في بلدنا، لا بد أن يكون محورها الرئيسي قطاع الشباب، وضرورة تمكين هذا الجيل وتأهيله، وفتح المجال الرحب أمامه ليأخذ دوره الطبيعي، ويساهم بنفسه في التخطيط والتنفيذ وتحديد الأولويات.
وقد قلتها في أكثر من مرة، إن الدولة الأردنية، وهي على مشارف مئويتها الثانية، هي دولة شابة؛ ذلك أن الغالبية العظمى من مواطنيها هي من فئة الشباب.
وواجبنا هو الحفاظ على حيوية الدولة، وتواصل أجيالها، وأن نضمن انتقال الخبرات والمعرفة للجيل الجديد، بسلاسة، وأن نسعى لتجديد شباب الدولة بتجديد نخبها في كافة القطاعات.
وخلال السنوات الثمانية الماضية، أتاح لي ابتعادي عن المواقع التنفيذية، هامشاً واسعاً لأن ألتقي مجموعات كبيرةً من الشباب والطلاب خلال زياراتي ولقاءاتي في المحافظات والجامعات وفي العاصمة عمان، وتأكد لي أن هناك طاقات شبابية مبشرة، وأن واجبنا نحن أن ندعم هذه الطاقات ونوفر لها الامكانات التي نقدر عليها..
وخلال حواراتي مع الشباب استفدت كثيرا، وطرحت ما لدي للنقاش واطلعت على ما لديهم من أفكار وطموحات وتعرفت على نخب مؤهلة لتولي المواقع العامة. وخصوصاً من شباب وشابات المحافظات.
وأعتقد، اليوم، أن دوري وأبناء جيلي والجيل الأكبر منا هو أن نقدم خبرتنا ومعرفتنا وكل إمكاناتنا لدعم تجديد النخبة، وإبراز جيل جديد من شبابنا المؤمن بالوطن ورسالة قيادته الهاشمية.
وأعود وأؤكد، أن الاستراتيجية الوطنية المطلوبة اليوم، هي التي تقوم على أساس تجديد النخبة، وفتح المجال أمام الشباب لأخذ دورهم الطليعي.
وعندما نتكلم عن استراتيجية، فنحن نتحدث عن خطة وطنية وبرنامج شامل منهجي، يضع كل الإمكانات في سبيل تحقيق الهدف.
وهذا يعني، أن كل القطاعات، يجب أن تتحرك معاً، وعلى نحو منسجم ومتكامل وشمولي، وتتم المحاسبة على أساس الإنجاز والالتزام بالأسقف الزمنية.. وتأخذ بعين الاعتبار البيئة الاقتصادية والثقافية، ودور الهيئات والمنتديات، وتعزيز ثقافة العمل الجماعي والتطوعي ودعم المبادرات، وتحفيز الإبداع والتفكير غير التقليدي، ودعم الطبقة الوسطى واستعادة دورها الريادي، وتوفير كافة المنابر للتعبير المسؤول وللحوار العام، وتوسيع قاعدة المشاركة الشبابية، وتأمين البيئة الأنسب لها.
وكما تفضل جلالة الملك قبل أيام، في مؤتمر دافوس “شبابنا منفتحون على العالم ويتقنون استخدام التكنولوجيا بمهارة، بالإضافة إلى إتقانهم لغات متعددة، وهم عاقدون العزم على النجاح”.
أكرر الشكر، للأخوة القائمين على هذا اللقاء، وللحضور الكريم.
وأسأل الله أن يحفظ الأردن وأهله، وأن يبارك لنا بقائدنا جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم، وأن يؤيده بنصره المبين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته