مرةً أخرى، لأن الكرك (خشم لعقاب) تنوب عن شرفاء هذه الأرض وتقول الكثير؛ بينما تخرس عروس الشمال وتتناسى العائلات الأردنية التي أكلتها عمان وتتمَلْمّلُ جباهُ سكان الوسط ويميعُ المشهدُ أكثر في الشرق الذي يتحسسُ أعداد العشيرة كلّ يوم وكم ضابطًا فيها، كلهم يغفلون عن الوطن؛ بينما تنتفضُ الكرك، الكرك التي تغار على جيوبنا وتحترم شيبة كبارنا ولا يجمعها مدير مخابرات سابق ويتركها بعد اجتماع الناس حوله. الكرك التي لا تبيعُ أحدًا، ولم تُشْترَ.
لهذا، ولأن الكرك لنا، لا تخافوا على الأردن -أبدًا- فهي مثل عروس بِكر تحومُ الشائعاتُ حولها ونحن أمها التي تفهم أسرار ابنتها وتعرفُ أن أحمقَ الحيّ راودها عن نفسها فصدته، وانطلق بعدها بفمٍ مليءٍ بالإشاعات، والحرةُ حُرَة. والمركبات الأردنية لا تعرف القنابل، فالرجلُ الذي رخصَ مركبته “الكيا سيفيا” ودفع مخالفةً مخففةً لأن رقيب السير من بني حسن وهو عبادي، لا يفكر بقتل أبناء خالته الرماثنة أو زوج عمته الطفيلي، والأردنُ يا سادة قريةٌ صغيرةٌ في آخر أرياف القلب، وهي الوشمُ البدوي على حنك “فضية” التي تنتظر ابن عمها العجرمي ريثما ينهي تدريبه في الجيش ويوزع على ثكناتٍ عسكريةٍ قريبةٍ من “المشقر” بعد أن يتوسط له جاره العدواني، والعدواني كما نعرف في “مجلى” واحد مع العجرمي، وهذا عهد قديم منذ صايل وماجد.
العهدُ الأردني الكبير أنبلُّ من جشع الدواعش الوافدين من معابر الشياطين والخطأ الاستراتيجي، وأشرفُ من وزراء يرفعون نوافذ مركباتهم خوفًا من تلوث أبصارهم بجوعنا، عهدٌ مثل عهد “العَمّم” الذي تم بين العبيدات وبني صخر يوم “سدر المنسف وسدر الرصاص”، ومثلهم عهود كثيرة تشبه صولة الشقيرات والشريدة خلف تخوم الصريح عندما جاء الحويطات لطلب ثأر من متطلبات تلك المرحلة، فحدث ما حدث وحقن الدم عودة الله الخريشا. تلكَ أمةٌ عاشت مرحلتها ولم تنسَ الوِّد، فنحن ننسى انفلات الأمن في “كفر الماء” وسطوة “عمود السما الصخري”، وعراك مصران “الجندلية” في الرمثا بعد حرابة الشلالة.
كلنا شجرة الحنيطي في البلقاء، واختها شجرة القينوسي في الكورة، وبين شجرتين تنامُ أحلامُ الرجالِ بعروس لها عيون البقر وبِحَمْلٍ بعد عُقْمٍ طويل، شجرتان خفيفتان في الوهم كبيرتان في الحلم وتتطاير عليهما أمنيات الجدّات بأن يكون هذا الوطن هادئًا مثل طفل شبع من ثدي أمه وارخى ساقه اليمنى ليمضغ سبابته.
الأردنيون يا سادة لا يحبون الموت والكره والمذّلة والبؤس الأمني، جيشهُم من أبنائهم، ورايتهم أردنية -فقط- وصبرهم على فساد بعض أهلهم المتواطئين مع تخبط المناصب مثل صبرالأب الذي مضى له عزٌ كبيرٌ في شبابه وأمسى عاجزًا عن ضرب ابنه “بالقايش” ويصبر، لأن هذا الابن من “ظهره”، لكن لا ضرر من إعلان البراءة التامة من هذا الابن إذا “سوى الدنيه”، أو أي غلاءٍ فاحشٍ يجيءُ به المسؤول العابث، بعداد منصبه.
تَدَلَّلْ أيُهَّا الوَطَّنُ
علي عبيدات / كركي من الرمثا