صراحة نيوز – بقلم د ز صبري الربيحات
المالية العامة للدولة موضع اهتمام الناس والمراقبين على حد سواء. بالرغم من اننا نعيش اجواء الموازنة العامة حيث يغص الفضاء الاردني بالارقام حول الكلف والتخصيصات والعجز المحتمل الا ان الكثير من الارقام المقدرة للايرادات والنفقات الفعلية والمقدرة ما تزال غير مفهومة. الحديث عن الدمج والإلغاء والتقنين الذي ظهر في لغة الرئيس ووزرائه وهم يستعرضون حزمهم التحفيزية لا يعكس نفسه على الموازنة وارقامها بشكل واضح . التغيير والسرعة والانتقائية في القطاعات التي تشملها الحوافز الضريبية اضافة الى الجرأة على الاقتراض بالتزامن مع تدفق الاعانات يثير الكثير من الاسئلة والاستفسارات.
الارقام المتداولة حول المديونية والمساعدات والانفاق الرأسمالي والفروق بين ما يخصص للمشروعات الرأسمالية وما ينفق عليها امور تحتاج الى توضيح من قبل الحكومة واللجنة المالية للنواب. ففي الوقت الذي يعمل المجلس على دراسة الموازنة للعام القادم يسأل الناس عن طريقة احتساب المساعدات التي اعلن عنها مؤخرا وموقعها في الموازنة وفيما اذا كانت ستحسب في موازنة هذا العام ام الذي يليه . في اقل من شهرين تحدث الاعلام عن منح اوروبية والمانية وإماراتية وسعودية وأميركية تصل الى ما يقارب 2 مليار دولار.
الكثير من الناس يتساءلون عن واقعية التقديرات التي تتضمنها الموازنة وعن مصير الاموال التي خصصت لتنمية المحافظات ولم يجر انفاقها. بالنظر لهذا الواقع وكي تحافظ الحكومة والنواب على ما تبقى من ثقة فقد يكون من المفيد ان تقدم الحكومة للنواب تقييما لخطتها المالية ” الموازنة” عند نهاية العام وقبيل تقديم موازنتها للعام اللاحق.
في قراءة لموازنة 2019 ما يزال هناك الكثير من الاسئلة التي تحتاج الى اجابات فهناك سؤال حول مبررات الاقتراض الذي تجاوز 2 مليار واوجه انفاق هذا الاقتراض . المستغرب لدى الكثير من المراقبين ان يأتي هذا الاقتراض في نفس العام الذي استقبلت فيه البلاد اكثر من 2 مليار دولار على هيئة مساعدات ومنح . في الارياف والمحافظات يعبر البعض عن انزعاجهم من ظاهرة تدني الانفاق من الاموال التي خصصت للمشروعات التنموية ويتساءلون عن اسباب عدم تدويرها لحساب هذه المناطق حيث لم يتجاوز الانفاق على المشاريع في بعض المحافظات 20 % مما خصص لها.
الاسئلة التي يطرحها الناس ومطالبهم بإظهار كشوف الايرادات للخزينة واوجه الإنفاق التفصيلي لها حقوق طبيعية للناس وضرورة حتمية لبناء الثقة . في بلادنا وقبل ظهور علم الادارة الحديث وعلم المحاسبة وشركات التدقيق المرخصة والصديقة كان البدو والحضر والفلاحون والرعاة يقومون بعمليات حسابية دورية للتعرف على موجوداتهم من الحيوانات والحبوب ويحصرون أعداد المواليد من الاغنام والابقار والابل ليقرروا حجم القطيع ويسترشدوا في البيانات التي يجمعونها لتحديد كم من المواليد سيبيعون او يبقون ويقدرون حاجاتهم الاستهلاكية وحجم الفائض الذي سيتخلصون منه.
مصطلح “الجرد” معروف في معظم الاوساط. يستخدمه التجار واصحاب المحال التجارية والقرى. وهو عملية تقييم يقوم بها اصحاب المؤسسات التجارية لمعرفة معدوداتهم من السلع والوقوف على نشاطات البيع ومستوى التكديس في البضائع ومدى مطابقة الموجودات الفعلية مع سجلات الشراء والبيع. في عمليات الجرد السنوية يغلق التجار الأبواب ويوقفون عمليات البيع والشراء ويواظبون على إعداد القوائم ووصف اصناف البضاعة وأعداد ما دخل منها لمتاجرهم وعدد الوحدات التي تم بيعها والمتبقي منها.
في قرانا وقبل دخول الخصخصة كان التجار يجرون عمليات الجرد لمتاجرهم مرتين في العام احداها في شهر رمضان من اجل اخراج زكاة اموالهم والثانية في نهاية العام لتحديد الارباح والخسائر. مفاهيم الشفافية والوضوح لا معنى لها اذا لم يحصل الافراد على المعلومات المتعلقة بشؤونهم العامة. الاصل ان يحصل النواب على كافة التفصيلات ويقدمونها لقواعدهم بدلا من ترك الموضوع لتخمينات وتأويلات العامة.