دراسة تحذر: قلة النوم تجعلك أنانيا لا تميل إلى مساعدة أحد

21 سبتمبر 2022
دراسة تحذر: قلة النوم تجعلك أنانيا لا تميل إلى مساعدة أحد


“العالم ينام بشكل سيئ”، كان هذا عنوان تقرير نشرته مجلة “ميديسانا” (Medisana) الصحية الألمانية أواخر العام الماضي، جاء فيه أن “النوم السيئ أصبح كابوسا يؤرق العالم”، ففي ألمانيا وحدها يعاني 34 مليون شخص من اضطرابات في النوم دائمة، ويشعر نحو ثلث العمال بالإجهاد وعدم القدرة على التركيز.
كما أن ما يقرب من 10% من سكان الدول الصناعية الغربية (أكثر من 100 مليون أوروبي) يعانون من اضطراب النوم، وأظهرت نتائج أول دراسة أجريت عن النوم لعموم أفريقيا وآسيا أن “مشاكل النوم في العالم الثالث بدأت تُلامس المستويات الموجودة في الدول الصناعية”.
وما زالت المشكلة تزداد سوءا، فرغم تحذيرات العلماء المتكررة من أن “النوم السيئ يزيد من خطر الإصابة بالسكتات الدماغية والنوبات القلبية، وقد يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم، والاكتئاب، والسرطان، والسكري، والسمنة، وصولا إلى خطر الموت”؛ تُظهر الدراسات أن “الغالبية العظمى (نحو 70%) لا يتعاملون مع الأمر بجدية، ولا يذهبون إلى الطبيب”.
والتقرير يشير أيضا إلى أن نحو 50% فقط من الناس يأتون إلى عملهم وهم يشعرون بالانتعاش والراحة واللياقة البدنية، لإدراكهم لأهمية النوم الجيد، إلى جانب النشاط البدني والنظام الغذائي المتوازن.
لكننا اليوم بصدد دراسة جديدة لجامعة كاليفورنيا، تُسلط الضوء على عاقبة إضافية من عواقب قلة النوم.
نوم سيئ يعني إيثارا أقل
وفقا لصحيفة “هاف بوست” (HuffPost)، فإن الدراسة التي أجراها خبراء من جامعة كاليفورنيا شملت نتائج 3 دراسات سابقة؛ أظهرت أن “قلة النوم قد تجعل الشخص مُجهدا وغاضبا، وأقل استجابة لمساعدة الآخرين، وأن الناس يكونون أكثر أنانية بعد نوم سيئ”.
ورصدت الدراسة الأولى أدمغة 24 شخصا، نعموا بليلة من النوم الجيد، مقابل ليلة من النوم السيئ، ثم طُلب منهم ملء استبيان عن “السلوك المساعد”، وتدوين ما سيفعلونه في المواقف الصعبة، مثل رد فعلهم عند رؤية حيوان مصاب في الطريق، أو استعدادهم لترك مقعدهم لكبار السن في حافلة مزدحمة.
وعندما أخذ الباحثون صورا بالرنين المغناطيسي لأدمغة المشاركين، لاحظوا أن أجزاء الدماغ المرتبطة بالتعاطف كانت أقل نشاطا بعد ليلة من عدم النوم، كذلك “أظهر المشاركون انخفاضا ملحوظا في الرغبة في مساعدة الآخرين، في ظل ظروف الحرمان من النوم”.
أما الدراسة الثانية فقد تتبعت أكثر من 100 شخص عبر الإنترنت لمدة 3 إلى 4 ليال، من خلال معلومات مُبلغ بها ذاتيا، تقيس مقدار نومهم ومدى جودته، وسأل الاستطلاع المشاركين عن عدد المرات التي استيقظوا فيها، وعدد الساعات التي ناموها، ومتى استيقظوا. وأشارت النتائج إلى أن “ليلة من النوم السيئ أدت إلى انخفاض الرغبة في مساعدة الآخرين”.
لكن الدراسة الثالثة ركزت على تأثير التوقيت الصيفي على التبرعات الخيرية، من خلال تحليل بيانات التبرعات على مستوى البلاد من عام 2001 إلى عام 2016، ووجدت أن “الانتقال إلى التوقيت الصيفي كان مرتبطا بانخفاض كبير في سلوك الإيثار بالمال (التبرع)، مقارنة بالأسابيع قبل الانتقال أو بعده”، وذلك يعني أن “فقدان ساعة واحدة من النوم قد يؤدي إلى مزاج أسوأ، بسبب انخفاض الحساسية التعاطفية لاحتياجات الآخرين”.
الشاشات قبل النوم سبب رئيسي
من يرد نوما جيدا فلا بد أن يتجنب الشاشات، فقد يتسبب الضوء الأزرق المنبعث من التلفاز أو الحاسوب أو الهاتف بإبقاء أعيننا مفتوحة في الليل.
وثبت أن الضوء الأزرق يُثبط الميلاتونين، وهو الهرمون الذي يحتاج إليه الجسم للنوم، كما أن التركيز في الهاتف لا يترك للعقل فرصة للراحة ​​بعد يوم طويل، وهو ما أوضحته الطبيبة النفسية المعتمدة ساشا حمداني لصحيفة “هاف بوست” (HuffPost)، بقولها “إننا بتصفحنا للإنترنت، أو تنقلنا بين قنوات التلفاز؛ نسعى لإطلاق الدوبامين الذي يُفرز عند رؤية أشياء مثيرة للاهتمام، مما يجعل العقل مُنشغلا ونشطا، ومن غير المرجح أن ينغلق لننام”.
ويُشير تقرير “ميديسانا” إلى أن اضطراب النوم “قد يكون مرتبطا باستخدامنا المتكرر للهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر حتى وقت متأخر من الليل”، وذلك استنادا إلى مسح أجرته الجمعية الألمانية لأبحاث وطب النوم (DGSM) في عام 2017، توصل إلى أن “68% من الناس يستخدمون أجهزة الكمبيوتر المحمولة والهواتف الذكية في المساء، لمتابعة شؤونهم الخاصة، أو مهام متعلقة بالعمل، مثل الرد على رسائل البريد الإلكتروني. كما يصطحب كثير من الناس هواتفهم وأجهزتهم اللوحية في غرف النوم، لاستخدامها حتى وقت متأخر من الليل”.
الكهرباء عدو النوم
لمساعدة نفسك على النوم، ينصح اختصاصي طب النوم المعتمد جيفري دورمر بقضاء بعض الوقت في الشرفة أو الفناء، “للسماح للظلام والهدوء بتهدئة عقلك، بدلا من الضوء والضوضاء”.
كما توصي الجمعية الألمانية لأبحاث وطب النوم بضبط درجة حرارة الغرفة بحيث تكون باردة، كذلك التقليل من الكافيين والنيكوتين سيحسن نوعية نومك.
ومن المهم أيضا أن يكون لديك روتين لوقت النوم، وفقا لتوصية خبيرة النوم المعتمدة كارلي برندرغاست، “فإلى جانب الأنشطة المهدئة الأخرى، كأخذ حمام دافئ، أو قراءة كتاب، وما إلى ذلك؛ يأتي تحديد روتين للذهاب إلى الفراش في الوقت نفسه كل ليلة تقريبا، للمساعدة في ضبط الإيقاع اليومي (دورة النوم والاستيقاظ في الجسم)”.
أما تقرير “ميديسانا” فيُفضل إيقاف تشغيل الأجهزة الكهربائية في المساء، بما في ذلك شبكة “الواي فاي” (WiFi)، حيث “تتداخل الكهرباء بشكل خطير مع النوم، مما قد يجعل للأجهزة الكهربائية تأثيرا ضارا في وضع الاستعداد للنوم”.
أهمية الإيثار لصحتك
وللإيثار فائدة صحية مهمة، فإذا كنت لا تنام جيدا فلن تكون الأفضل والأكثر تقدما، لافتقادك ميزة الإيثار، وهي قيمة حيوية يمكن أن تُحسن رفاهيتك، فمساعدة الآخرين لا تجعلك تشعر بالرضا وحسب بل تُفيدك صحيا أيضا، والدراسات تشير إلى أن مساعدة الآخرين يمكن أن تؤدي إلى إجهاد أقل، بل قد تحافظ على مستويات أقل من الالتهابات في الجسم، حيث يأتي الإجهاد في مقدمة الأثمان الباهظة لقلة النوم.
المصدر : مواقع إلكترونية

الاخبار العاجلة