تغريبة الكرسي…

29 يوليو 2019
تغريبة الكرسي…

صراحة نيوز – بقلم المهندس مدحت الخطيب 

غادر مكتبة الفاخر حاملا حقيبة فارغة الا من بعض المسكنات لتخفف عنه هول المشهد ، نعم حقيبة فارغة لطالما كانت وعلى مدار الايام تعج بالملفات والمستندات وحتى رزم الدولارات ،غادر وحيدا مُتَرنِّحا، وقد تكون هذه المرة الوحيدة التي يترنح فيها ربانياً بعيدا عن المسكرات ومرافقاتها ..

غادر على متن سيارته الخاصة بعد ان كان له موكب وحرس ورجالات، ، متجها نحو مستقبل مجهول لا يعلم به الا الله…
كانت الرحلة كئيبة يشوبها الشعور بالخوف والبكاء والترقب ، كيف وهو الامر الناهي وقد ترك الكرسي على عجل ودون سابق انذار،


نعم انها تغريبة الكرسي التي لم ولن تفارق ذاكرته فيما بقِيَ له من العمر…انه سن اليأس المفاجئ الذي اصابة دون سابق انذار فعطل كل ما فيه من مشاعر وافكار…


الشوارع قد اختلفت صورتها ، البيوت تباعدت ، حتى وجوه الناس وأزياؤهم قد تغيرت ولولا فضل الله وتطبيقات الهواتف الذكية لما وصل الى بيته بسلام..


مضى الى المصعد وقد استبد به القلق وخيم عليه الحزن،حاول ان يخفي الحقيقة قبل ان يصل..


طرق الباب وقبل ان يدخل خيم الصمت على الحضور فقد انتشر خبر اقالته عبر محطات التلفزة منذ دقائق،


لم يتكلم بحرف ، ﺩﺧﻞ ﻏﺮﻓﺘﻪ واغلق الباب ، استلقى على طرف السرير بدلا من وسطه؟ فقد أصبح طرف السرير هو المكان المفضّل فلا نوم دون مسكنات بعد اليوم ،


تحول عُنْفُوانِ القائد ديناميكيًّا الى جُثَّةً هَامِدَةً دون حراك وبدات الذكريات تزاحم بعضها بالخروج ، 


لم يشعر بالوقت فالملفات جسام، انقلبت عقارب الساعة معلنه عن ميلاد يوم جديد ، أنتظر أن يرن التليفون كعادته ولكن هيهات هيهات انها ساعة الحقيقة، انت مسرح من الخدمة والى الابد..


انت الان دون خَدَمٍ وَحَشَمٍ ، فلا صراخ بعد اليوم ولا مواكب ولا تجبر ، اصرخ بنفسك وتجبر عليها ،حاسب فؤادك والذي لطالما اضاع نور بصيرتك ودفنك في الظلمات لا نور فيها ولا حياة ، اكسر اصابعك التي لطالما كسرت قلوب الكثيرين نعم انه وقع عظيم يحتاج منك الى البكاء طويلا على ما قدمت فغربة الغريب في أرضه وبين اهله رأس الاغتراب، فلا غربة أشد وطأة منها ..


وتاكد مهما كانت قوّة الظالم، وضعف أولئك المظلومين، فعند اللهِ تجتمعُ الخصومُ …

الاخبار العاجلة