صراحة نيوز – تقدم دولة الإمارات العربية المتحدة نموذجا رائدا للتسامح خلال لحظتنا المعاصرة، إذ استطاع هذا البلد الخليجي المتفرد أن يؤوي بين ظهرانيه أكثر من مئتي جنسية دون تأجيج لأية نعرات أو حساسيات.
وتقدم التركيبة السكانية لدولة الإمارات صورة واضحة عن التعدد اللغوي والديني والثقافي، إذ يصل عدد المقيمين في البلاد إلى الملايين، كما أن نسبة الوافدين بالمقارنة مع المواطنين، تعد من بين الأعلى في العالم.
وإذا كانت الأمور قد سلكت هذا المنحى الهادئ، فلأن مؤسس الدولة، الشيخ الراحل زايد بن سلطان آل نهيان، كان حريصا، على إشاعة ثقافة قوامها الترحيب بالمهاجرين وتقديره لما يساهمون به في نماء البلاد وتطويرها.
وتتيح دولة الإمارات للمقيمين فيها أن يعيشوا خصوصيتهم الثقافية والدينية، دون أي مضايقات، إذ يرتاد المسيحيون الكنائس لإقامة شعائرهم في أكثر من مدينة، كما يقصد الهندوس معابدهم أيضا.
وفي وقت سابق، رحبت الإمارات بالزيارة “التاريخية” المرتقبة للبابا فرانسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، المقررة في شهر فبراير، للمشاركة في حوار عالمي بين الأديان.
وفي مساجد المسلمين، يؤدي أتباع الدين الحنيف شعائرهم وسط اعتدال وطمأنينة، بعيدا عن خطابات التشنج والتطرف التي يجري الترويج لها في بعض البلدان من قبل تنظيمات تبث الفرقة والفتن بين الناس.
وفي عيد الميلاد المجيد الذي يحتفل به المسيحيون في العالم، تتزين أسواق كبرى وشوارع في دولة الإمارات بشجرة الميلاد المتلألئة.
ولا تقف مظاهر التسامح في دولة الإمارات عند الجانب العقدي، ففي مناسبات أخرى ذات طابع ثقافي وتاريخي، تبرز صور أخرى من التعدد الكبير الذي يميز البلاد، فتتزين الأسواق بالزينة حين يحتفل الصينيون بسنتهم الجديدة، وفي نهاية ديسمبر يحج السياح من كافة البلدان حتى يحتفلوا برأس السنة.
وفي العاصمة الإماراتية أبوظبي، يعكس مسجد الشيخ زايد، وهو إحدى تحف المعمار الإسلامي والعالمي، صورة ناصعة عن الدين الحنيف، ويحظى الزوار بترحيب دافئ كما يغنمون جولة مجانية في أرجاء المعلمة.
ويستطيع الزوار الأجانب غير المسلمين أن يدخلوا إلى المسجد، وإذا كانوا بألبسة لا تليق بالمكان الديني، تقدم لهم أزياء محلية نظيفة حتى يتجولوا بها ويتعرفوا إلى جانب الهندام في ثقافة الإمارات، سواء تعلق الأمر بالعباءة أو بالعقال والغثرة.
وينظم المسجد جولات للزوار على رأس كل ساعة خلال النهار، وتتولى مرشدة بلغة إنجليزية رصينة تقديم شروحات عن مراحل إقامة المسجد والمعاني التي يحرص على تعزيزها في أدق تفاصيله.
وتكفل القوانين في دولة الإمارات للمقيمين أن يحافظوا على خصوصيتهم في اللباس، فالنساء يملكن حرية الحجاب، وفي السياق نفسه، بوسع الناس أن يضعوا الرموز الدينية التي تعبر عن انتمائهم العقدي، دون أي حرج.
وأتاح هذا الجو المنشرح تحويل الإمارات إلى أرض أحلام للمقيمين، فبغض النظر عن جنسياتهم وأديانهم، بوسع الناس أن ينالوا حظوظا للنجاح والرقي وتحقيق الذات.