خبراء.. التغيرات المناخية تحدث تحولات كبرى في حياتنا ومن حولنا

14 سبتمبر 2022
خبراء.. التغيرات المناخية تحدث تحولات كبرى في حياتنا ومن حولنا


وفق الخبراء فإن الوقت اللازم للحد من الاحتباس الحراري والتخفيف من آثاره بدأ ينفد، لكن الجهود اللازمة لتحقيق ذلك ما زالت دون المأمول.
يبدو أن العالم مقبل على تحولات كبرى في السنوات القادمة بسبب الظواهر المرتبطة بالتغيرات المناخية التي يعيشها الكوكب. ووفق الخبراء فإن هذه التحولات ستفرض في المستقبل نمطا حياتيا جديدا، إضافة إلى تأثيرات بيئية وصحية عميقة قد تهدد مصادر الغذاء والتنوع البيئي. إليك بعض ملامح هذه التأثيرات والتغيرات في السنوات القادمة.
الانبعاثات لا تزال تتزايد
وقد شهدت جميع مناطق الأرض تقريبا خلال العامين الماضيين مزيدا من الظواهر الطبيعية المرتبطة بالتغيرات المناخية. وكان صيف العام الجاري حافلا بتلك الأحداث، مثل الفيضانات التي عمت أجزاء واسعة من باكستان وموجات الحر والجفاف التي ضربت الصين وأوروبا لدرجة أن بعض المناطق عانت من نقص المياه الصالحة للشرب، مع انخفاض كبير في مستوى المياه في عدد من الأنهار الكبرى.
هذا في الوقت الذي تتنبأ فيه بعض النماذج المناخية بأن متوسط درجة حرارة الأرض سيرتفع حوالي 2.8 درجة مئوية إضافية خلال القرن الـ21 في حال ما إذا استمرت مستويات غازات الاحتباس الحراري في الارتفاع بالوتيرة الحالية.
وقد حذرت الأمم المتحدة عام 2018، من أن البشرية أمامها 12 عاما فقط لتجنب هذا التغير الكارثي المناخ. مما يعني أنه بحلول عام 2030، سنحتاج إلى خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية إلى النصف، لكن الوصول إلى هذا الهدف يبدو صعبا نظرا إلى أن الانبعاثات لا تزال تتزايد عاما بعد عام. لذلك يتوقع الخبراء أن يكون لهذه التغيرات المناخية تأثيرات واسعة على البشر وعلى المنظومات البيئية في المستقبل.
نمط حياتي جديد
ووفق تحقيق نشرته صحيفة “لوفيغارو” (Le Figaro) الفرنسية فإن هذه التحولات بدأت تفرض نمطا حياتيا جديدا في العديد من المجالات كالعمل والتنقل. ومن بين معالمه اعتماد منهج العمل عن بعد، وتقليص نسبة التنقل اليومي ما بين البيت والعمل، مع فرض رسوم على التنقل الحضري، إلى جانب تعميم النقل المشترك وهو ما يبدو أن قطاعات اقتصادية كثيرة ستعتمده للتخفيف من حدة التلوث من جهة، وتفادي مشاكل التنقل الكثيرة داخل المدن.
وسيمثل قطاع البناء واحدا من التحديات الكبرى التي ستواجه صنّاع القرار في المستقبل، إذ يرى المختصون أنه لا بد من إبداع طرق جديدة للبناء تكون أكثر تناسبا مع سلامة البيئة، باستخدام مواد بديلة من الإسمنت الذي تسببت صناعته في انبعاث ما بين 7% إلى 9% من الغازات المتسببة في الاحتباس الحراري على الصعيد العالمي، وفقا للصحيفة.
وتبقى المعضلة الأكبر في تجهيز البنايات تلك المتعلقة بالتكييف، إذ ينقل التحقيق عن الوكالة الدولية للطاقة أن عدد أنظمة التكييف سيتضاعف أكثر من 3 مرات ونصف بحلول عام 2050 ليقفز من نحو 1.6 مليار حاليا، إلى 5.6 مليارات وحدة، مما يعني ارتفاعا في نسبة انبعاث ثاني أوكسيد الكربون بـ50%.
تراجع المساحات المزروعة لتوفير الغذاء
وتشمل تأثيرات التغير المناخي الواسعة الغذاء والمياه أيضا. ووفق تقرير التقييم السادس للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ فإن معضلة توفير الغذاء والماء لسكان العالم في ظل تأثير التغيرات المناخية ستكون تحديا صعبا أمام الحكومات في المستقبل.
فالمحاصيل العالمية الحالية ومناطق الثروة الحيوانية ستصبح غير مناسبة بشكل متزايد بدافع زيادة السكان وتراجع مساحات الأراضي الزراعية التي ستصبح حوالي 8% منها غير مناسبة مناخيا بحلول عام 2100.
ومن المتوقع أن يخسر الصيادون في المناطق الاستوائية بأفريقيا ما بين 3 إلى 41% من محصول مصايدهم على الأقل بحلول نهاية القرن بسبب الانقراض المحلي للأسماك البحرية.
أخطار صحية إضافية
وتشكل التغيرات المناخية أكبر تهديد صحي يواجه البشرية في السنوات القادمة وفق منظمة الصحة العالمية. والتي تقدر أنه سيتسبب في حوالي ربع مليون حالة وفاة إضافية كل عام في الفترة بداية من عام 2030. وستكون هذه مرتبطة بشكل رئيسي بسوء التغذية والملاريا والإسهال والإجهاد الحراري.
وسيساهم ارتفاع درجات الحرارة أيضا في تدهور جودة الهواء، مما قد يزيد من خطر الإصابة بنوبات الربو وشدتها.
اضطراب في توزيع الأمطار
من ناحية أخرى، تؤكد العديد من المؤشرات أن ارتفاع درجات الحرارة سيزيد بشكل عام في تكثيف الدورة الهيدرولوجية العالمية، إلا أن ذلك سيؤدي إلى تأثيرات متباينة على نطاق واسع من منطقة إلى أخرى مع تفاقم نقص المياه بسبب انخفاض هطول الأمطار في العديد من مناطق العالم، وفق “الوكالة الأوروبية للبيئة” (European Environment Agency).
وتشير اتجاهات هطول الأمطار السنوية في أوروبا، على سبيل المثال إلى أن شمال أوروبا وشرقها سيشهدان زيادة في المتوسط السنوي لتدفق الأنهار وتوفر المياه. في المقابل، من المتوقع أن ينخفض متوسط الجريان السطحي في أنهار أوروبا الجنوبية. وستعاني بعض أحواض الأنهار في منطقة البحر الأبيض المتوسط والتي تواجه بالفعل إجهادا مائيا، من انخفاض كبير في توفر المياه، وفق الوكالة.
أخطار على التنوع البيولوجي
وتشير التوقعات الحالية إلى أنه عند مستوى الاحترار العالمي البالغ 2 درجة مئوية بحلول عام 2100، سيكون حوالي 18% من جميع الأنواع الموجودة على الأرض معرضة بشدة لخطر الانقراض.
وسيكون هذا الخطر مرتفعا بشكل خاص أيضا بالنسبة للأنواع المحبة للبرد التي تعيش في الجبال العالية أو في المناطق القطبية. ومن المتوقع كذلك أن تشمل حالات الانقراض الجماعي المناطق ذات الأهمية العالمية من حيث التنوع البيولوجي مثل الشعاب المرجانية الاستوائية والأعشاب التي تعيش في المياه الباردة والغابات المطيرة.
ووفق الخبراء فإن الوقت اللازم للحد من الاحتباس الحراري والتخفيف من آثاره بدأ ينفد، ولكن الجهود اللازمة لتحقيق ذلك ما زالت دون المأمول.
المصدر : لوفيغارو + مواقع إلكترونية

الاخبار العاجلة