صراحة نيوز – أبدى خبراء واقتصاديون مخاوفهم من خطورة ارتفاع نسب البطالة في المملكة، في ظل تنبه منظمات دولية ومراكز محلية، تعنى بالعمالة.
يأتي ذلك في وقت توافقت فيه نتائج تقرير دولي، أصدرته منظمة العمل الدولية أخيرا، مع توقعات دراسات وتقارير أصدرها المرصد العمالي الأردني، تنبأت بازدياد معدلات البطالة في الأردن في الأعوام المقبلة، نتيجة لجملة سياسات اقتصادية واجتماعية وضعتها ونفذتها الحكومات المتعاقبة، وتسببت بتعميق مشكلات القوى العاملة وتعزيز اختلالات سوق العمل.
وأعرب الخبراء عن إحباطهم من عدم الاهتمام الحكومي لهذا الموضوع الخطير بحكم الموروث السابق للحكومات في التجاهل وعدم المبالاة.
وأكد الخبراء، في حديث لـ “الغد”، على النتائج الاجتماعية التي ستتسبب بها معدلات البطالة في المملكة، وتحديدا تأثيرها السلبي على الأمن الاجتماعي وارتفاع معدل الجريمة.
وسجل معدل البطالة خلال الربع الرابع من العام 2017 رقما غير مسبوق منذ 12 عاما، حيث بلغ 18.5 %، في حين بلغ المعدل للذكور 15.4 % مقابل 30 % للإناث لنفس الفترة، وعند الشباب ما بين سن (16-24) من غير الجالسين على مقاعد الدراسة ما بين 32.0 – 40.0 ٪ وهي من بين أعلى النسب في العالم.
أمين عام وزارة العمل السابق، حمادة أبو نجمة، قال إن ما جاء في تقرير منظمة العمل الدولية صحيح ومؤشر خطير لمشاكل سوق العمل في الأردن.
وبين أبو نجمة أن تراجع معدلات النمو الاقتصادي سبب لعدم توليد فرص عمل ولكن لم نر أي برامج حكومية تتعلق بتحفيز أصحاب العمل أو جذب الاستثمارات المولدة لفرص العمل أو حتى دراسات لمتطلبات السوق وتحسين بيئته.
وقال: “للأسف الحكومة لا تولي موضوع البطالة اهتماما حقيقيا.”
وأشار إلى أن السياسات الاقتصادية لم تنجح في تقليل مستويات البطالة، ولا حتى السياسات التعليمية التي هي في معزل تام عن حاجة السوق للأيدي العاملة المناسبة والمتوافقة مع مخرجات التعليم.
وقال أبو نجمة إن شعارات الحكومة واستراتيجياتهم هي عبارة عن حبر على ورق لعدم وجود الجدية في التطبيق.
ولفت إلى أن دور اللاعبين في مجالس التشريع أو مؤسسات المجتمع المدني لا يؤدون دورهم بالشكل الصحيح، وهذا ما أدى إلى تفاقم المشاكل الاقتصادية ومنها البطالة.
وأضاف أبو نجمة أن “نسب البطالة في الأردن عالية وآخر احصائية وإن كانت مقياسا عاما كون الرقم الحقيقي أكبر بكثير .. هي نسبة تعتبر استثنائية وتشير إلى مرحلة خطرة”.
بدوره، قال مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية، أحمد عوض، إن “جميع ما ورد في التقريرين سواء الصادر عن منظمة العمل الدولية أو المرصد العمالي صحيح، ويكشف الأسباب الرئيسية وراء توقعات ارتفاع معدلات البطالة في الأردن”.
وعزا بيان المرصد “التراجع إلى أسباب عدة أبرزها: تراجع معدلات النمو الاقتصادي بشكل عام، وتراجع حجم المشاريع الصناعية التي تعد مشغلا رئيسيا للعمالة، إضافة إلى وجود اختلالات هيكلية في سوق العمل، سببه عدم وجود علاقة قوية بين معدلات النمو الاقتصادي وتشغيل الأردنيين، ووجود فجوة واسعة بين حاجات سوق العمل ومخرجات التعليم الجامعي والفني والمهني”.
ولفت إلى “وجود تخصصات يطلبها سوق العمل ولا توفرها مؤسسات التعليم الجامعي أو المهني؛ حيث أن جزءا كبيرا من فرص العمل المستحدثة تشغلها عمالة وافدة”.
وأكد بيان المرصد العمالي أن “سياسات الحكومات المتعاقبة، لم تساعد على خلق فرص عمل كافية لطالبيها من خريجي النظام التعليمي، ما أدى إلى تعميق مشكلات القوى العاملة وتعزيز اختلالات سوق العمل”.
إلى ذلك، تطرق عوض إلى خطورة ما ورد في التقرير، والذي سيؤدي بالتأكيد إلى ارتفاع نسب الفقر والتطرف وانتشار الجريمة، نتيجة فقدان الأمل بالمستقبل الآمن والحياة الكريمة.
ولفت عوض إلى أن الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي سوف يكون مهددا وعلى الحكومة أن تدق ناقوس الخطر وتغير نمط تفكيرها في معالجة هذه المشكلة.
وأكد ضرورة إعادة النظر في سياسات التعليم العالي والتركيز على التعليم المهني والتقني ورصد المخصصات اللازمة لذلك بحيث يتم تأهيل الشباب لمثل هذا النوع من العمل وفي نفس الوقت تحسين بيئة العمل لهم.
بدوره، قال الخبير الاقتصادي، زيان زوانة، إن عدم انتباه الحكومة لموضوع ارتفاع معدلات البطالة سواء سابقا أو حاليا هو في ذاته خطر كبير.
وبين زوانة أنه لايوجد أي تقرير يشير إلى انتباه الحكومة لهذا الموضوع سواء للأردنيين الموجودين داخل البلد أو المغتربين في الخارج والذين يعانون من سياسات اقتصادية تضيّق عليهم في البلاد التي يعملون فيها قد تعيدهم إلى الوطن.
وقال إن “ارتفاع نسب البطالة تزيد الأمر خطورة وتعقيدا وتأتي في ظرف امتعاض داخلي، نتيجة قرارات اقتصادية صعبة”.
وأكد زوانة على الفجوتين الأساسيتين اللتين تعيشهما الحكومة حاليا، الأولى الفجوة بينها وبين الشعب والتي تزداد يوما بعد يوم، والثانية تتمثل بعجزها عن تطبيق الرؤية الملكية.
وقال إن “جلالة الملك في العديد من اللقاءات شدد على ثلاثة أمور لم تتنبه لها الحكومة تتعلق بتدني مستوى الخدمات وتحديدا في قطاع النقل، وأهمية المحور الاقتصادي الذي يورده جلالته في خطاباته، وهو ما ورد في حديثه أخيرا مع طلاب الجامعة الأردنية.”
وبين زوانة أن الأمان الأجتماعي مهدد، في ظل احتقان داخلي وعدم استقرار خارجي، وفي ظل برلمان ضعيف.
وقال إن “منظمة العمل الدولية عندما تتحدث عن خطورة المشهد في موضوع البطالة في الأردن فإنه يدلل على مدى أهمية وضرورة تنبه الحكومة لذلك”.