صراحة نيوز – وصف الناشط المصري الفلسطيني رامي شعث مصر بأنها “زنزانة كبيرة” بعد أسابيع على الإفراج عنه ووصوله إلى فرنسا، وذلك بعد ان قضى عامين ونصف العام من السجن، مؤكدّا إصراره على مواصلة النضال، رغم تعرّض عائلته للتهديد.
وقال شعث في مقابلة في باريس اجرتها معه وكالة فرانس برس “مصر اليوم زنزانة كبيرة، وأنا كنت في زنزانة أصغر بكثير”.
وأضاف “أصبحت دولة ترهيب بكلّ ما للكلمة من معنى”.
وشعث (خمسون عامًا) هو أحد وجوه ثورة كانون الثاني/يناير 2011 المصرية التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك، ومنسّق “حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات” (بي دي إس) ضد إسرائيل في مصر.
وأوقفت السلطات الأمنية المصرية شعث في الخامس من تموز/يوليو 2019 في القاهرة بتهمة إثارة “اضطرابات ضدّ الدولة” ومساندة “منظمة إرهابية”.
وقال شعث إن مئات الموقوفين الذين تشارك معهم زنزانات مكتظّة “كانوا متّهمين بالتهمة نفسها دون وجود أي دليل على صحّتها”. وتابع “هي بضع كلمات لتبرير إبقائنا رهن الاعتقال”.
وأشار شعث إلى أن معظم السجناء الذين كانوا معه في البداية كانوا من ناشطي المجتمع المدني أو من مناصري جماعة الإخوان المسلمين التي تسلمت الحكم بين عامي 2012 و2013، قبل أن يطيح بها الجيش، وتصنّفها الحكومة المصرية “إرهابية”.
وتابع أنه مع مرور الزمن، وصل إلى الزنزانة سجناء جدد اعتقلوا لأسباب أكثر اعتباطية مثل ضغط “إعجاب” على منشور معين على مواقع التواصل الاجتماعي لم يعجب السلطات.
وبحسب قوله، تَشارَك نحو 32 شخصًا زنزانة مساحتها 23 مترًا مربّعًا وفيها دش للاستحمام مع فتحة واحدة في الأرض لقضاء الحاجة.
وأشار إلى أن السجناء لم يخضعوا لمسار قانوني وكانوا يوضعون في السجن الانفرادي إذا تذمّروا، لافتًا إلى أن أحد أصدقائه توفي في إحدى الزنزانات العقابية التي تبلغ مساحتها مترًا مربّعًا واحدًا فقط.
وقال شعث إنه تلقى بعد الإفراج عنه “تهديدات وتحذيرات بألّا أنطق بكلمة وخصوصًا ألّا أتكلّم عن ظروف العيش في السجن والأوضاع القانونية للسجناء”.
وأضاف أن أفرادًا من عائلته لا يزالون في مصر تلقوا ايضًا تهديدات، لكن “شخصيًا، لا أقوى على النوم كلّ ليلة وأنا أفكر بمئات الأصدقاء وآلاف المصريين الأبرياء وهم يتعفّنون في الحجيم، ولا أتكّلم عنهم”.
لكن شعث لا يزال يأمل بمستقبل تكون فيه “مصر أفضل، إنسانية أكثر ويمكنني العودة إليها والعيش فيها، ويمكن لابنتي أن تعيش بأمان فيها مع عائلتها”.
وقال إن حركة مقاطعة إسرائيل “طريقة لاعنفية لمحاربة الاحتلال والدكتاتورية معًا”، معتبرًا أن “تنامي العلاقات الإقليمية بين مصر وإسرائيل جعلت الحكومة المصرية لا تريد سماع أي شيء داخليًا حول فلسطين”.
وعبّر شعث عن اعتقاده بأن معارضته تطبيع العلاقات بين إسرائيل ودول عربية بوساطة من إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، كانت دافعًا إضافيًا لاعتقاله.
وقال “هذا ما سمعته داخليًا: موقفي ضدّ “صفقة القرن” التي وضعها دونالد ترامب و(مستشاره جاريد) كوشنر وموقفي من الدور المصري فيها كان الدافع المباشر أخيرًا” للاعتقال.
وأضاف أنه عقب الانفتاح على إسرائيل، “أولئك المتسلطون الذين يقمعون شعوبهم يقمعون أيضًا تطلعات الشعب لفلسطين حرّة”.
ولا يعتبر شعث أن الربيع العربي فشل، وقال “بدأ الربيع العربي في العام 2011، لكن لم يحن وقت نهايته. التغيير أمر لا بدّ منه وسيحصل”.
وتابع “أرى أن النظام في مصر خائف وقمعيّ ودموي لأنه يدرك أن ما حدث في العام 2011 غيّر المصريين إلى اللاعودة”.