للمرة الثانية خلال اسبوع واحد وكما هو شأنه دائما يؤكد جلالة الملك على بضرورة حماية الفقراء والطبقة الوسطى في ظل الظروف الصعبة التي نعيشها .
المرة الأولى كانت يوم أمس الأول الثلاثاء خلال لقاء جلالته في قصر الحسينية رئيسي مجلسي الاعيان والنواب واعضاء المكتبين الدائمين في المجلسين والثانية خلال لقاء جلالته يوم أمس الاربعاء بعدد من شخصيات محافظة عجلون على هامش الزيارة التفقدية التي قام بها جلالته لعدد من الأسر العفيفة .
وفي عجلون عاد جلالته ليؤكد من جديد على اهمية التنسيق والعمل بروح الفريق الواحد ” حكومة وأعيانا ونوابا ” لما فيه مصلحة الوطن ومواجهة التحديات وخدمة أبناء وبنات الأردن وهو الذي ما زلنا نفتقده بصورة جلية وواضحة .
لكن الجديد في حديث جلالته في عجلون ما كشفه بانه وجه الحكومة لتخفيض النفقات مشددا بهذا الخصوص لتخفيض الرواتب العليا للمسؤولين ومياوماتهم وامتيازاتهم التي يعرف الشعب انها لا تعد ولا تحصى .
مشكلتنا في الاردن في هذا السياق ليس فقط في الرواتب المرتفعة والامتيازات التي يحصل عليها كبار المسؤولين بل تتعدى ذلك وبخاصة في المؤسسات العامة ( الهيئات المستقلة ) وفي الشركات التي تساهم فيها الحكومة حيث الرواتب الخيالية اضافة الى عدم وجود اسس في اختيار ممثلي الحكومة ومعها مؤسسة الضمان الاجتماعي في عضوية مجالس الإدارة حيث انها تنفيعات ليس أكثر والأدهى ان بعض الاشخاص اعضاء في عدة مجالس .
لم أجد تفسيرا مقنعا في تقاضي اشخاص بعينهم عدة رواتب من خزينة الدولة في آن واحد وهنا لا أخص أحدا وانما على سبيل المثال ان رئيس حكومة سابق يتقاضى راتب تقاعد ومكافأة نظير توليه رئاسة مؤسسة حكومية ومكافأة أخرى نظير توليه منصب رئيس مجلس ادارة شركة حكومية ومجموع ما يتقاضاه يتعدى مبلغ الخمسة عشر الف دينار شهريا وان هناك وزراء سابقون يتولون مناصب أخرى بعد تقاعدهم واعضاء في مجالس ادارة يتقاضون ثلاثة رواتب تزيد في مجملها عن عشرة الاف دينار شهريا … ومثل ذلك يُولد الحقد والكراهية والقهر .
معروف ان هناك مجموعة كبيرة من الاردنيين ما بين مليارديرية ومليونيرية وهم قادرون على سداد مديونية الاردن كاملة لكن هيهات ان تتحرك ضمائرهم تجاه الوطن الذي يحتضنهم وفي المقابل إضطر الاردن مكرها ان يلجأ الى بنوك ومؤسسات عالمية للاستدانه ومنها البنك الدولي الذي بات البعبع للدول الفقيرة يتحكم في رزق ومعيشة ابنائها وحتى في سياساتها .
بيدنا ان نتخلص من هذا البعبع لو ادرك الأغنياء اهمية ذلك لهم ولابناء شعبهم ويتمثل الحل في أن يلتقيهم جلالة الملك شخصيا في جلسة عصف ذهني لإختبار مدى انتمائهم للوطن الذي يحتضنهم فعسى ان يخرجوا بمقترحات يقدموها من شأنها ان تساعدنا على تجاوز المحنة التي نمر بها .
بتقديري أن اغنياء الاردن بمقدروهم ان ( رغبوا ) بسداد مديونية المملكة الخارجية كاملة وذلك باطلاق الحكومة من خلال البنك المركزي لسندات دين تمنحهم فائدة مجزية ولفترة سداد مناسبة بدلا من تخزين أرصدتهم في البنوك الأجنبية
لكن ما تقدم يتطلب خطوة أكثر أهمية وتتمثل في ان يتولى ادارة شؤون الدولة اشخاص تسبقهم سيرتهم ومسيرتهم ولا اعتقد ان الاردن عاقر لم ينجب المخلصين الاوفياء والله من وراء القصد .
ماجد القرعان