جامعة البترا تستذكر ابن طبريا البار المؤرخ والمفكر الراحل عصام سخنيني  

17 ديسمبر 2019
جامعة البترا تستذكر ابن طبريا البار المؤرخ والمفكر الراحل عصام سخنيني  

صراحة نيوز –

أكد متحدثون أن المفكر والمؤرخ الراحل د. عصام سخنيني، كشف من خلال مؤلفاته زيف الرواية الصهيونية التي يستند على الأساطير، وتشويهها للتاريخ. كما أنه أثبت أن الحكايات اليهودية إنما هي “قصص خيالية ذات دوافع أيديولوجية، رغم كثافة التنقيبات الأثرية التي سعت الصهيونية إلى إثباتها.

جاء ذلك في الندوة الاستذكارية التي أقامها قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة البترا، للفقيد الراحل سخنيني الذي توفي في20/11/2019، شارك فيها رئيس الوزراء الأسبق، والمستشار الأعلى لجامعة البترا ومجلس امنائها د. عدنان بدران، وكل من: د. محمد حور، د. أحمد الخطيب، د. رزان إبراهيم، د. لمى سخنيني. وأدارها د. هارون الربابعة.

واشتملت الندوة على عرض فيلم بعنوان “جار المسيح”، أعده مجموعة من طلاب سخنيني هم: نور عرفة، يزن الطراونة، مالك الجيزاوي. قُدمت فيه شهادات من مؤرخين وأكاديميين وأصدقاء وأبناء الراحل، مثل :د. حياة حويك، د. مهران الزعبي، د. لمى سخنيني، أحمد الخطيب، د. موسى حامد، د. رزان إبراهيم، تناولوا فيها مؤلفات سخنيني وحياته.

رئيس الوزراء الأسبق، والمستشار الأعلى لجامعة البترا ومجلس امنائها ، أ.د. عدنان بدران، قال إن سخنيني ترك بصمة متميزة في مسيرة جامعة البترا منذ تأسيسها في الدراسات العربية والإسلامية، وهو من أبرز المثقفين المعاصرين الذين تصدوا للاستيطان الصهيوني، وسرقوا الهوية والتاريخ والأرض. كما أنه كان عنوانًا فلسطينيًا للبحوث والدراسات من أجل ترسيخ الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني على الأرض الفلسطينية.

وبيّن بدران أن سخنيني تناول في كتابه “تاريخ مختطف وآثار مزورة”، عمليات تزيف وتشويه التاريخ بالأساطير للفكر الصهيوني، وفي كتاب “الجريمة المقدسة: الإبادة الجماعية من أيديولوجيا الكتاب العبري إلى المشروع الصهيوني”، قدم الراحل قراءة للمشروع الصهيوني، تقوم على تحليل بنيته الإبادية للآخرين، فالمشروع الصهيوني هو مشروع كولونيالي/ استيطاني، يقوم على عقيدة شعب الله المختار.

من جهتها، قدمت ابنة سخنيني أ.د. لمى سخنيني شهادة تحدثت فيها عن والدها قائلة: “عصام سخنيني .. أبي، فارسٌ مقدامٌ، وشخصيةٌ شديدةُ الحضور، ترك للناس الثورةَ والتاريخَ، وعلّمهم كيف يَكُونُ النضالُ، وكيف يكونُ الحبُّ، وأضاء فجرَ الحرية القادمةُ على صهوة جواده.. عصام سخنيني، يا ابنَ طبريّا وفلسطين، وابن الحياة قبلَ كلِّ شَيءٍ، وبعدَ كلّ شَيءْ.. عصام سخنيني، يا أبي بكلّ ما تعنيه الكلمة، يا معلّمي الأولَ، وعشقي الروحي، ويا مثالي في الحياة، ومن لم أجد له مثيلًا، يا من علمني أبجديةَ الحُرية، وسحرَ النُطق بالكلام.. نعمْ، حتّى لو أقررتُ برحيلكْ، فإنّك لم ولن تغيبْ. إني إراك فيّ، في روحي وعقلي ووِجداني. أراك في تجربتي الحياتية التي أنت ربّيتَها، بالعلم والأخلاق والثقافة. أنت يا من كنتَ تحبّ الحياة فتسعى إليكَ وتسعى إليها، إذا ما استطعتَ إليها سبيلًا. أراك في تجربتك كلّها، علمًا وتعليمًا وإعلامًا وبحثًا وتأريخًا. أراك في أسفاركَ التي أنام بينها كلّ يوم، أسفاركَ التي أغنيت بها المكتبة الفلسطينية والعربية، مدافعًا بها عن تاريخ وطنك وشعبك، وعن القضية المقدسة التي آمنتَ بها وكافحتَ من أجلها”.

في سياق آخر، تحدث صديق سخنيني د. محمد حور عن خمسة محطات جمعته مع سخنيني قائلًا: “الأولى كانت في بغداد، حيث كان سخنيني مسؤولًا، وأنا طالب في جامعة بغداد في السنة الثالثة. المحطة الثانية كانت بيروت، في عام 1971، عندما قدمت زوجتي من غزة، وكان سخنيني في استقبالنا. الثالثة كانت القاهرة، في عدة لقاءات منتظمة. الرابعة كانت في الإمارات، عندما كان سخنيني في وكالة الأنباء الإماراتية، في أبو ظبي، وكنت أنا في جامعة الإمارات في العين. أما المحطة الخامسة، فكانت في عمان، في جامعة البنات جامعة البترا، حيث تجلى سخنيني الإنسان، الباحث العالم، وتجسد هذا في تراثه العلمي الضخم الذي أنتجه في هذه المحطات”.

من جانبه، رأى أ.د. أحمد الخطيب أن سخنيني كان يؤلف من أجل أن يدافع عن الحق والحقيقية، ودفاعًا عن وطنه وأمته. وكل ما ألفه كان في خندق المقاومة، ودفاعًا عن قضيته الأولى فلسطين، في مؤلفاته “طبريا، الإسرائيليات، وتهافت التاريخ التوراتي”. كما فند في بعض أبحاثه المحكمة، مزاعم الصهاينة في ما يتصل بالهيكل المزعوم.

وأكد الخطيب أن سخنيني كان في هذه المؤلفات معنيًا بتفكيك التاريخ التوراتي، وتفنيد ما ورد فيه ورفضه؛ لأنه يتطلع إلى تجديد قراءة التراث، باستخدام أدوات النقد والتفكيك لإعادة تركيب الماضي على أسس عقلانية وعلمية، ومحررًا من الذاكرة الأسطورية، وفي كتابة تاريخ فلسطين بخاصة، وبلاد الشام بعامة، بعد استبعاد كل ما شاب تاريخهما من زيف وتحوير ونحل. كما اهتم بالإسرائيليات في كتابة التاريخ، من أجل الدفاع عن قضيته، ولأن هذه المرويات التوراتية وجدت في المعرفة التاريخية العربية بيئة خصبة لها.

ورأى الخطيب أن وجود الإسرائيليات في نسيج الخطاب الثقافي العربي، لم يكن مقصد سخنيني، فهذه الكتابة موجودة ومتفشية في الأعمال التاريخية العربية، وفي كتب التفسير ولكن، سخنيني كان يسعى إلى تقديم حالة متخذة من الإسرائيليات نموذجًا، لكيفية سيطرة الخرافة على جانب من العقل العربي، حتى أصبحت بعض مكوناته.

من جانبها، رأت أ. د. رزان إبراهيم أن سخنيني لم يكن ليصادق على المعلومة التاريخية ما لم يضعها تحت المجهر، رابطًا بينها وبين الموقف الأيديولوجي والسياسي لصاحبها، كما فعل وهو يربط تعامل المستشرقين مع مصطلحات التاريخ الإسلامي مع موقفهم من الإسلام وتاريخيه. وقالت إن سخنيني كان منشغلًا بتحرير التراث من الذاكرة الأسطورية، وكان معنيًا برصد الانحرافات المشوهة في بنية الخطاب الثقافي العربي الناجمة عن حكايات توراتية ليثبت أنها مجرد تلفيقات وأساطير مخترعة مشتهاة. وكان لا بد من مصدر معرفي من أجل التعامل مع عقل خرافي، لا بد من محاربته والتصدي له، مستبدلًا إياه بجملة من حقائق ومعطيات علمية تعيد كتابة تاريخ فلسطين.

كما تناول سخنيني، وفق إبراهيم، الكثير من الحكايات اليهودية؛ حكاية العودة إلى الأرض الموعودة، وشعب الله المختار، والهيكل الذي يحتل المكانة الأعلى في تاريخ إسرائيل القديم، ليثبت زيفها.
وخلصت إبراهيم إلى أن ما كان يعرضه سخنيني حول نماذج وأمثلة على تزوير الآثار واختراعها وتزييفها، لا يخرج عن قضية عصابة قامت على الزيف، فاخترعت تاريخًا نسجته بالحكايات والأساطير، وكان همه فضحها بكل ما يمتلك من طاقة تحليلية بحثية نقدية.

الاخبار العاجلة