صراحة نيوز –
نظم أصدقاء منتدى مؤسسة عبد الحميد شومان الثقافي يوم 13-7-2020 حوارية بعنوان تقييم تجربة التعليم الجامعي عن بعد “في ظل جائحة كورونا” تم بثها على منصة زووم، وعلى صفحة المؤسسة على فيسبوك، بعنوان تقييم تجربة التعليم الجامعي عن بعد، شارك فيها أستاذ علم الفيروسات في كلية الطب بالجامعة الأردنية معالي أ. د. عزمي محافظة، ورئيس الجامعة الأميركية في مادبا أ.د. نبيل أيوب، وخبير تقنية المعلومات أ.د. مصطفى ياسين – العميد الاسبق لكلية تقنية المعلومات بجامعة عمان الاهلية، وادارت الحوارية أستاذة الأدب الحديث والدراسات الثقافية في الجامعة الأمريكية في مادبا د. شهلا العجيلي.
***** وتحدث الاساتذة الاجلاء عن تجربة الجامعات الاردنية في التعليم الجامعي عن بعد وما اعتورها من اشكالات وما ينقصها من خطط ومحتوى ومنصات الى جانب عدم التهيئة سواء للاساتذة او الطلبة لهكذا نوع من التعليم والتعلم .
*** وقد ركز خبير تقنية المعلومات -العميد الاسبق لكلية تقنية المعلومات بجامعة عمان الاهلية – أ.د. مصطفى ياسين على العديد من النقاط الهامة في هذا المجال :
· حيث قال :
لقد فاجأت هذه الجائحة جامعاتنا وبنت نماذج للتعلم الإلكتروني، والتعلم المتمازج Blended، وغيره من النماذج، واعتمدت استخدام أدوات مثل Moodle أو غيرها، واستخدمت أدوات الاجتماعات عن بُعد مثل برامج Zoom, MS Meets, Google Meet, Adobe Connect, Zoho Meeting وباستخدام الشرائح والمحتوى المخزن بصورة رقمية تم إعطاء الدروس، فالواقع أن هذا جزء بسيط من مكونات التعلم الإلكتروني.
· واضاف : لنبدأ بالأساسيات، ونحتاج للتمييز بين المصطلحات ونعرف المقصود:
*** فالتعليم Teaching: هو عملية نقل المعرفة وتطويرها، والأساس بها تلقيني، فدور الأستاذ هو الملقن، والطلاب هم المتلقون، وما يعطون من مادة ستكون محط ومحور الاختبارات.
*** أما التعلم Learning: فهو استنتاج المعرفة والخبرات الجديدة والوصول إليها عن طريق التفكير من خلال مواد تعليمية مصممة بطريقة تؤدي إلى التفكير والاستنتاج.
فهل ينجح أي منهما بمنأى عن الآخر؟ من وجهة نظرنا الجواب بالنفي، فالطريقة المثلى أن يقوم المعلم بإدارة الفصل “الإلكتروني” “عن بُعد” أو “عن طريق التواصل” أو بأي وسيلة أخرى، بحيث يوظف المواد التعليمية/التعلمية Learning Objects، والتي صُممت لتحقق الأهداف التعلمية لمقرر ما، ولفصل ما، ولجزئية ما، بناء على أهداف تعلمية عامة وضعت للمقرر. Learning Objectives for the Course، وهي مجتمعة (لكل المقررات في الخطة التدريسية في برنامج معين ولدرجة معينة) تقود إلى تحقق الأهداف التعلمية بشكل متكامل للدرجة العلمية التي يسعى إليها المتعلم.
فهي إذن عملية متكاملة تقوم على بناء هيكلية وبنية Architecture للدرجات العلمية ومقرراتها وجزئيات كل مقرر، بحيث تتكامل البنية من خلال المقرارات وتتابعها ضمن سلسلات تقوم على أساس مجالات المعرفة المحددة لكل درجة أو برنامج، وتقود في النهاية إلى بناء أساس معرفي لدى حامل الدرجة يكون من خلالها قد تمكن من تحقيق الأهداف التعلمية وبالتالي نستطيع القول أننا نخرج خريجين مناسبين لدخول سلك العمل مزودين بالمعرفة، قادرين على تطبيقها، وليسوا مجرد حافظين مرددين لمصطلحات لا تدل على فهم عميق أو حتى (للأسف أحيانا كثيرة ولا حتى فهما سطحيا)، ولذا لا يستقيم الحال بتوفر “محتوى إلكتروني” يقوم على أساس تقليب صفحات (أو شرائح Slides) وقراءة ما بها ليستمع إليك الطلاب ويصابوا بالملل وعدم الجذب والتبلد الذهني، ويبدأ شحذ الذهن من قبل الطلاب: كيف نستطيع الإجابة على الأسئلة، هل نحفظ ويصبح من يحصل على العلامة الأعلى من حفظ أكثر، أم نبدأ في ابتكار أساليب متقنة للغش والحصول على المعلومات للإجابة على الأسئلة المتوقعة في معظم الأحيان، لأن الأسئلة هي عبارة عن اختبار للقدرات التلقينية.
· واستطرد بالقول : لذا رأينا أن قرار “ناجح/راسب” جاء لرفع الحرج، وللمساواة، أو قل للمساواة في الظلم، فليس هناك مقياس للتفاضل، وستكون المحصلة كأننا ألغينا هذا الفصل الدراسي بدون أي اثر على المعدلات وعلى التنافس، لأن معيار الاختبارات ليس عادلا، ولا يستطيع الأساتذة في مجملهم من تقييم أداء طلبتهم، باستخدام أدوات القياس الحالية ولم يوظفوا آليات أخرى لوضع معيار للتمايز بين طلبتهم. ونقترح على سبيل فحص هذه النظرية، أن يتم تحليل نتائج الفصل الثاني وتوزيع الدرجات في جميع الجامعات الأردنية، لنثبت صحة ما نقول.
· واكد ان عناصر العملية التعليمية، أو لنقل التعلم الإلكتروني، هي:
1) المحتوى الإلكتروني
2) البنية التقنية والنظم المعلوماتية والمحوسبة:
a. أدوات تقنية لإعداد المحتوى Authoring Tools، وإدارة التعلم Learning Management System (LMS)، أنظمة امتحانات Test System، بيئة تواصل وتعلم عن بُعد، …: لكل منها خواص ومزايا لتأدية المطلوب، وضمن إطار معلوماتي متكامل تتفاعل به المكونات لبناء المحتوى المطلوب
i. جميع الأدوات والمنظومات متوفرة مجانا Open Source، أو يمكن تطويرها محليا، ولذا لا يوجد كلفة حقيقية كبيرة هنا
ii. أدوات وبيئة تشبيهية للصف الافتراضي Virtual Classroom
3) المعلم، وهنا أساس العملية التعلمية، ونحتاج فيها:
a. قدرة على التعامل مع البيئة الجديدة
b. كيفية إدارة الفصل عن بُعد
c. القدرة على التفاعل لتحفيز الطلاب على التفكير، والبدء بمسار يحث على التفكير الناقد.. مركزا على ان الهدف: أن يتم تغيير ثقافة التعليم إلى ثقافة التعلم، وكيفية إدارة هذا التغيير، فبدلا من دور المعلم التلقيني، يصبح دوره مستفزا ومستثيرا للتفكير وحل المسائل “أو المشاكل”.
· واوضح : ان بناء المحتوى الإلكتروني ليصبح مناسبا للتعلم الإلكتروني، يشبه إلى حد بعيد عملية تحويل الرواية القصصية الأدبية إلى فيلم سينمائي، تدور به الأحداث، وتتحول الرواية إلى سيناريو، وأدوات ملموسة محسوسة تشكل عناصر المشاهد، ليقوم المخرج بإدارتها وإخراجها بشكل شيق متناسق، متسق، يؤدي إلى وصول الفكرة إلى المشاهد.
فبناء المحتوى الإلكتروني يقوم على أساس أن المعلم (سواء كان في التعليم الأساسي أو الجامعي، فسندعوه معلما) بوضع المادة العلمية وكتابة محتوى المنهاج المقرر، ليقوم بعد ذلك “مصمم التعليمات Instruction Designer” بكتابة القصة Storyboard وكيفية ربط عناصر المحتوى، وماذا يقترح من أدوات مساعدة، مثل الفيديوهات، المقالات، الأشكال والرسوم الجرافيكية، ويقوم المعلم بمراجعتها وتعزيزها و/أو التعديل عليها، ليتم بعد ذلك دور بناء وتطوير القصة لتصبح مكونات تقود إلى تقديم المحتوى لتحقيق مخرجات تعلمية Learning Outcomes كما هو مخطط للدرس، والمقرر، وبصورة متراكمة للدرجة العلمية، وبالطبع تتم عمليات ضمان الجودة والفحص، ليخرج المقرر واضحا سلساً بدون أخطاء. وليكون جاهزا للاستخدام وتوجيه الطلبة من قبل المعلم لتطبيق ما ورد وللتفكير فيما يعرض عليهم.
· واشار الى دور الطالب الذي يتمحور في الإعداد والتحضير والدراسة، واستخدام ما عرض عليه، كي يبني المعرفة، ويحقق الهدف المطلوب، فالطالب هو محور عملية التعلم سواء كان إليكترونيا أو غير ذلك، ودور المعلم هو ارشادي ومحفزا للطلبة.
· وسرد عدة نقاط اساسية نحتاجها للنجاح في هذا المجال منها:
1- يجب أن تقوم الجامعات بالإعداد لوضع خطط طويلة المدى تقوم على البدء ببناء منهجيات وآليات تعتمد التعلم الإلكتروني، وهذا ليس فقط في حالات الطوارئ وحالات قد تتكرر بها الجائحة، ولكن كمنهجية معتمدة للتعلم وآليات جديدة تستبدل الطرق النمطية.
2- بحاجة إلى نتخلى عن مبدأ يجب أن يحضر الطالب، وأن يتم حرمان من لم يحضر، وأن نُشغل المعلم بمتابعة ومراقبة طلبته، من دخل ومن لم يتفاعل أو غير ذلك من طرق التحقق التي تستهلك وقت وجهد المعلم، وإنما نجعل المحاضرة شيقة، بحيث ينتظرها الطالب ويتوق إليها، ولا يغيب عنها، أي أن ندخل المرح والفرح والمتعة إلى محاضراتنا بدلا من جعلها مملة غير قادرة على جذب الطلبة، وهذا أيضا يرتبط بالاختبارت التي يجب أن توضع بطريقة تجعل من لم يحضر المحاضرات غير قادر على الإجابة عليها.
3- نحتاج إلى إحداث ثورة في نمط التعليم، وهذا ليس في التعليم العالي فحسب، وإنما يجب أن نبدأ من التعليم الأساسي، وأن نضع الأسس هناك ليصل الطلبة إلى التعليم العالي جاهزين للبيئة التعلمية الإلكترونية، وأن نبدأ لنحصد ثمار ذلك نتيجة تغيير نمط التفكير والبدء في التفكير الناقد القادر على الابتكار ووضع أمتنا على طريق الابتكار والابداع.
4- نحتاج إلى تغيير أنماط التعليم وقوانينه، وأن تقوم الوزارة بالتوسع في برامج التعلم الإلكتروني، وأن لا يبقى حدود الجامعة بحرمها ومبانيها، ولا أن يتم تحديد أعداد الطلبة فيها، فالتعلم الإلكتروني يخترق الحدود والجغرافيا، وكذلك الأعداد، نحن لا ننادي بإلغاء الحضور إلى الجامعة وإلغاء دور التفاعل داخلها، وإنما إضافة عناصر جديدة تثري العملية التعليمية وتعززها، وترفد الاقتصاد بمصادر دخل إضافية
5-يجب أن يتم وضع خطة استراتيجية للتعلم الإلكتروني تقوم على إعداد المحتوى وبناء المقررات وما بها من دروس، لتتناسب مع تحقق الأهداف والمخرجات، وتعزيز البنية التقنية الداعمة، وتأهيل المعلمين وأعضاء الهيئة التدريسية للتعامل مع هذه البيئة والأساليب الجديدة للتعلم، وأن يتم اختيار فرد أو أكثر من كل قسم كي يكون هو من يتلقى التدريب ثم يكون هو من يدرب قسمه وزملاؤه، أي نتبع مبدأ تدريب المدرب Train The Trainer، وتقديم دورات تأهيلية لكيفية توظيف المحتوى الإلكتروني من أجل خدمة عمليات التعليم والتعلم ضمن هذه البيئة، وكذلك دورات تأهيلية لكيفية وضع اختبارات قياس تقوم على أساس اختبارات عن بعد، بدون رقابة، وتأخذ في الاعتبار قياس مهارات التفكير وتوظيف المعرفة واستنتاجها، وليس التعداد والتكرار والحفظ، مع التدريب على التعامل بوقت محدد والإجابة على أكبر قدر من الأسئلة بحيث لا يمكن تمضية الوقت في البحث ومحاولات الغش.
6-إدماج نشاطات تخدم المحتوى العلمي، وتقوم على أساس مجموعات للتعاون والتفكير الجماعي، وتنفيذ مشاريع جماعية تساهم في تنمية مهارات العمل ضمن فريق، وتسليم المهام ضمن وقت محدد، وغيرها من المهارات ذات العلاقة، والتنوع في نشاطات للتقييم بحيث تقل أهمية الاختبارات وبالتالي التمايز بين الطلبة في إعطاء العلامات.
· وخلص للقول : لا يمكن إصلاح وتحسين التعليم العالي، بدون البدء في التعليم الأساسي، فهذا هو الأساس، فإن نجحنا فيه وضمن استراتيجية متكاملة تبدأ من دور الأطفال والرياض، وتمر بالتعليم الأساسي ومراحله وأنواعه، وتنتهي بالتعليم العالي بمراحله وأنواعه، ودرجاته وبرامجه، ضمن سلسلة متصلة تؤدي في النهاية إلى الجودة والتميز وخلق أجيال مختلفة عن السالفة، وتكون ذات قدرة على التعامل مع معطيات متعددة ومتغيرة في عالم الذكاء الاصطناعي، وتعلم الآلة والروبوتات، وإدارة العالم باستخدام تقنية المعلومات والتقنيات المختلفة المتعددة، لنصبح منتجين وليس مستهلكين.