د. أبوحمور: الاقتصاد محور أساس في مواجهة التحديات
العربية وحل الإشكالات الاجتماعية والسياسية
د. أبوحمور: الشراكة بين القطاعين العام والخاص أداة
لتحقيق تنمية اقتصادية في مواجهة الفقر والبطالة
د. أبوحمور: توجيه الاستثمار الخاص إلى مشاريع البنية
التحتية يؤدي للتغلب على مصاعب المياه والطاقة والنقل
د. أبوحمور: الشراكة بين القطاعين تحقق حكومة بكفاءة
عالية لرسم السياسات ومراقبة وتنظيم الخدمات
القاهرة- ًراحة نيوز – قال وزير المالية الأسبق د. محمد أبوحمور في الكلمة التي ألقاها بالمؤتمر السنوي السابع عشر للمنظمة العربية للتنمية الإدارية المنعقد في القاهرة يومي 11 و12/12/2017 تحت عنوان “الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص – أنماط جديدة للتنمية الاقتصادية”: إن الدول العربية تواجه حالياً ومنذ أكثر من 6 سنوات تحديات مصيرية، بسبب ما يشهده عدد من الدول من اضطرابات سياسية وعسكرية، فيما دول أخرى تعاني المصاعب جراء كلفة إيواء اللاجئين وتوفير الخدمات الإنسانية لهم، مشيراً إلى أن أسعار النفط التي تشكل مصدر الإيرادات الأساسي للدول المنتجة للنفط، ما زالت حتى مع إجراءات خفض الإنتاج دون المستوى المطلوب، في الوقت الذي أصبحت فيه الفرصة السكانية على الأبواب، وجهود إعادة الإعمار في الدول التي عصفت بها الأزمات تبدو قاب قوسين أو أدنى من الاستحقاق.
وفي هذا الصدد دعا د. أبوحمور إلى اتباع نهج علمي موضوعي في التفكير بكيفية توفير المتطلبات اللازمة للمواطن العربي وتحسين مستواه المعيشي، بما في ذلك توفير الخدمات الملائمة والبنية التحتية القادرة على مواجهة الطلب المتصاعد في مختلف المجالات الحياتية، وصولاً إلى مقاربات ومعالجات لمشاكل الفقر والبطالة من خلال تنمية اقتصادية مستدامة تستوعب الطاقات المتوفرة، وتتيح الاستفادة منها بأفضل السبل، وتفتح الأبواب لمستقبل مشرق للأجيال القادمة.
وشدد د. أبوحمور على أن مواجهة التحديات تتطلب العمل بشكل جاد على مسارات متعددة ومتكاملة، يشكل المسار الاقتصادي محورها الأساس، إذ يمكن من خلاله تشخيص العديد من المصاعب والإشكالات الاجتماعية والسياسية في أغلب الحالات، فضلاً عن ضرورة الاهتمام بموضوع النمو الاقتصادي الذي يمكن أن يساهم في تقديم حلول تعجز عن تقديمها الأدوات الأخرى، ولا سيما عبر جهود تحسين البيئة الاستثمارية بتهيئة الظروف الملائمة لتحفيز الاستثمارات المحلية وجذب الاستثمارات الخارجية.
وأكد د. أبوحمور أهمية الشراكة بين القطاعين العام والخاص باعتبار هذه الشراكة أداة تنموية يمكنها المساهمة في إيجاد فرص العمل، وبناء مشاريع البنية التحتية، وتوفير خدمات أفضل وأقل كلفة على المواطنين، وبالتالي تحقيق تنمية اقتصادية تشكِّل بدورها رافعة لتحقيق تنمية بشرية على وجه الخصوص، وتنمية شاملة مستدامة في مواجهة تحديات الفقر والبطالة.
وأوضح د. أبوحمور أن مفهوم الشراكة بين القطاعين العام والخاص يحمل العديد من الفوائد نتيجة العلاقة التعاقدية طويلة الأجل بين القطاعين، بحيث يصبح دور الحكومة ومؤسساتها متمحوراً حول رسم السياسات والاستراتيجيات للقطاعات المختلفة، ومراقبة وتنظيم الخدمات المقدمة للمواطنين، مما يساهم في تحقيق هدف استراتيجي يتمثل في حكومة صغيرة ذات كفاءة عالية. إضافة إلى أن خبرة القطاع الخاص في توفير التمويل لإقامة المشاريع وإدارتها يؤدي إلى نتائج ومخرجات أكثر كفاءة وفاعلية، سواء من حيث الإطار الزمني للتنفيذ أو من حيث كلفة ونوعية الخدمة المقدمة.
وأشار د. أبوحمور إلى أن الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص ينبغي أن تتمثل في برامج استثمارية هيكلية متطورة، ما يعني أهمية وجود فريق أساسي من الخبراء الذين يجيدون تصميم المشاريع وتقييمها، وتحديد المخاطر وإدارتها، والتمويل، والخبرة في الأسواق المالية الدولية. وفي هذا السياق فإن رفع عائدات المشاريع يمكن أن يترك آثاراً مهمة جداً على رفاه المواطنين، وتعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد الوطني. وهناك إمكانيات كبيرة في بلداننا العربية للشراكة بين القطاعين العام والخاص؛ بما في ذلك الدول التي تحتاج لإعادة الإعمار، وخاصة مشاريع البنية التحتية والمشاريع الاستراتيجية الكبيرة، التي يمكن عبر توجيه الاستثمار الخاص إليها المساعدة في التغلب على الصعوبات في مجالات المياه والطاقة والنقل.
وأكد د. أبوحمور أن نجاح مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص يتطلب توافر إطار قانوني ومؤسسي سليم، يوضح المبادئ التوجيهية لتنفيذ وإدارة الشراكات بين القطاعين، ويصف نطاق الشراكات المحتملة، مع توافر المبادئ والإجراءات لتنفيذ وتحديد الأدوار والمسؤوليات للمؤسسات الحكومية المسؤولة عن مشاريع الشراكة، فضلاً عن توافر آلية شفافة للعملية التنافسية وإجراءات التقييم وإحالة العروض، وهو أمر ضروري لضمان النجاح. كما يتطلب تطوير الشراكة بين القطاعين العام والخاص تحقيق التوازن الصحيح بين المخاطر والعائدات الخاصة والاجتماعية، ومراعاة العوامل المتعلقة بتقييد الجدوى الفنية والاقتصادية للمشاريع، فهنالك بعض المشاريع التي قد يكون لها تأثيرات غير مقبولة على الميزانية العامة، أو على الجوانب البيئية أو الاجتماعية.
وحول التجربة الأردنية في الشراكة بين القطاعين العام والخاص، أوضح د. أبوحمور أنه ومنذ بداية القرن الحالي نُفذ العديد من مشاريع الشراكة بين القطاعين في الأردن، بهدف تقليص أثر القيود التمويلية على البرنامج الاستثماري للقطاع العام، وتحسین مناخ الاستثمار، وتشجیع تنمیة القطاع الخاص من خلال استثمارات جدیدة في قطاعات البنیة التحتیة. وأشار إلى أن المشاريع في نطاق هذه الشراكة شملت قطاعات تخضع لقوانين خاصة بها مثل الطاقة والمياه، فيما هنالك شراكات في بعض القطاعات الأخرى أُخضعت لقانون التخاصية (رقم 25 لسنة 2000) الذي ألغي لاحقاً، وحالياً يتم السير بتنفيذ مشاريع الشراكة عبر وحدة الشراكة بين القطاعين العام والخاص التابعة لوزارة المالية، التي تعمل بالتعاون مع الجهات الحكومية الأخرى، ويجري تنفيذ المشاريع وفق أحكام قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص رقم 31 لسنة 2014، ونظام مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص رقم 98 لسنة 2015. وقد تم مؤخراً اعتماد مشروعات شراكة بين القطاعين بقيمة 200 مليون دينار أردني في مختلف المجالات الاقتصادية.
وأوضح د. أبوحمور أنه بالرغم من امتلاك الأردن خبرة جيدة في العديد من مشاريع الشراكة بين القطاعين، إلا أنه لا ينبغي التقليل من شأن تعقيدات الشراكة بين القطاعين العام والخاص ولا سيما فيما يتعلق بهياكل التمويل وإدارة المخاطر. كما أنه بالرغم من نجاح الأردن في اجتذاب العديد من الشراكات بين القطاعين العام والخاص، واستكمال الإطار التشريعي والمؤسسي للشراكة، إلا أنه ما زالت هنالك العديد المصاعب الإجرائية التي لا بد من التعامل معها.
ودعا د. أبوحمور إلى تبني مبادرة لإنشاء مركز خبرة إقليمي عربي في مجال الشراكة بين القطاعين العام والخاص بشكل مستقلّ أو تابع لإحدى الهيئات الإقليمية العربية أو الدولية، وذلك على غرار مركز الخبرة الأوروبي في مجال الشراكة بين القطاعين، الذي أنشىء لدعم قدرة القطاع العام على تنفيذ مشاريع الشراكة والبحث عن الحلول الملائمة للمشكلات المشتركة المتعلقة بالشراكة بين القطاعين في أوروبا.
كما دعا إلى وضع آلية لتنسيق الجهود العربية في هذا المجال وبشكل مؤسسي، بحيث تصبح المشاريع التي تم أو سيتم إقامتها بأسلوب الشراكة ما بين القطاعين العام والخاص مجالاً للتكامل وليس وسيلة للتنافس، مشيراً إلى أن التحديات التي تفرضها الظروف والمستجدات العالمية تتطلب التفكير جدياً بتعظيم الاستفادة من مقدراتنا الذاتية، نظراً لوجود أعباء كبيرة ومنافسة شديدة، وقال: لا مجال أمامنا إنْ أردنا بناء اقتصادات مزدهرة في منطقتنا العربية، إلا أن نتعاون ليشد بعضنا أزر بعض في مواجهة تحديات المنافسة العالمية، ولنستطيع جميعاً أن نكوِّن مشروعاً للتكامل يربح فيه الجميع، سواء على مستوى الدول أو على مستوى القطاعين العام والخاص.
يذكر أن المؤتمر السنوي السابع عشر للمنظمة العربية للتنمية الإدارية افتتح برعاية الأمين العام لجامعة الدول العربية السيد أحمد أبو الغيط، ويشارك فيه ممثلون عن الدول العربية وعدد من المنظمات الإقليمية والدولية، إضافة إلى خبراء وباحثين في التنمية والسياسات الاقتصادية.